قال إن لبنان آخر من يوقع اتفاق سلام مع "إسرائيل"
حاورته في واشنطن: حنان البدري
قبل حوالي 14 عاما، كان حواري الصحافي الاول مع الجنرال ميشيل عون قائد الجيش اللبناني السابق الذي كان منفيا آنذاك في فرنسا ويعيش في احدى الفلل في جنوبها وكان محظورا عليه القيام بأنشطة سياسية، واليوم بعد هذه الفترة كان لا بد من حوار معه مرة أخرى، وهو يستعد كما قال لي للعودة الى بيروت مصطحبا بناته ومراهنا على الحرية التي لا رجعة فيها على حد قوله. في بداية حديثه الطويل الذي استمر ما يزيد على الساعة سألته عن رأيه في ما اعلنته المعارضة اللبنانية عن رفضها الوصاية الاجنبية فقال: ان ما تقوم به الأمم المتحدة ليس وصاية انما لتحرير لبنان، واكد ان النظام البديل في لبنان للنظام الطائفي هو النظام العلماني، وطالب بإجراء تحقيقات تشمل جميع الجرائم التي وقعت في لبنان، واشار الى ان لبنان سيكون آخر بلد عربي يوقع اتفاق سلام مع “اسرائيل”.. وتاليا الحوار:
* نرى حاليا ضغوطا امريكية غير مسبوقة وتحركات على المستوى الدولي وحتى داخل الكونجرس بمشاريع وضغوط مضادة لسوريا ساهمت في تعجيل خروج سوريا من لبنان مما يدعو الى تكريس للقول القائل إن ادارة لبنان ستنتقل من عنجر (حيث مقر الاستخبارات السورية) الى عوكر (حيث مقر السفارة الامريكية) ما رأيك؟
- طبعا هذه هي الصورة التي يحاول الموالون لسوريا اعطاءها، الولايات المتحدة والامريكيون ليسوا بشعب مستعمر، بعد الحرب العالمية الثانية نعرف كيف ابرم الامريكيون اتفاقات امنية لكن لم يتدخلوا في شؤون الدول بقدر ما تريد الدول التي تتعاطى معهم، لم نشاهد اكراها في علاقات الامريكيين بالآخرين، واعتقد انه من ضمن الاستراتيجية الامريكية اليوم تشجيع الديمقراطية في الشرق الاوسط، وأعتقد ايضا ان هذا مطلب للشعوب العربية، واذا ساهمت الولايات المتحدة في هذا الوضع تكون قد تلاقت مع الشعوب التي كانت تكره امريكا بسبب دعم امريكا من قبل للأنظمة الديكتاتورية، وكان يؤخذ على الولايات المتحدة في السابق دعمها للأنظمة الديكتاتورية اليوم نجدها تدعم الديمقراطيات، وفقط اصدقاء الديكتاتوريات سيكونون دائما ضد الولايات المتحدة، بالأمس عندما كانت الولايات المتحدة تدعم الدور السوري في لبنان كان هؤلاء راضين عن امريكا والآن عندما طالبت بخروج سوريا من لبنان أصبح هؤلاء ضد امريكا، وهذه مصالح فردية وليست تمثل مصالح الشعوب.
* هل معنى ذلك ان امريكا لها مصالح شريفة دائما في لبنان أهذا ما تعنيه؟
- ماذا يستطيع ان يقدم لبنان لامريكا! (ساخرا) هل بإنتاجه النفطي أم بثروته المعدنية أم باليورانيوم! لبنان بلد سياحي بالكاد لديه هواء نظيف وشمس، واذا اراد الامريكان ان يكونوا سياحا في لبنان فأهلا وسهلا فهذا يغذي دخلنا القومي.
