طريف هو إعلان أرييل شارون أنه سيقطع اتصالات غير قائمة أصلاً مع السلطة الفلسطينية، كرد lt;lt;سياسيgt;gt; على lt;lt;عملية المنطارgt;gt; الفدائية تمهيداً لمزيد من العمليات العسكرية التي لم تتوقف يوماً، اغتيالاً ونسفاً للبيوت وتجريفاً للأرض لمد جدار الفصل العنصري، وتعطيلاً لدورة الحياة في مجمل الأراضي الفلسطينية المحتلة.
لم ينفع نجاح الفلسطينيين في الامتحان الدولي الذي فُرض عليهم لإثبات أهليتهم لممارسة lt;lt;الديموقراطيةgt;gt;، استمر قتل lt;lt;الناخبينgt;gt;، بغير خوف من مئات lt;lt;الخواجاتgt;gt; الذين جاؤوا ليشهدوا للاحتلال الإسرائيلي أنه lt;lt;متمدنgt;gt; ومرهف المشاعر تجاه lt;lt;الديموقراطيةgt;gt;، وأنه أرقى بما لا يقاس من هؤلاء lt;lt;الإرهابيينgt;gt; الذين لا يعرفون إلا لغة الرصاص والدم.
لم تبدل الانتخابات حرفاً في المشروع الإسرائيلي، وبالطبع لم يكن متوقعاً منها أن تبدل في عقيدة أرييل شارون الذي لم يعترف يوماً بالسلطة الفلسطينية lt;lt;شريكاًgt;gt;، ولم يقر بحق شعب فلسطين في أرضه، ولم يكن قراره المبدئي بسحب lt;lt;المستعمرينgt;gt; من غزة إلا محاولة لطمس حقيقة أنه يكاد ينتهي من ضم أراضي الضفة الغربية جميعاً عبر توسيع المستعمرات فيها، وتقطيع أوصال بشرها بجدار الفصل العنصري.
ظل معدل شهداء الإرهاب الإسرائيلي المفتوح ثابتاً طوال lt;lt;الحملات الانتخابيةgt;gt;، ورافق عمليات الاقتراع، واستمر بعد هذه وتلك.
وحتى إذا ما تناسينا الاضطهاد الذي مارسه الاحتلال الإسرائيلي على lt;lt;الناخبينgt;gt; من أهالي القدس، والمصاعب الهائلة التي فرضتها حواجزه في مختلف الأنحاء، فلم يصدر عن شارون وطغمته كلمة واحدة ترى في هذه الانتخابات تطوراً يستدعي فتح الباب أمام الاتصالات المحظورة.
لكأنما كان شارون يريد من الانتخابات أن تكون فرصة لتجريد الفلسطينيين من السلاح، ورفع أيديهم استسلاماً أمام lt;lt;عرضgt;gt; لم يقدمه أصلاً... أما وأن ذلك لم يتم فلا معنى لاختيار lt;lt;رئيسgt;gt; جديد متواضع في مطالبه، معترض بالسليقة على السلاح الفلسطيني، حسن الظن بأكثر مما يجوز في lt;lt;جنوحgt;gt; أرييل شارون إلى lt;lt;السلامgt;gt;، ومتفائل بأكثر مما تسمح به حقائق الحياة بإرادة الإدارة الأميركية في إقامة lt;lt;دولتينgt;gt; على أرض فلسطين، ولو كانت إحداهما مطوية في بطن إسرائيل وعزلاء، لا فقط من السلاح بل من القدرة على الاعتراض ولو بالهمهمة والأنين!
لقد قطع شارون اتصالات غير قائمة أصلاً، مع lt;lt;سلطةgt;gt; لا يعترف عملياً بها، ويسعى عملياً لتذويبها حتى تندثر تماماً.
إنه يحاصرها عسكرياً واقتصادياً، ولا يعترف بها كطرف مفاوض سياسي، ولا يتوجه إليها إلا بأوامر تدفع بها إلى التصادم مع شعبها، فإن هي تورطت في مثل هذا الانتحار الذاتي أنهت نفسها بنفسها، وإن هي امتنعت عنه فقدت lt;lt;أهليتهاgt;gt; التي قد تبرّر اعترافه بها.
ومع الأخذ بالاعتبار أن محمود عباس قد فاز بالرئاسة بأكثرية مقبولة وفي انتخابات شهد العالم بنزاهتها، فإن شارون لن يقبل الجلوس معه إلى طاولة المفاوضات. فهو عملياً لا يعترف بشعب فلسطين ذاته، ولا باتفاق أوسلو، ولا بخريطة الطريق، ولا بأي مشروع للتسوية عرض أمس أو سيعرض غداً.
شارون يرفض lt;lt;فلسطينgt;gt; وlt;lt;الفلسطينيgt;gt;، كل فلسطيني، لا فرق بين عرفات وعباس، ولا بين lt;lt;المتصلبينgt;gt; تحت لواء الانتفاضة وبين القابلين بأي تسوية تعرض عليهم ومهما كنت بائسة.
لذلك فمن التجني، فضلاً عن أنه من الغباء السياسي، التذرع بهذه العملية الاستشهادية أو تلك لاختلاق المعاذير لشارون في قطع مفاوضات لم تقم أصلاً في أي يوم... وحتى عندما lt;lt;التقىgt;gt; شارون بعض المسؤولين الفلسطينيين فإنه إنما كان يفعل ذلك كنوع من lt;lt;العلاقات العامةgt;gt; والترويج لصورته وإعفاء الإدارة الأميركية من حرج باهت تجاه العرب جميعاً لا تجاه الفلسطينيين فحسب، وبهدف تخفيف lt;lt;الضغطgt;gt; عنها وجيوش احتلالها تفتك بالعراقيين على امتداد مساحة أرض الرافدين.
المشكلة هي شارون وخططه التوسعية وليست نوايا محمود عباس أو مدى lt;lt;سيطرتهgt;gt; على تنظيمات المقاومة التي تحاول، بإمكاناتها الضعيفة، أن تدافع عن حق الشعب الفلسطيني في أن يبقى فوق أرضه في انتظار تسوية لا تأتي لأن القادر على فرضها متواطئ مع المحتل.
وشارون محاصِر عرفات حتى الموت هو هو شارون الذي سيبتز محمود عباس، كل يوم، بالضغط عليه للتصادم مع شعبه.. فإذا فعلها انتهى، أما إذا lt;lt;قاومgt;gt; فسيصنف lt;lt;إرهابياًgt;gt; في واشنطن كما في تل أبيب!