لم يشكك بالإنتخابات العراقية الأخيرة ويقلل من أهميتها إلا الذين توقفوا عند تلك اللحظة «التاريخية»!! التي أعلن فيها عزت إبراهيم الدوري أن نتائج إنتخابات البيعة قد أسفرت عن رقم لم يحظَ به أي إنسان منذ بدء الخليقة وهو ان الشعب العــراقي أعطى لـ «القائد الضرورة» كل أصواته بما في ذلك الأطفال والمقيمون في الخارج والأموات قبل الأحياء.
لقد زفَّ أبو مصعب الزرقاوي البشرى، و«بكل فخر وإعتزاز» للذين توقفوا عند تلك اللحظة التاريخية، التي أعلن فيها عزت إبراهيم الدوري ان صدام حسين فاز بمائة في المائة من أصوات العراقيين، بأنه أفسد على العراقيين عرسهم الذي هو إنتخابات بوم الأحد الماضي ولقد جاء التجاوب مع هذه البشرى سريعاً وتلقائياً وفي هيئة تشكيك بهذه الإنتخابات وعودةٍ لقول ما قيل أكثر من ألف مرة حول عدم وجود أي مبرر لحرب احتلال العراق.
كل العالم أشاد بإنتخابات أمس الأول وشجاعة العراقيين الذين تحدوا القنابل والسيارات المفخخة وذهبوا الى صناديق الإقتراع وسط التهديد والوعيد ولكن الذين لازالوا يراهنون على صفحة غدت مطوية ولن تعود والذين يواصلون الترويج للعنف الأحمق والأهوج الذي إستهدف أبناء العراق أكثر من إستهدافه للقوات المحتلة يرفضون رؤية الحقائق بإصرار عجيب ولذلك فإنهم أعربوا ويعـربون عن فرحة عارمة لأن ( أبو مصعب الزرقاوي ) أفسد على الشعب العراقي فرحته.
ربما لم تجرِ إنتخابات أمس الأول وفقاً لمقاسات الدول الديموقراطية، مثل السويد وفرنسا والدنمارك وبريطانيا، ولكنها في ظل ظروف العراق السابقة واللاحقة والحالية تعتبر بداية تستحق الإشادة والتقدير فذهاب ثمانية ملايين ناخب الى صناديق الإقتراع في مثل الأوضاع الراهنة التي يعيشها العراق يعني ان الشعب العراقي مُصِرٌّ على الخلاص النهائي من عهود الوحشة والخوف ومصمم على إعادة بناء بلده الذي دمرته الإنقلابات المشبوهة والسياسات الطائشة والحروب الخاسرة.
إن نسبة الستين في المائة التي حظيت بها إنتخابات يوم الاحد الماضي أصدق وأفضل ألف مرة من نسبة المائة في المائة التي أسفرت عنها إنتخابات البيعة لـ «القائد الضرورة» كما أنها أصدق وأفضل مـن نسب التسعة والتسعين في المائة التي دأبت عواصم «الثورات الدائمة والمستمرة» قذفها في وجوه شعوبها بدون أي خجل ولا وجل ولا حياء.
إنها خطوة موفقة ستتبعها خطوات واعدة متلاحقة وسيثبت العراقيون أن ما جرى في بلادهم على مدى نحو سبعة وثلاثين عاماً كان بمثابة اللحظة المريضة في عمر تاريخ العراق الطويل... وعلى الذين طربوا لقول ( أبو مصعب الزرقاوي أنه أفسد على العراقيين عرسهم ان ينتظروا اليوم الذي سيضعون فيه أيديهم على عيونهم خجلاً.. فالمسيرة ماضية الى الأمام وعجلة الزمن لن تعود الى الخلف.
لن تكون هناك حرب أهلية وسيبقى العراق واحداً وموحداً وسيرحل الإحتلال إن ليس غداً فبعد غد وستعلو راية شرائع حمورابي مجدداً وستقرأ الأجيال القادمة في كتب التاريخ أن بلاد الرافدين أُبتليت بعهود أوصلتها الى الاحتلال والدمار والخراب ولكن شعبها نهض من تحت الجمر والرماد كالعنقاء وأعاد بناء وطن غدا زينة الأوطان.