مما يؤسف له أن الخونة وعملاء أميركا والصهيونية أصبح عددهم ثمانية ملايين في العراق. وهؤلاء لم يعلنوا فقط خيانتهم، بل أكدوها بوضع أصابعهم في حبر يظل عالقا في اصابعهم لمدة يومين..! أسوأ قصة مظللة في الإعلام العربي المنفعل، وأهم شعار للمزايدين العرب، هو حكاية أنه من الخيانة إجراء الانتخابات تحت «حراب الاحتلال»..!
ومن يرفعون هذا الشعار يتجنبون الإجابة على سؤال حاسم بهذا الشأن، ما هو البديل للانتخابات؟ هل هناك مخرج عسكري مثلا، يفترض أن يضحي فيه العراقيون بمئات الآلاف من الناس لمحاربة المحتل؟ ويستمر فيه العراق عقودا أخرى، وهو يدفع الدم والعذاب. أم أن الحل المعقول والواقعي هو انتخاب حكومة وطنية عراقية قادرة على أن تكتسب شرعيتها من صندوق الانتخاب، وقادرة على التفاوض باسم العراقيين، على جدول زمني لانسحاب القوات الأجنبية..؟
ثم ما هي حكاية أن كل القوى المشاركة في الانتخابات هي قوى عميلة للاحتلال؟ وإذا كانت كل هذه القوى الكردية والعربية السنية والشيعية والشيوعية والعلمانية والمسيحية والكلدانية عميلة، فإن أميركا تستحق أن نرفع لها القبعات لقدرتها على تجنيد كل هذه الكوادر العراقية، ومن بينها آلاف المثقفين والأطباء والفنانين والمبدعين..!
المشهد الانتخابي العراقي كان مثيرا للدهشة، فكثيرون تحدثوا عن أنهم لبسوا أبهى ما لديهم من أجل المشاركة في «العرس الديمقراطي»، والكثيرون أحضروا معهم أطفالهم الصغار رغم سقوط القذائف، وكان إقبال المرضى والمعاقين يزيد المشهد جمالا.
فصل جديد من عمر العراق انطوى على خير، ولكن ماذا سيقول المزايدون ومقاتلو الفضائيات من قوميين وأصوليين، إذا نجح العراقيون في إقامة حكومة وطنية، وإذا نجحوا في وضع برنامج زمني للاحتلال. إنه العناد ولا شيء غير العناد.