باريس من انعام كجه جي: استمعت محكمة باريسية تحقق في قضية تنصت على هواتف عدد من الشخصيات في فرنسا أيام ولاية الرئيس السابق فرانسوا ميتران الى أقوال الممثلة كارول بوكيه، احدى الذين تعرضت هواتفهم للمراقبة مطلع عام 1985 . وكان ضابط سابق في الأجهزة الامنية قد كشف ان القصر الرئاسي شكل خلية خاصة، قبل عشرين عاما للتنصت على هواتف العديد من الكتاب والصحافيين والسياسيين، في محاولة لمنعهم من تداول حكاية وجود طفلة غير شرعية للرئيس ميتران.
وظلت قضية التنصت على هاتف النجمة بوكيه تحير المحققين، وذلك بسبب ابتعادها عن الوسط السياسي والاعلامي وانتفاء أي سبب يدفع الأجهزة الامنية لمراقبة محادثاتها.
ووصل الأمر بالصحافة الى تصور ان الرئيس السابق كان مولعا بالممثلة الحسناء وأراد ان يتلصص على حياتها الخاصة «لأسباب ذاتية لا علاقة لها بالأمن الوطني». واشتهر ميتران بميله الى النساء الجميلات، خصوصا في اوساط الفن والسياسة والأدب، وكان من بين صديقاته الصحافية فرانسواز جيرون، والمغنية داليدا، والكاتبة الروائية فرانسواز ساغان، والمنجمة اليزابيث تيسييه.
وأكدت كارول بوكيه ، المرتبطة حاليا بالممثل جيرار ديبارديو، انها لم تعثر على سبب يدعو الى اهتمام «الإليزيه» بها ووضع خطيها الهاتفيين تحت التنصت، حيث اعطي لملف تسجيلات الخط الأول اسم حركي هو «قالب الحلوى رقم واحد»، وللثاني «قالب الحلوى 2». وأوضحت الممثلة ، التي تنشط الى جانب عملها الفني في جمعية للدفاع عن الأطفال ضد العنف ، انها كانت تتعمد الابتعاد عن الأوساط السياسية لكي تحافظ على حريتها واستقلالها.
لكن الادعاء العام أشار الى ان القائمين بالتنصت أفادوا بأن المقصود من مراقبة الخطين الهاتفيين لم تكن بوكيه، وإنما زوجها آنذاك، المنتج «اللبناني» جان بيير رسام ، الذي فارق الحياة فجأة اثناء فترة التنصت. وردت الممثلة بالقول إن رسام كان انسانا محطما عندما تعرفت اليه في حضور المخرج جان لوك غودار، ولم يكن يملك أي نفوذ . وقد أحبته من النظرة الأولى وتزوجته وأنجبت منه ولدا، قبل ان يتوفى بسبب إدمانه على المخدرات. وخلافا لما ورد في سير التحقيق، فان المعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» تشير الى ان الزوج المقصود لم يكن لبنانيا، بل عراقيا من عائلة رسام الموصلية المعروفة. وقد رزق بولد يدعى «توما» من النجمة الفرنسية.
وأثناء الاستجواب، برر القائمون على خلية التنصت التي انشأها «الاليزيه» دوافعهم لمراقبة المنتج جان بيير رسام بورود معلومات تشير الى انه كان على اتصال مع الرئيس الجزائري السابق الشاذلي بن جديد، ومع العقيد الليبي معمر القذافي. كما أشار أحد المتهمين الى ان رسام تعاون ايضا مع الجهاز الأمني المسؤول عن «سلامة الأراضي الفرنسية» أي مكافحة التجسس. وأضاف انه يأخذ مسؤولية تلك المراقبة على عاتقه، وان الرئيس ميتران لم يعلم بها مطلقا.
من جهتها، أبدت كارول بوكيه استغرابها من تلك المعلومات، وقالت ان زوجها لم يكن يتلقى اموالا، وتكفي العودة الى حساباتهما المصرفية خلال السنوات السبع التي عاشتها معه للتأكد من انها كانت تنفق من مالها على استئجار الشقة ومصاريف الطعام وفواتير الهاتف. وأضافت: «زوجي كان رجلا هشا بسبب ادمانه على المخدر، وكان كثير الحديث والثرثرة ولا يستطيع كتمان السر... فكيف يكون موضع ثقة أي جهاز أمني؟
هذا وتواصل المحكمة استماعها الى بقية الشهود في هذه القضية التي تتعامل معها الصحافة كواحدة من أبرز فضائح عهد الرئيس السابق.