* ربما يكون ابرام السلام بين “اسرائيل” ولبنان هو الثمن، ووزير الخارجية “الاسرائيلي” كانت له تصريحات وتوقعات بأنه بعد الانسحاب السوري من لبنان فإنه سيصبح بالامكان تحييد لبنان وابرام سلام معه؟
- هذا رأيه وما يتمناه، لكن اذا تطلعنا حولنا في ما يخص قضية الشرق الاوسط سنرى حولنا مصر ولها معاهدة سلام مع “اسرائيل” وكذلك الاردن، وسنجد الفلسطينيين يتفاوضون حول انشاء الدولة الفلسطينية، وسوريا تطلب التفاوض دون أية شروط مسبقة، وها هي تونس تدعو شارون لزيارتها واقامة علاقات، والمغرب وكذلك الجزائر. المسار الطبيعي للقضية العربية “الاسرائيلية” هي في جميع البلدان تتحرك بطريق الحل بالتفاوض.. ومع ذلك نقول لهم نحن سنكون آخر من يوقع السلام مع “اسرائيل”.
* أنت اجلت رد فعلك على تصريحات النائب جنبلاط عشية لقائه السيد حسن نصر الله امين عام حزب الله لحين معرفة ما دار بينهما ولا سيما ان جنبلاط اعلن انه لا حديث عن نزع سلاح حزب الله، هل لديك الآن ما تعلق به على هدا التوجه؟
- لا لم اطلع على ما دار بينهما لكنني لا انظر لموضوع حزب الله من زاوية خارجية ولكن من زاوية داخلية، ولا اعتقد انه يجب الاحتفاظ بهذا السلاح ينبغي ان تكون الدولة ذات قرار واحد لا قرارات امنية أو عسكرية مزدوجة لذا أطالب حزب الله بتسليم سلاحه طوعا للدولة اللبنانية وادعوه للانخراط في الحياة السياسية اللبنانية، هذا الموقف لم يتغير. لقد سبق ان اكدت ان سلاح حزب الله لن يعدل المعادلة الاستراتيجية العربية “الاسرائيلية”، وطبعا لن يستعمل ضد الشعب اللبناني، الذي يطالب بتسليم هذا السلاح، وحزب الله ليس مخيفا للشعب اللبناني لكن المخيف هو النظرة الخارجية للبنان والتي ستبقى نظرة قلقة وسيحجب عنا من يريد ان يوظف امواله في لبنان طالما هناك قوى غير شرعية تسيطر على قسم من الاراضي اللبنانية.
* القرار 1559 جاء ليشتمل على بنود لم ترد في اتفاق الطائف، ويبدو ان قسما من القوى الوطنية اللبنانية مؤيدة للطائف، وترفض بنود القرار 1559 المتعلقة بسلاح المقاومة اللبنانية؟
- القرار 1559 ينص على بنود من بنود الطائف التي لم تنفذ بما فيها مطلب نزع سلاح الميليشيات والمخيمات الفلسطينية هذا ورد في اتفاق الطائف ولما لم يوضع حد بوساطة الحكومة اللبنانية والسورية تم وضع حد له تاريخ زمني للتنفيذ بوساطة قرار دولي وليس كما كانت تنظر سوريا اليه وفقا لمزاجها وهذا تسبب في تأخر اقتصادي كبير وعدم استقرار سياسي.
