الأغلبية بين الشعوب العربية دون سن الثلاثين، ورغم أنها أغلبية متذمرة إلا ان حالة التذمر لا تبدو على وشك الانفجار، ولكن إلى متى تبقى الحالة كذلك؟هذا التساؤل يطرحه الإعلامي العربي الكبير رامي خوري في مقالة صحافية يحذر فيها من «تسونامي سياسي» في العالم العربي.يتحدث رامي عن ثلاثة أشكال سلوكية سائدة بين فئات الشباب في العالم العربي عموماً تنطوي على «علامات تحذيرية».
العلامة الأولى هي الرغبة العامة بين الشباب العربي في الهجرة إلى الغرب سعياً إلى الحرية الشخصية والفرص الاقتصادية التي حرموا منها في الوطن.والعلامة الثانية تتمثل في سخرية الشباب العربي من الحياة السياسية في بلدانهم واحتقارهم لها.
أما العلامة الثالثة ـ والأشد خطورة كما يقول خوري ـ فهي جنوح الشباب نحو اعتناق المواقف والرؤى المتطرفة تجاه الأوضاع السياسية الداخلية أو القوى السياسية الخارجية أو تجاه الدين.
هذه العلامات الثلاث لا تنطلق من فراغ، فهي نتاج ظروف وتطورات أبرزها ان الشباب العربي يجدون أنفسهم في حالة إقصاء عن الساحة السياسية الداخلية بسبب القمع المنهجي للحريات الذي تمارسه الأنظمة الحاكمة.
وهناك أيضاً التدخل الخارجي في شؤون الدول العربية بشكليه السياسي والعسكري بما يسيء الى الكرامة الوطنية وبالتالي يستفز مشاعر الشباب. ومن أبرز الظروف السالبة أيضاً ما تواجهه الأعداد المتضاعفة من الشباب من بطالة في اطار حالة معيشية بائسة تحشد في نفس الشباب كل مشاعر المرارة.
ويوجه الإعلامي خوري انتباهنا في هذا السياق الى ان الضغوط الاقتصادية على الشباب، وعلى الشعوب العربية عامة، تزداد يوماً بعد يوم بسبب صعوبة الحصول على الخدمات الضرورية الأساسية كالعناية الطبية الكافية والتعليم المحترم ووسائل التنقل، وهذه الصعوبة مرشحة للمزيد من التفاقم كلما توسعت الحكومات العربية في خصخصة المؤسسات الخدمية كالمستشفيات والمدارس والجامعات وشبكات المواصلات والاتصالات.
«انتبهوا أيها السادة»! هكذا يصرخ رامي خوري محذراً من أن أشد الظواهر خطورة في العالم العربي اليوم تتمثل في امتزاج شباب محبط سياسياً وبائس اقتصادياً مع أمل ضئيل في حلول مستقبل أفضل وغياب وسيلة سلمية لتغيير هذا الوضع.
وهو وضع أدى الى خلق بيئة سياسية واقتصادية واجتماعية من القلق والغضب وخيبة الأمل والشعور بالهوان.. وهي تبقى ذات قابلية للاستغلال بواسطة القوى السياسية المتطرفة.
من على السطح يبدو الحال في العالم العربي ساكناً وهادئاً لكن بيئة التذمر بين الشباب هي أشبه بالسطح الهاديء للمحيط الذي تتنامى تحته توترات وقوى عارمة مع مرور الزمن. وفي يوم ما فإن هذه القوى قد تنفجر كما جرى في الزلزال البحري الذي ضرب شرق آسيا في شكل موجات مدية دمرت الحياة البشرية على السواحل.

*ما هو المطلوب إذن؟
رامي خوري لا يقدم مقترحات محددة لكنه يحذر من انه إذا رفضت الطبقات الحاكمة في العالم العربي مخاطبة التوترات والضغوط المتنامية في المجتمعات العربية «فإننا لا ينبغى أن نندهش ذات يوم إذا اندفعت موجات الغضب بقوة تدميرية».
وما يمكن أن نستخلصه من هذا التحذير الحكيم هو ان الخطوة الاستهلالية هي أن تواجه الطبقات الحاكمة الواقع المرئي وأن تقر بخطورته، بمعنى آخر أن تستيقظ مؤسسات السلطة لتدرك ان الأوضاع السائدة غير مرشحة للصمود طويلا.
وإذا تبلور مثل هذا الإدراك فإنه سيعني قبولاً مبدئياً لإحداث تغيير.. وإلا فإن حدوث «تسونامي» بشري قد يكون حتمياً.