يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يتوقف عن اندفاعه لجهة رفع حصار السلاح، الذي فرضه ضد الصين، بسبب أعمال القتل التي اقترفت في ساحة تيانامين عام 1989، لأن أوروبا وبذلك، كأنما تستعد للبرهنة على أن الأشخاص المخطئين مصيبون في اعتقادهم بأن الكبار ينسون كل شيء بشأن الانتهاكات الفظة لحقوق الانسان، عندما تدعو المصالح الاقتصادية «البزنس» الى ذلك.
وتوقظ وفاة الزعيم الصيني جاو زيانغ خلال هذا الأسبوع في بكين، مثل تلك المخاوف، وهو الزعيم الذي فعل أكثر من أي شخص آخر من أجل خلق صين ما بعد ماو، يوم أن بدأت اصلاحاته الاقتصادية والسياسية في ثمانينات القرن الماضي بتحرير الطاقات التي جعلت من الصين محور التصنيع في العالم. غير أن رفاقه ومن جاءوا بعده، أجبروه ليعيش ويموت في غموض بدلا من مواجهة الحقيقة حول ما كانوا قد فعلوه.
وللتذكير، فما فعله جاو كان هو البكاء والاعتذار والتعبير عن الحزن، عندما طلب من متظاهري تيانامين، أن يعودوا الى بيوتهم. وكان جاو يعرف، ولكنه لم يقل، إنه كان قد فقد الحجة في المكتب السياسي، الذي كان يعد لإرسال القوات لشوارع بكين مع أوامر بإطلاق النار والقتل بدلا من السماح باستمرار المعارضة العلنية.
وإلى ذلك نظر دنغ هسياو بنغ لإبداء تلك المشاعر الانسانية من قبل جاو (البكاء) أمام الآخرين، باعتباره جريمة لا تغتفر، واعتبر دنغ ان النظام سيدفع القليل نسبيا خارجيا بوضع جاو تحت الاقامة الجبرية، (حيث بقي لفترة تقرب من 16 عاما)، فيما قتل آلاف المتظاهرين السلميين في الصين، وأبلغ العالم بصفاقة بأن المذبحة كانت ضرورية لحماية التقدم الاقتصادي للبلد. وتحدت أوروبا يومها سخرية الصين بفرضها حصارا للسلاح وتوجيه نقد شديد لبكين، فيما كانت واشنطن هي التي قدمت دعما لحجة دنغ اللاأخلاقية. فقد توجه جون سكوكروفت، مستشار الأمن القومي لدى الرئيس جورج بوش الأب، في رحلة سرية الى بكين بعد اسابيع قليلة من المذابح لطمأنة الصينيين بأن ذلك لن يؤثر على العلاقات.
أما اليوم فإن الاتحاد الأوروبي هو الذي يخضع لاغراء البرهنة على أن دنغ كان على صواب، بينما يتطلع المستشار الألماني غيرهارد شرويدر وآخرون، الى عقود البنية التحتية المربحة التي تلمح بكين الى أنها سترهنها الى أن ترفع أوروبا حصارها على السلاح.
ومن المحتمل أن يثير رفع الاتحاد الأوروبي الحصار من جانب واحد رد فعل حاد من جانب الكونغرس، وفقا لتحذيرات مسؤولين أميركيين لخافيير سولانا وزير خارجية الاتحاد الأوروبي، في وقت مبكر من الشهر الحالي. ويمكن أن يؤدي هذا الى تعقيد تشريع أميركي وشيك يمكن أن يسهل نقل التكنولوجيا الى بريطانيا وحلفاء آخرين.
ولكن سولانا أشار الى أن الحظر سيرفع قبل حلول يونيو المقبل، وقال إن على واشنطن أن تكون قادرة على التعايش مع ذلك. وتحتاج شركات تصنيع الأسلحة الأوروبية أسواقا جديدة، فيما ستجعل التقييدات على التنافس في السوق الأميركية من الصين بديلا منطقيا وضروريا وفقا لما يقوله دبلوماسيون أوروبيون آخرون. ان هناك مجالا لتفاهم عبر الأطلسي يمكن أن يخفف القيود الأميركية على شركات الدفاع الأوروبية العاملة في الولايات المتحدة، ويسهل نقل التكنولوجيا ويؤسس لخطوات اقتصادية منسقة للاستجابة اذا ما خففت الصين التوترات مع تايوان واتجهت نحو الحكم الديمقراطي. ولكن لا يتعين التوصل الى ذلك الاتفاق على حساب ابعاد الاعتبارات المتعلقة بحقوق الانسان، عند التعامل مع الصين، فذلك يعد خيانة لإرث جاو الانساني، الذي ربما يعتبر ضعيفا في الغرب، ولكنه يحيا بقوة في الصين، وصمت المكتب السياسي في الصين دليل واف على ذلك.