* أود ان استوضح موقفك من مسألة وضع الفلسطينيين ولاسيما ان الولايات المتحدة تبدو داعمة لمسألة توطين اللاجئين الفلسطينيين حيثما كانوا لا سيما في العالم العربي في اطار ايجاد حل مناسب ل “اسرائيل” في صراعها مع الفلسطينيين؟
- لبنان يرفض التوطين بصورة مطلقة، واللبنانيون مجمعون على ذلك فلبنان بلد هجرة (يقصد هجرة طاردة) وليس بلد استيطان فكثافتنا السكانية ومواردنا لا تسمح لنا بأن نوطن آخرين، تصوري يوجد اربعة ملايين لبناني يعيشون على ارض لبنان، مقابل 14 مليونا من أصول لبنانية منتشرين في انحاء العالم، اذاً فليس لدينا امكانات استيعاب كما يتصورون، يمكن ان تستوعبهم دول عربية اخرى، أو ان يتقرر عودتهم الى فلسطين حيث سيقررون مصيرهم بالمفاوضات مع “اسرائيل”، ليس سلاح الفلسطينيين هو الذي يمنع التوطين على العكس سلاحهم يمنع الأمن لأن هناك اشتباكات داخلية وهناك دائما جرائم ومجرمون يرتكبون جرائم ويجتمعون داخل هذه الجزر الأمنية، فيلجأون الى داخل المخيمات، لدينا مثال جريمة القضاة الاربعة الذين قتلوا ولجأ المجرمون الى مخيم عين الحلوة، ولم تتدخل الدولة اللبنانية لتوقيفهم، هذه الأمور تعوق العلاقة الطيبة وحسن الجوار بين مخيمات الفلسطينيين واللبنانيين، فالفلسطينيون المقيمون لدينا منذ العام ،1948 لن يخشوا على امنهم وطالما هم غير مسلحين لم يحدث صدام لبناني فلسطيني الا بعد ان تسلح الفلسطينيين بالمخيمات وتركوها وخرجوا للمدن فتسببوا في المشاكل مع اللبنانيين اذاً المشكلة هي تسلح الفلسطينيين هناك وليس العكس.
* مشروع القرار الدولي المنظور حاليا لتشكيل لجنة تحقيق دولية في جريمة اغتيال الرئيس الحريري جاء محددا لهدف التحقيق في الحادثة ولكن يبدو ان البعض يريد تحقيقا أوسع ويطالب بفتح ملفات اوسع في حوادث اغتيالات وتصفيات سياسية بأثر رجعي؟
- أعتقد ان التكليف هنا حصري بجريمة اغتيال الحريري لكنني مع المطالبين بلجان دولية لكشف الحقائق في لبنان بصرف النظر عما اذا كنا سنعفو أو لا نعفو عن المجرمين، نطالب فقط بالتحقيق الموسع لكتابة التاريخ بصورة حقيقية ومن أجل صيانة الذاكرة الجماعية لهذا الشعب، لذا ومنذ فترة اقوم باتصالات مكثفة مع مؤسسات حقوق انسان عالمية لنحضر للجان تقصي حقائق على الارض اللبنانية حول جميع الجرائم التي حدثت هناك من اغتيالات سياسية ومجازر جماعية وجرائم ضد الانسانية، كل هذا يجب ان تتم معرفته لأننا وقعنا في الفترة الاخيرة على مزايدات وكان المجرمون يزايدون على الابرياء.
* هل يعني ذلك انك تطالب ايضا بالتحقيق في كل المذابح مثل تلك التي وقعت ضد الفلسطينيين، وصبرا وشاتيلا وتلك المرتبطة بالجميع، جعجع وايلي حبيقة ودوري شمعون وغيرها؟
- كل شيء، كل شيء، واضيفي عندك الجبل والبقاع والشمال وبدل ان يقال ان المسيحيين قتلوا والمسلمين قتلوا، يجب ان يقال فلان وفلان قتلوا، يجب الا تكون هناك جرائم تلصق بالمجموعات الاجتماعية أو الدينية فهذا خطأ جسيم ان ننسب الجريمة الى المسلمين أو المسيحيين أنا مسيحي ولم ارتكب جريمة لم علي ان اتحمل جريمة ارتكبها مسيحي آخر ولم على المسلمين ان يتحملوا جريمة ارتكبها مسلم، المسؤولية عن الجريمة تقع على من ارتكبها وليس على المجموعة التي ينتسب اليها خاصة انه لم يكن هناك شراكة في الجريمة أو في قرارها.
* الى أي مدى تتوقع ان يتجاوب معك الشارع اللبناني الآن لا سيما نحو مطالباتك بفتح ملفات تحقيق وغيرها؟
- يوم نزل الشعب اللبناني بمليون ومائتي الف انسان ليطالبوا بالحقيقة، فمفهوم انه لم يصبح بإمكاننا ان نطالب بالحقيقة في موضوع معين ولا نطالب بها في مواضيع اخرى، المطلوب ان تعرف كل الحقائق، ممكن ان يكون هناك مجرمون ضمن المجتمع اللبناني نجدهم اليوم يتحركون وسط هالة من الوقار والسلطة وهم كانوا من الذئاب التي افترست اللبنانيين. ولإزالة هذه الشكوك علينا فتح كافة ملفات التحقيق والبريء لا يخاف من التحقيق.
