جدة من عمر جستنية: رجل يختلف في قناعاته عن الآخرين، يملك رؤية اقتصادية شاملة تستند إلى خلفية دينية، الكل يقول إن شبكة راديو وتلفزيون العرب ( art) شركة لا تربح وهو يسوق النتائج، ويراهن بعضهم على أنه سيضطر إلى إلغاء تشفير قنوات الشبكة، فيعلن عن زيادة عدد المشتركين فيها، وظل عشر سنوات يجمع خسائره التراكمية من مشروع القنوات الفضائية حتى جاوزت مجموعة باقاته التلفزيونية 65 قناة فضائية فأعلن أرباحا تشغيلية أولية للسنة المنصرمة، وعوائد إعلانية مفاجئة للسوق، إنه صاحب رؤية تقسيم أعماله إلى ثلاثة قطاعات: أعمال، ومصارف، وإعلام. إنه رجل الأعمال السعودي المثير للجدل أحيانا صالح عبدالله كامل.
وقد كان لـ"الوطن" هذا اللقاء معه:

* أربع شبكات مشفرة حتى الآن أو أكثر تستهدف السوق السعودي قبل غيره كيف ترى المنافسة بينها؟
ـ "مئة دكان على كف الرحمن" ستظل هذه مقولتي ولو كان عدد المنافسين أكثر، شخصيا أرحب بالمنافسة ولا أخافها إطلاقا.
* هل من أرقام حول عدد مشاهدي قنوات راديو وتلفزيون العرب؟
ـ حتى الآن وصلنا إلى المليون مشاهد في العالم، والصعب في التجارة تحقيق المليون الأول لأنه يتعبك، وبعد ذلك تأتي العملية تباعا، نحن وصلنا إلى المليون مشاهد متأخرين سنة وبضعة أشهر عما هو محدد في الخطة العامة للمشروع، ونخطط حاليا للوصول إلى خمسة ملايين مشاهد في خطة تسويقية أخرى أقل زمنيا من الخطة السابقة شرط أن تنتهي عمليات القرصنة التي مازالت تواجهها قنوات راديو وتلفزيون العرب خصوصا في لبنان ومصر، والأخيرة خطت خطوات جيدة حتى الآن في التعاون معنا، ونتمنى من الحكومة اللبنانية أن تحذو حذوها بعد أن طرحنا كل ما يمكن طرحه من أدوات لتحسين مستوى التعاون بيننا لوقف عمليات الاستيلاء على حقوق قنواتنا ولكن مازال الطريق طويلا أمامنا للأسف.
* ألا تخشى الإعلان المستهدف من المشاهدين للمرحلة المقبلة؟
ـ ليس هناك سر في الصناعة، فالمنافسون يعلمون ما لدينا ونحن بالمقابل نعلم خطواتهم، والسوق ما زال يستوعب مزيداً ممن يودون دخوله، خصوصا من القنوات المشفرة، أما التلفزيون المفتوح فأنا شخصيا لا أعدُّه منافسا، لأن المشاهد يرفض أن تستوقفه أو تستقطع من وقته ومتعته مقابل إعلان أو غيره؟
* إذا فأنت مصر على عملية التشفير على الرغم من العوائق؟
ـ من قال إن هناك عوائق، هناك في الحقيقة أنظمة لا تطبق أو غير فاعلة، والتلفزيون المدفوع خيار استراتيجي نستند إليه.
* سوق وحجم الإعلان ماذا عنه في إطار تنامي عدد الفضائيات؟
ـ الإعلان مازال حجمه كما في السابق والكل يتصارع من أجل 250 مليون دولار تتوزع بين فضائيات البث المفتوح، وعندما تنقص حصة أحدهم تذهب إلى الآخر وهكذا دواليك، نحن في قنوات راديو وتلفزيون العرب حققنا 203 ملايين دولار عوائد إعلانية خلال السنة المنصرمة، وفي التلفزيونات المفتوحة أجزم أنه لم يُبذَل بعد الجهد الكافي من أجل زيادة حجم الإعلان وبالتالي ظلت الـ250 مليون دولار تراوح مكانها، والكل يقاتل من أجل الحصول على أكبر نسبة منها، فيما مضى كانت 3 إلى 4 قنوات تستأثر بالحصة الكبرى، واليوم ومع وجود الكم الكبير من القنوات المفتوحة فمن هي القناة الأكثر بروزاً؟.
