بغداد‏ من‏ محمد الأنور: تعتبر العشائر العربية أحد أهم اركان المجتمع العراقي بل تكاد تكون حاليا الركن الاول فيه‏,‏ وعقب سقوط النظام العراقي السابق في التاسع من ابريل‏2003‏ برز دور العشائر العربية التي حاول النظام تجنيدها بالعديد من الوسائل للوقوف في مواجهة الغزو الامريكي ورغم نجاحه الي حد ما في ذلك الا ان المحصلة النهائية كانت الفشل في الحشد الكامل لها لممارساته ضد العشائر وتقريبه هذه العشيرة وإبعاده لتلك مع تبادل الإبعاد والتقريب والقمع ايضا علي الجميع وحسبما كان يري النظام‏.‏
والآن وبعد ما شهده العراق من احداث وتطورات برز وبقوة دور العشيرة وسلطتها سواء في مواجهة الاحتلال او في التحالفات الانتخابية فأصبحت العشيرة محورا للمقاومة اذا تعرض احد وجهائها لاعتداء او اهانة من القوات الامريكية وهو ما حدث بالفعل في الكثير من المناطق نتيجة لجهل القوات المحتلة بتركيبة المجتمع العراقي اما علي الصعيد الانتخابي فيمثل الشق العشائري نقطة هامة في العملية الانتخابية وربما يكون اعلان قبائل الدليم في محافظة الانبار مقاطعة الانتخابات القادمة بسبب قتل القوات الامريكية أحد شيوخها دليلا علي قوة هذه العشيرة في محافظة الانبار المشتعلة حاليا والتي كانت تحمل في السابق اسم‏(‏ اقليم الدليم‏).‏
وبالعودة الي الاسباب التي اعادت للعشيرة دورها الاجتماعي السياسي فإنه مردود الي أمرين اولهما هو غياب حكم المركز‏(‏ بغداد‏)‏ خلال عام تقريبا‏.‏
ثانيهما الفراغ الذي تشهده الساحة العراقية ومواجهة المجهول‏(‏ الاحتلال‏)‏ ترتيباته جعلت من العودة الي الجذور العشائرية لأي شخص امرا طبيعيا حتي وان كان لا يؤمن به توفيرا للحماية وتأمينا للمستقبل في واقع تسود فيه القوة بمختلف انواعها‏,‏ رغم ما قد تحمله الصيغة العشائرية من بعض السلبيات الا انها في نظر الكثيرين وهو امر صحيح أحد صمامات الامان المانعة لانجرار العراق الي حرب اهلية مذهبية لأن الكثير من العشائر ينقسم ابناؤها بين المذهبين الشيعي والسني ويحكم بينهما شيخ عشيرة واحد بغض النظر عن مذهبه يضاف الي ذلك ان الغالبية العظمي من العشائر العربية شيعية كانت ام سنية ترتبط بعلاقات نسب وقربي ممتدة بل ان نسبة لا بأس بها منها شهدت تحولات مذهبية خلال القرن الماضي بين المذهبين ورغم وجود اكثر من‏60‏ تنظيما وجهة تمثل شيوخ العشائر العراقية الا ان هناك توافقا بين هذه التنظيمات التي تكاثرت مثل الاحزاب العراقية من ناحية العدد فقط اما من ناحية الفاعلية فهي فاعلة وان اختلف رؤساؤها سياسيا فإنهم لا يختلفون عشائريا‏.‏
وتمتد العشائر من جنوب العراق الي شماله وتسيطر العشائرية بقوة في الجنوب الهاديء ويشهد توافقا واتفاقا علي اجراء الانتخابات في موعدها بخلاف الوسط والغرب ويغلب عليه الطابع الشيعي في مجمله ولا يخلو من السنة واذا بدأنا من البصرة تجد عشيرة السعدون الممتدة من البصرة الي الناصرية ويمثل السنة غالبيتها وتمتد عشيرة بني لام من البصرة الي العمارة وتعد عشيرة بني تميم من اكبر عشائر البصرة بجانب السعدون ويعتنق معظم افرادها المذهب الشيعي بجانب عشائر بني كعب وربيعة وزبيد‏,‏ وتمتد عشيرة عبادة من البصرة الي الناصرية والعمارة افرادها من الشيعة اما عشيرة شمر فهي ممتدة من البصرة الي مختلف الانحاء بالعراق وينتمي ابناؤها بالجنوب الي المذهب الشيعي اما في الوسط فهم خليط من الشيعة والسنة بينما يعتنق ابناؤها المذهب السني في غرب العراق وشماله واليها ينتمي الرئيس العراقي الحالي غازي الياور‏.‏
أما منطقة الفرات الاوسط‏(‏ كربلاء ـ النجف ـ الحلة ـ الديوانية ـ السماوة‏)‏ فتعد عشيرة الظوالم الأقوي والاكثر شهرة في السماوة وإليها ينتمي شعلان أبو الجون احد قادة ومفجري ثورة العشرين‏,‏ الي جانب عشائر اخري اهمها الحجيم وخفاجة وآل خدام‏,‏ وتمتد عشيرة الفتلة في المشخاب والديوانية وكربلاء والحلة‏,‏
وتعد عشيرة الخزاعل الاقوي والاكثر سيطرة في الديوانية والناصرية والسماوة واليها ينتمي حازم الشعلان وزير الدفاع العراقي الذي يفضل اسم الشيخ علي لقب السيد الوزير‏(‏ شيعية‏)‏ وتنتمي اليها ايضا د‏.‏ رجاء الخزاعي عضو مجلس الحكم السابق والي جانب الخزاعل توجد عشائر اخري متداخلة معها فهناك آل بدير وآل شبل بالديوانية وبني حسن في العباسية بين النجف وكربلاء.