* متى ستعود.. اعلم انه السؤال المكرر عليك منذ فترة؟
- هناك تاريخان حددتهما وهو ان اعود بعد تاريخ اتمام الانسحاب السوري وقبل اجراء الانتخابات النيابية في لبنان سأكون في بيروت، لم احدد بعد اليوم والساعة ولكن استطيع القول إنها ستكون بين هذين الحدثين وخلال شهر من الآن سأحدد يوم عودتي.
* هل تفكر في خوض الانتخابات الرئاسية كما يريد كثيرون من تيارك؟
- هناك مواضيع عالقة افضل الا اطرحها الآن، فمازال هناك رئيس تم التمديد له وعند اعلان مصيره ستفتح معركة الرئاسة، وهناك انتخابات نيابية وهناك خلايا تزرع الارهاب في لبنان يجب ان نسعى لحل هذه المشاكل اولا وتأتي الانتخابات الرئاسية فيما بعد.
*بافتراض تم حل كل هذه الموضوعات هل ستخوض الانتخابات الرئاسية؟
- لغاية الآن حققت كل ما حلمت به فقد دعيت الى تحرير لبنان والحلم الذي لم يكن يصدقه أحد حتى شهور قليلة مضت أصبح حقيقة. أنا مرتاح لوضعي الحالي اما المواضيع الاخرى فستأتي في اوقاتها.. حاليا لا افكر سوى بإنهاء المهمة.
* حسنا لو افترضنا انك عدت الى لبنان وفضلت ان تستمر في ادارة تيارك السياسي، وجرى الترتيب لانتخابات رئاسية فمن من المرشحين يمكن ان يكون الافضل للبنان؟
- بالتأكيد هناك كثيرون ينتمون للتيار الوطني الحر سيخوضون الانتخابات وسيترشحون للدخول بالسلطة الجديدة هذا بالنسبة لتياري أنا، وسأدعم هذا التيار حتى يكمل مسيرته السياسية لكن فيما يتعلق بشخصي فأنا بوضع مرتاح له الآن ولن افكر بالمواضيع الاخرى الا في حينه.
* مازلت في سياق سؤالي السابق أود معرفة رأيك، على الأقل في الاسماء المرشحة منذ الآن لخوض انتخابات الرئاسة أو للترشح لها مثل، غطاس خوري ونسيب لحود وبطرس حرب وفارس بويز.. ما رأيك؟
- لم نبحث داخل التيار الحر هذا الموضوع حتى اجيبك عن هذا السؤال فهذا قرار فيه مسؤولية كبيرة تتعلق بخيار رئيس لمدة سنوات.
*دعني اسأل نفس السؤال بطريقة اخرى أي من تلك الاسماء تعتقد انها تمثل فرضة أمل للبنان؟
- كل ما أعتقده الآن هو ان التوجه العام في لبنان نحو انتخاب رئيس للمستقبل وليس من الخطوط الماضية، يجب ان ندرس شخصية الرئيس على الطريقة الامريكية، ندرس حياته السياسية وماضيه بشفافية قبل الانتخابات، لا نريد ان نكتشف اشياء بعد الانتخاب.
* ماذا تعني بالطريقة الامريكية.. هل يمكن التوضيح اكثر؟
- اعني ان كل سياسي له حياة سياسية وكذلك يجب ان نتعرف كل تاريخه السياسي واعماله السابقة عندئذ وبالمقارنة نختار الافضل، لا نريد ان نفاجأ أو نكتشف شيئا سيئا بعد انتخابه وخاصة اننا جربنا في مرحلة سابقة ولغاية الآن مفاجآت غير سارة لأننا لم نتبع طريقة علمية ولم نسأل ولم تكن هناك مساءلة حول تاريخ المرشح السياسي. أو كما حدث فرض علينا فرضا الرؤساء لم يأتوا نتيجة تشاور شعبي وتشاور نيابي.