* ولكن لماذا يستهدف الإعلان السوق السعودية وبعض القنوات لم تطور أساليبها الإعلانية بينما المجتمع يرفض عددا من هذه الإعلانات؟
ـ هذا صحيح... وللأسف فإن السوق السعودي الداعم الوحيد لمجوعة من القنوات وهي لا تراعي أخلاقياته، تجارنا للأسف هم الداعمون لهذه القنوات وهم أيضا المنادون بالإسلام والمبادئ والأخلاق والعادات والتقاليد والسؤال إلى متى؟. ألا يمكن وقف الدعم الإعلاني للقنوات التي لا يتواءم ما يبث فيها مع أخلاقياتنا باعتبارنا مسلمين، بعض التجار يأخذون الموضوع بمعزل عن ذلك ومن منظور تجاري صرف، دون الاهتمام بمستوى ونوعية وكفاءة البرامج التي تقدم من خلال هذه القنوات، ربما لا يجول الأمر في خاطر بعضهم باعتبار القناة وسيلة مشاهدة، وللأسف شيء غير معقول.
* ماذا تريد أن تقول...؟ وهل تدعوهم للإعلان في قنوات الشبكة فقط؟
ـ مرحبا بمن يريد... ولا أريد أن أقول إن بعض أفراد المجتمع منافقون ولكنه مجتمع مزدوج الشخصية.
* بعد أكثر من 30 عاما في الإعلام وصناعته كيف تنظر إلى الفضائيات، وإنتاج برامج الأطفال... وقنوات الأغاني؟
ـ الفضائيات... يزداد عددها كل يوم، كأنها شرٌ أسأل الله أن يقينا آثاره، ولعلنا اليوم نترحم على تلفزيونات كانت لها بعض المساحة في الانفلات ولا أقول الحرية وكنا نعيب عليها إنتاج برامج الأطفال... وأفلام الكرتون التي يقبل عليها الأطفال مكلفة جدا لجهة الإنتاج، وبرامج الأطفال العربية لم تستطع الخروج إلى العالمية، لأن كثيراً مما أنتج كان برؤية دينية فقط، ولهذا تجد صناعة برامج الأطفال متأخرة جدا في العالم العربي، لأن سوقنا صغير جدا، والأكثر أهمية أننا لم نحاول تسويق بعض إنتاجنا الجيد إلى الدول الإسلامية أيضا، وهناك تقصير واضح أو حتى فاضح في هذا الجانب، قليل جدا ممن اهتموا بإنتاج برامج الأطفال العربية، وأعتقد أن الإعلام العربي خسر كثيرا ًعندما اهتم بعالمه فقط، وكان عليه الخروج من الدائرة أو العمل على توسيعها في إطار إنتاج برامج الأطفال أو غيرها. قنوات الأغاني... هل بقي من يغني، الموجود اليوم منها لا يهتم بالكلمة واللحن وجماليات الأغنية كل الاهتمام منصب على الحقوق والعوائد، وقد وجدت نفسي في دوامة، أكذب على نفسي في حال أبقيت عليها، ولن يتاح الإصلاح من خلالها على الرغم من المحاولات التي بذلت في هذا الاتجاه من إعلان مواقيت الصلاة إلى الابتهالات وغيرها قبل وبعد رفع الأذان، إلا أننا لم نوفق إلى طريقة تترجم رؤيتنا، لأن هذه القنوات لها جمهور يكاد يكون مختلفا عن البقية، أنا انسحبت ولله الحمد من تقديم الأغاني عبر قناة متخصصة.
* هل تعتقدون أن مستقبل القنوات المشفرة في العالم العربي منصب فقط على القنوات الرياضية؟
ـ القنوات الرياضية عامل جذب مهم للمشتركين، ولكن للإبقاء عليهم يجب وجود التنوع في القنوات الأخرى، الدراما والأفلام أو المسلسلات تبقي المشترك الموجود، ولكن لا تضيف مشتركاً جديداً، المعادلة صعبة جداً.
نحن نركز على الرياضة على اعتبارها عامل جذب، ونؤمن احتياجات المشاهد حسب رغباته من خلال 65 قناة في باقات متعددة، يختار منها المشترك ما يحتاجه أو يتوافق معه.
* سمعت عن وجود باقة للأفلام الهندية ضمن باقات قنوات الشبكة؟
ـ نعم صحيح وهذه الباقة عليها إقبال أكثر من جيد في المنطقة الخليجية.
* كيف توزعون خارطة المشاهدين في الأسواق؟
ـ أكبر أسواقنا السوق المصري ثم الجزائري والسعودي في وضع متساو ثم تأتي البقية.