وتعد عشائر الحميير والحسناوية والخفاجية من العشائر القوية في كربلاء الي جانب اسر من السادة الذين يقولون بانتمائهم لنسب الرسول صلي الله عليه وسلم وهم محط احترام من الجميع وفي النجف الاشرف تتربع عشيرتا خفاجة وبني حسن علي قمة الهرم العشائري الي جانب السادة الياسرية ولهم حضور قوي في قري وضواحي النجف والي جانب هذه العشائر هناك اسر ارتبطت بالنجف واستقرت فيها وهي ما اطلق عليه الاسر الحوزوية القديمة كاسرة بحر العلوم والحكيم والفياض والوائلي وكاشف الغطاء والصدر والموسوي وجميع هذه الأسر والعشائر شيعية‏.‏
ومع الاتجاه شمالا خاصة تجاه الحلة‏(‏ بابل‏)‏ يزداد التداخل العشائري المذهبي فيتوزع ابناء شمر بين السنة والشيعة ويبدأ ظهور ابناء الدليم الشيعة‏(‏ البوعلوان‏)‏ ومن المفارقات التي تشهدها هذه المحافظة ان أبناء عشيرة الجنابي المنقسمين الي شيعة وسنة كل منهما متعصب جدا لمذهبه فبينما يكون ابناء الجنابي في الحلة وجنوبها شيعة متعصبون جدا لمذهبهم يكون اشقاؤهم بشمال الحلة في مناطق اللطيفية وجرف الصغر وبعض مناطق المسيب سنة متعصبون ايضا‏.‏
إلي جانب عشيرة شمر الممتدة من الشمال العراقي حتي اقصي الجنوب هناك ايضا عشيرة الجبور الذين يعتنقون المذهب الشيعي بدءا من جنوب أطرا الي اطراف بغداد الجنوبية بينما ابناء الجبور سنة بدءا من شمال بغداد وغربها حتي اطراف مدينة الموصل شمال العراق ويمتزج ابناء الجبور شيعة وسنة في العاصمة العراقية‏.‏
أما محافظة ديالي‏(‏ شمال شرق بغداد‏)‏ فإن جو العشيرة هو المسيطر وتسود عشيرة العزاوي‏(‏ شيعة ـ سنة‏)‏ معظم أقضيتها ونواحيها تليها عشائر الزبيدو الجبور والعبيد والقيسيين‏(‏ مختلطة بين الشيعة والسنة‏)‏ وهناك حضور لعشائر كردية وتركمانية في بعض مناطقها وتزداد نسبة الكرد الفيلييه في هذه المدينة حيث إنهم الوحيدون الذين يعتنقون المذهب الشيعي من الأكراد وبالاتجاه غربا وتحديدا محافظة الأنبار‏(‏ ثلث مساحة العراق‏)‏ نجد عشائر الدليم وشمر والجبور والعبيد السنية القوي والكثر حضورا فيها أما بالنسبة لمحافظة صلاح الدين شمال بغداد فإن الغالب فيها هم عشيرة البوناصر التي ينتمي اليها الرئيس السابق صدام حسين والرئيس الاسبق احمد حسن البكر وتأتي بعدها عشائر الجبور والعبيد والعزة والمشهداني والخزرج وجميعها باستثناء الأخيرة سنة‏,‏ أما في محافظة نينوي‏(‏ الموصل‏)‏ فهناك عشائر الجبور والعبيد وشمر وربيعة والحمداني وجميعهم سنة وينقسم السنة في مناطق وسط وشمال العراق حيال مسألة الانتخابات ويري الكثيرون منهم أنه من الأفضل تأجيلها حتي يتمكن الجميع من المشاركة بها‏.‏
بقي أن نشير الي ان العشائرية في العراق لا تقتصر علي الغرب وحدهم هناك عشائر كردية وعلي رأسها الجاف والزيباري وزنجنة والبورواري والطالبانية وغيرها ونفس الشئ يمتد الي التركمان حيث عشائر البيات وغيرها وهو مايجعل من الساحة العراقية ساحة معقدة وصعبة التحليل نظرا لما تحمله من تعدد وتنوع وتناقض‏.‏