*هل تعتقد بإمكانية ان يكون للقاء قرنه شهوان الدور المؤثر في اختيار الرئيس اللبناني الجديد؟
- قرنه شهوان كانت تجمعا لبعض السياسيين الذين اتفقوا مع المعارضة تحت الوجود السوري وانتقلوا مؤخرا للمعارضة التي نمثلها نحن والتي كانت ضد الاحتلال السوري وطبعا تابعت قصة قانون محاسبة سوريا واستعادة سيادة لبنان كانت مواقفهم مضادة لمواقفنا لاننا سعينا لهذا القانون ومازالت هناك دعوى مقامة ضدي بسبب شهادتي امام الكونجرس، اما اليوم فقد تحولوا الى معارضين ويطالبون بخروج سوريا من لبنان بعد التشكيلة السياسية الجديدة، وبعد الانسحاب السوري سيكون هناك خمس اوراق نعود بها الى تكوين الحياة السياسية اللبنانية بشكل افضل ان شاء الله.
* في نفس الاطار اود سؤالك عن لقائك الاخير بالبطريرك نصر الله صفير في باريس وكان في طريق عودته من باريس، هل طويت للأبد خلافاتكما؟
- لم تكن هناك خلافات شخصية مع غبطة البطريرك كانت هناك خلافات مواقف وقد تبددت الآن وصار هناك اجماع على الموقف الداعي للانسحاب السوري بالكامل من خلال المطالبة باتفاق لم تعد سوريا تعترف به وهو اتفاق الطائف، والخلافات التي كانت بيننا وبين السوريين كانت بسبب عدم جدولة الانسحاب السوري ولم تكن بسبب الاصلاحات الدستورية كما اعلنوا باعلان مضلل كي يتخلصوا من وجودي بالحكم.
* نود معرفة المزيد من تفاصيل لقائكم بغبطة البطريريك؟
- التفاصيل نتركها للحديث الخاص.
*اتحدث عن تفاصيل يريد اللبنانيون معرفتها؟
- (شو الغامض بمواقفنا!) ليس هناك غموض.
* تحدثت عن شكل العلاقات التي تريدها بين سوريا ولبنان بعد الانسحاب ما هي ملامحها؟
- لقد تركوا لبنان وتركوا وراءهم متفجرات يجب ان تصبح العلاقات مع سوريا جيدة لكن لا يمكن ان يكون هذا التوجه من طرف واحد، لأنه ولغاية الآن السوريون يتدخلون في لبنان عن طريق ضغطهم على مجلس النواب الذي انتهت ولايته “وعم بيتدخلوا من خلال الاحزاب اللي كانوا مسلحينها واللي هي كما اعتقد وراء الاعمال الارهابية الحالية”، هنا أمر العلاقات مع سوريا يتوقف على ان تقر سوريا بتركها لبنان وشأنه وساعتها نبني علاقات معهم “على احسن ما يرام كما يقال”.
* رأينا كيف اصدرت بيانا تطلب فيه من اللبنانيين معاملة العمال السوريين في لبنان بشكل لائق بعد الذي حدث! ووجدنا بالأمس لبنان متأثرا بخسائر كبيرة ويكاد قطاع البناء يتوقف نتيجة خروج العمال السوريين؟
- “فينا نأمن العمال” من مصر، وفي البيان الذي اصدرته دعوت اللبنانيين لمعاملة العمال السوريين بشكل لائق فهم ايضا ضحايا النظام حين ذهبوا بحثا عن رزقهم في الاعمال التي يقومون بها بلبنان، وكما قلت يمكن الحصول على العمال من سريلانكا ومن مصر، وهناك عمال كثر من مصر الآن بلبنان وفي خلال اسبوع واحد نستطيع ان نحضر طائرات محملة بالعمال من مصر ومن الدول التي تعاني البطالة والتي بحاجة لهذه الاعمال، لكننا مع احترام الانسان فنحن شعب عانى من هذه التجاوزات ولا نريد ان يعاني احد مما عانيناه نحن.