* دائما أحاديثكم تركز على القرصنة إلى أي مدى بلغ الضرر؟
ـ الاستيلاء على الحقوق الملكية والفكرية - القرصنة موجودة في كل مكان وبشكل لافت في لبنان، وفي السعودية نجد دعما من الجهات الرسمية لحماية الحقوق نحن وغيرنا ويتفاوت الأمر بين الدول ولكنه يظل موجودا، وقد قدر حجم خسائر المشروعات العربية نتيجة خرق حقوق الملكية بأكثر من 50 مليون دولار سنويا.
* خرجت قناة الأغاني من قنوات الشبكة وتحولت إلى شبكة منافسة تتكامل قنواتها يوما بعد آخر فما موقفكم؟
ـ على الصعيد العملي مرحبا بالمنافسة، تربطني بالأمير الوليد بن طلال علاقات جيدة، وأردد معك الآن "ألف دكان على كف الرحمن"، وعلى الصعيد العملي هناك منافسة جيدة، الأمير اشترى أخيرا مكتبة للأفلام كانت معروضة عليَّ منذ أربع سنوات ولم أشترها بسبب ارتفاع السعر.
* ما زال الأمير الوليد بن طلال شريكا في قنواتكم وهل تشاركونه في روتانا؟
ـ للأمير الوليد حصة مشاركة في ملكية مجموعة قنوات الشبكة وإن كانت بحجم بسيط، أما أنا فلا أملك حصة في روتانا.
* في عام 2001م تردد عن عزمكم تحويل الشركة الإعلامية العربية القابضة التي تملك مجموعة قنوات راديو وتلفزيون العرب إلى شركة مساهمة هل مازال المشروع قائما؟
ـ نعم الفكرة قائمة خصوصا بعد تخطي الشركة كثيرا من العقبات الأساسية، نحن الآن بصدد اختيار مستشار مالي يتولى المشروع بعد أن انتهينا من الدراسات الأولية، إضافة إلى استكمال رؤية التقييم الكامل للشركة وموجوداتها واستثماراتها وغير ذلك، وكنت أنتظر أن تتخطى القنوات حاجز المليون مشترك حتى يكون الأمر أكثر جدية، لأن هذا الأمر مؤثر باتجاه التقييم النهائي.
* ولكن سبق أن تردد في الأوساط التجارية عن عروض مشاركة في الملكية سواء للقنوات أو الشركة الإعلامية العربية القابضة؟
ـ تلقيت عروض مشاركة في الملكية من جهات مختلفة، ورفضت كثيراً منها وتجاهلت بعضها، أنا ضد المساهمة الشخصية لأنها تحتاج إلى تمييز وأسعار تفاضلية.
* هل تريد أن تقول إن التقييم النهائي مرضٍ من جهة حجم الإنفاق وعدد المشتركين؟
ـ نعم... التقييم الأخير أظنه مناسبا.
* ما الذي أخركم كل هذه المدة؟
ـ أخبرتك من قبل عن الأسباب ويشجعني حاليا وجود هيئة سوق المال.
* لماذا تودون طرح الشركة في السعودية والشركة تخطت حدود الإقليمية؟
ـ كنت أفكر بطرح الشركة في السوق السعودية وسوق دبي، ولو تم تسجيلها في سوق دولية ستواجه عمليات الضرائب، والدخل يصبح في هذه الحال خاضعاً لضريبة الدولة التي سجلت فيها الشركة، وللمعلومية فإن التسجيل في سوق لندن أسهل، ولكن رؤي أن يتم تسجيلها خليجيا ثم تطرح في البورصة الأوروبية.
* ما هي حقيقة الشريك الإماراتي الذي يتردد بين الحين والآخر إما شريكا أو مطالباً بالشراكة؟
ـ لا أذكر شخصية إماراتية بالتحديد فعلت ذلك ولكن عروض المشاركة في الملكية جاءتني من كل مكان وبصورة كبيرة جدا.
* متى تتوقعون طرح المشروع بصورة شركة مساهمة سعودية أو غير سعودية؟
ـ شركة سعودية... وحسب التوقعات الحالية الموعد في نهاية السنة الجارية، نحن حققنا وللسنة الأولى أرباحا تشغيلية تجاوزت 250مليون دولار ولكن هذا لا يعني دخولنا مراحل الربحية إنما دخلنا مراحل التدفق الإيجابي.
* ماذا عن حصتكم في إل بي سي، ولمن بعتموها؟
ـ بعتها للأمير الوليد بن طلال.