* اذن انت تتحدث عن امل بعلاقات مستقبلية مشروطة مع سوريا ولكن هناك من يتهمك ويتهم تيارك في الولايات المتحدة بالدعوة وراء اخراج قوانين معاقبة سوريا من الكونجرس؟
- قانون معاقبة سوريا واعادة سيادة لبنان له شقان كما هو واضح من اسمه. الشق الأول يتعلق بعلاقات امريكا مع سوريا وانا لست مسؤولا عن هذا الشق في هذا القانون الذي جمع بين قانونين، انا معني بالشق الثاني وليس كل الناس في واشنطن محسوبين عليّ، الاشخاص الذين اتعاطى معهم واشتغلوا على القانون معروفون بدقة، هذه هي توجهات وسياسة التيار الوطني الحر ويجب ألا ينسب الينا اكثر من ذلك لبعض الاشخاص فهم ليسوا منا طبعا هناك توجهات مختلفة في لبنان لكن ليست هناك تيارات حليفة لنا في الولايات المتحدة تنطق وتعمل باسمنا نحن علمانيون نريد نظاما علمانيا ونسعى اليه، ونحترم حاليا النظام الطائفي القائم لكن نحضر الشعب اللبناني ثقافيا واجتماعيا للمطالبة بحكم علماني يدير شؤون المواطن اللبناني المرتبط بالدولة والوطن وليس المواطن المرتبط بالطائفة هذه هي نظرتنا المستقبلية ونسعى الى ان يعتمد الشعب اللبناني هذه النظرية لنحقق اصلاحات جذرية نلغي فيها النظام الطائفي لاقامة نظام علماني يجمع بين الطوائف بقانون واحد.
* ألست على اتصال او تواصل رسمي مع واشنطن؟
- بالتأكيد التواصل يؤمنه اللبنانيون اي الامريكيون من اصول لبنانية وانت تعرفينهم هناك طوني حداد وجابي عيسى ونبيل سحلاني رئيس “كليو” اما عندما يكون هناك شيء استثنائي فأنا اذهب الى الولايات المتحدة.
* يبدو امر التقارب الامريكي الفرنسي فيما يتعلق بالشأن اللبناني والسوري مثيرا للتساؤلات لا سيما بعد خلافات باريس وواشنطن حول السياسات لا سيما عقب حرب العراق!
- اولا لدى فرنسا موقع خاص بلبنان وعلاقات ثنائية وقضايا ثقافية وهذا طبيعي وممتد منذ 750 عاما، من ناحية قانون مجلس الأمن الدولي 1559 تعلمين ان فرنسا هي مهد شرعية حقوق الانسان وحقوق المواطن التي وضعت عقب الثورة الفرنسية، وكما انه هناك قرار دولي 520 الذي ينص على انسحاب جميع القوى من لبنان ولم ينفذ رغم مرور 28 سنة على صدوره، وجاء قانون محاسبة سوريا واستعادة سيادة لبنان، ثم قرار الامم المتحدة كان ذلك كله متوقعا لأن الحرية تقليد فرنسي تلاقى مع الاستراتيجية الامريكية الحالية لدعم الحرية والديمقراطية.
*ولكن كما رأينا فإن القوى السياسية اللبنانية تؤيد عدم وصاية خارجية!!
- شو (ماذا) وصاية!! انها وصاية الشرعية الدولية شرعية الأمم المتحدة، هل كانت قرارات الأمم المتحدة لحماية الولايات المتحدة ام لحماية الدول الحرة، هل نشرع احتلال سوريا للبنان ونرفض المساعدة الدولية التي جاءت وفق شرعية حقوق الانسان!! نريد ان تحررنا وان ترجع لنا حقوقنا، لبنان كان من الدول التي شاركت في مؤتمر سان فرانسيسكو العام 1945 لاعلان تأسيس الأمم المتحدة وصرنا الآن البلد الوحيد المحتل بالعالم! هذا جهل جهل بالقانون وبالتاريخ ان يقولوا ان هناك محاولات فرض وصاية امريكية او فرنسية، “شو كانت بتعمل سوريا في لبنان؟ لقد افسدت كل شيء نظامنا السياسي والاخلاق ونشرت الفساد، شو النموذج اللي عم بيقدم حين يقولون ما بدنا وصاية، هل هو نموذج مخلفات الستالينية”.