* المنطقة الحرة في الأردن هل هي صفقة مع الحكومة الأردنية؟
ـ المنطقة الإعلامية الحرة في الأردن أنا أملكها بالكامل الآن، ثماني قنوات فضائية غير قنوات الشبكة تنطلق منها، وعندما تكتمل مراحل التوسعة التي نجريها الآن سندرس العروض الجديدة لظهور قنوات جديدة، في المنطقة الحرة مزايا نسبية جيدة حتى الآن، ولا رقابة عليها من الحكومة الأردنية وكما تذكر فقد زارنا الملك عبدالله فيها مرتين. ومراحل التوسعة ستتيح للمنطقة الأردنية الحرة مزايا جديدة والمساحات متاحة باشتراطاتنا المعروفة للجميع للإيجار.
* ماذا تعني ياشيخ صالح بأنك تملك المدينة الإعلامية الحرة لم أفهم؟
ـ المنطقة الحرة بنيت على أساس ملكيةسابقة فقد كنت والحكومة الأردنية نشترك في ملكية الشركة العربية للإنتاج التي استطاعت قبل حرب الخليج الثانية تحقيق عوائد كبيرة، ولكن بسبب المواقف الأردنية إبان الحرب تراجعت أسهمها وتعثرت، الأمر الذي اقتضى تصفية المشروع، عندها اشتريت مباني المدينة من الحكومة وشرعت بتأسيس المنطقة الحرة بدعم من الحكومة الأردنية، ونقوم حاليا بعد أن قدمت لنا الحكومة 50 ألف متر مربع بتوسعة المدينة، وسنفتح الباب للراغبين في الاستئجار.
* بماذا تتميز المدينة الإعلامية في الأردن عن غيرها من المدن العربية المماثلة؟
ـ أرخص من المدن المماثلة، وعامل الجذب الرئيس فيها وفرة الأيدي العاملة المؤهلة، وكلفة العمالة أقل من أي مكان آخر، إضافة إلى وجود التسهيلات الكبيرة في كل اتجاه من الحكومة الأردنية.
* إذا ما الفرق بينها وبين المدينة الإعلامية في دبي؟
ـ التسهيلات في دبي تزيد عنها في الأردن والروتين أقل، ولكن الكلفة التشغيلية أقل في الأردن لوجود الأيدي العاملة الوطنية ولكن بكل تأكيد المنطقة الإعلامية في دبي مناخ جيد للعمل.
* ماذا عن مشروع الرؤية المحايدة الذي زادت تقديرات الاستثمارات فيه على مليار دولار؟
ـ للأسف وئد، وتم تأجيله إلى حين، لأنني لم أجد مساهمين لتنفيذ المشروع فالكل رحب والكل امتنع، رجال الأعمال والحكومات على الرغم من أنه مشروع يخاطب الآخرين بلغتهم، وربما أعيد طرحه إن وَجدْت مساهمين للاشتراك فيه أو ربما أستطيع بإمكاناتي البدء بتنفيذ مراحله خطوة بعد أخرى.
* قنوات المجموعة تواجه إشكاليات تقنية متكررة في الآونة الأخيرة ألا تخشون ابتعاد المشتركين بسبب ذلك؟
ـ 80% من مشكلات المشتركين معنا تنتهي بالإبقاء على أجهزة الديكوردر مفتوحة، المشكلة أن المجموعة تضطر لأسباب لا تخفى على أحد بما تمثله القرصنة من تعد على الحقوق إلى تغيير الشيفرة الخاصة بالاستقبال بين الحين والآخر للقضاء على عمليات القرصنة، إعادة الإشارة إلى أجهزة المشتركين لا تتطلب كثيرا من الوقت بحسب الظروف والضغط الذي تواجهه الجهات التقنية، وعموما نحن بصدد توسيع قدراتنا الفنية وإمكاناتنا لخدمة أكثر من مليوني مشترك في المرحلة المقبلة، ونعمل على توسيع الإمكانات توسيعاً أفقياً، بشكل يتوافق مع طموحاتنا المستقبلية، أما بالنسبة لخدمات العملاء فهي ما تزال ضعيفة في بعض الدول ومن بينها السعودية، وممتازة في دول أخرى مثل مصر ومتوسطة في دول أخرى ولكن مع نهاية الأشهر المقبلة ستنتهي الإشكاليات كاملة.
* بقي سؤال أخير شيخ صالح أين قنواتكم من حرب التنقلات بين المذيعات؟ وأين ليليان نحبكم ونبوسكم؟
ـ لا نشترك في العملية من الأساس لأن اشتراطاتنا لا توافق أهواء بعضهم ولا تنطبق على كثير منهم، ونحرص على صناعة النجوم، و ليليان خسرت لأنها لا تجيد الإنصات إلى النصائح.