* البعض وصل للتباهي بأن تحرير لبنان سيكون مقدمة تحرر بقية الدول العربية للتحرر من الطغيان؟
- لا تنسي ان بيروت كانت عاصمة الحرية في الشرق الأوسط الآن تعود لمكانتها، بيروت كانت ملجأ للعرب الفارين من بلادهم بسبب الحرية، وربما كان ذلك احد الاسباب التي حاولوا ان يخربوا لبنان لأجلها، كلمة الحرية في الشرق الأوسط تخيف كل الانظمة لانه عندما تعصف رياح الحرية لا تعرف حدودا، مثل الدين مثل الحب لا تعرف حدودا ولا حواجز فهي تجتازها.
* ذكرت في اول حديثنا ان لبنان سيكون آخر الموقعين على اتفاق سلام مع “اسرائيل” وبالطبع وصلتك اخبار اذيعت “اسرائيليا” عن زيارات ولقاءات مع معارضين لبنانين.
- ليست لي علاقة بهذا الموضوع أنا عندما اتكلم عن “اسرائيل” اتكلم من منطلق حاجة لبنان للاستقرار على الحدود.. دعيني أقل لك ان عدم الاستقرار يمنع البناء الاقتصادي أنا اتحدث بصوت عالٍ، وعندما اريد ان ازور “اسرائيل” أو اتحدث مع “اسرائيليين” صدقيني سأعقد مؤتمرا صحافيا واعلن ذلك، أنا ما تعودت سوى على الشفافية وربما كان هذا سبب قربي من الشعب اللبناني، واحيانا يحدث ما يؤذيني بسبب صراحتي وشفافيني هذه، لأنه عندما يتكلم الانسان بصراحة قد يجرح لأن الحقيقة تجرح.
* أراك متفائلا، هل أنا محقة؟
- أعتقد انه سيكون هناك مشاكل امنية بدأت بالتفجيرات وهذا للأسف يسبب خسائر بالارواح وخسائر مادية ويسبب لي قلقا، لكنني متفائل لأن المسار تحرك ولن يعود للوراء “لكن صار الشعب اللبناني بدو يتحمل”.
*انت تستعد الآن للعودة الى لبنان كيف تتحسب للحظة العودة؟
- سألتني من قبل ما الذي كنت افكر فيه لدى مغادرتي لبنان في 13 اكتوبر/تشرين الاول ،1990 أي قبل خمسة عشر عاما، كنت افكر “كيف بدي ارجع”، الآن (ضاحكا وسعيدا للغاية) “هلأ راجع.. وأنا كضابط جيش خدمت في مختلف المناطق اللبنانية احب ان أرى من خلال الناس اللي اتعرفت عليهم خلال هذه الاعوام اود ان تلاقيني وجوههم بالمطار، وهذا ما سيعزيني عن سنوات العذاب”.
* هل ستعود ومعك بناتك؟
- اكيد.. طبعا سيصحبنني الى هناك.
مزارع شبعا تنتظر ترسيم الحدود مع سوريا
رداً على سؤال بشأن مزارع شبعا؟ والعلاقات مع سوريا قال عون أن مشكلة شبعا عالقة بيننا وبين سوريا، أولا سوريا ضمت شبعا اليها عام 1957 ومن ثم خططت ضمن الحدود السورية عبر الامم المتحدة، وعلينا اولا تصحيح ترسيم الحدود أولا بيننننا وبين سوريا أو بالتفاوض حتى تتركها “اسرائيل”، وعندها نستطيع ان نحدد موقفنا، لكن لا يجب ان يبقى السلام الى اجل غير مسمى وغير محدد وهذا ما يتهدد اقتصادنا لأنه طالما هناك حرب وفي ظل وجود جيش بالتوازي مع الجيش الرسمي والذي يجب ان يأخذ على عاتقه قضية مزارع شبعا وأمن الحدود، فلن يكون هناك أي توظيف مالي واقتصادي بلبنان ونحن بأمس الحاجة لهذا المال بعد ان تعدت ديون لبنان 350 في المائة من دخلنا الوطني، الموضوع بالنسبة لنا موضوع داخلي قبل ان يكون موضوعا خارجيا وقضية مزارع شبعا لا تؤثر لا في سيادتنا ولا في استقلالنا ولا في حريتنا، وبإمكاننا الانتظار لخطة إعادة ترسيم الحدود، واذا لم تقبل سوريا بترسيم الحدود فسنطالب بأن تقوم الأمم المتحدة بترسيمها وعندها ستنتهي المشكلة.
أما علاقتنا بسوريا فإنها تختلف عن علاقتنا ب “اسرائيل”، الشعب السوري شعب شقيق لكن هناك حالة حرب بيننا وبين “اسرائيل”، لا نساوي بين علاقتنا بالشعب السوري وعلاقتنا مع “اسرائيل”، لا ليست لنا علاقة مع “اسرائيل” لكن الاحتلال السوري للبنان كانت له مفاعيل اسوأ بكثير مما تعتقدين فقد فرضوا علينا نظاما ديكتاتوريا بالفكر الواحد، قضوا على حرية الاعلام وحرية الرأي وزوروا الانتخابات النيابية وافرغوا كل مؤسسات الديمقراطية من معانيها فأصبحت هياكل عظمية لا معنى لها.. هذا كله حدث بسبب الاحتلال السوري الذي كرس الفساد في جميع ادارات الدولة مما تسبب في هدر وسرقة اموال كثيرة.
هل يعود لحد وقواته ؟
رداً على سؤال حول دعوة المعارضة لعودة الجميع إلى لبنان بمن فيهم لحد وأفراد جيشه الموالي ل “اسرائيل” قال عون: حسنا.. كل الأمور التي حدثت على الاراضي اللبنانية يجب ان يفتح فيها تحقيق لأن ما حدث على الشريط الحدودي لم يكن مسؤولية هؤلاء فهم عانوا الأمرين من الاحتلال “الاسرائيلي” ولم يبق هناك من ملجأ لهم سوى “اسرائيل” ليعيشوا فيها. لقد سدت عليهم جميع طرق الاتصال ولم تقدم لهم الحكومة اللبنانية أي مساعدة، هناك اشياء مخفية عن الرأي العام الدولي والمحلي حول هذه الوقائع يجب ان تجلى اولا، وبعدها يصير هناك معيار للعفو أو لاستيعاب الجميع أو اجراء المقتضى القانوني.
واتابع التحقيق حول وجود لحد والوضع الحدودي منذ عام 1975 والى ان انسحبت “اسرائيل”، وهل قدمت لهم الدولة منذ ذلك الوقت حتى الآن أي ما يزيد على 25 عاما لهؤلاء الموجودين على الزنار (الحزام) الحدودي حلا، غير الذي فرض عليهم! عندها النظرة ستتغير حول الموضوع أنا هنا اتحدث عن لحد لا عن غيره ولكن الشريط الحدودي كبير وفيه عشرات الآلاف من السكان الذين اصبحوا كلهم أو اغلبيتهم متهمين ولا تعرف هل فتح لهم طريق الدخول الى لبنان فذهبوا الى “اسرائيل” أم ان “اسرائيل” اتت اليهم، وهل كانوا يريدون التعامل فعلا مع “اسرائيل” أم ان التعاون أصبح بالنسبة لهم ضرورة للبقاء على قيد الحياة، هذه أمور يجب ان تطرح بشكل هادئ وموضوعي وعندها يصار المقتضى القانوني ولكن ليس بالطريقة العشوائية حتى نغطي على مسؤولية حكم لم يتواجد مرة خلال 25 سنة ولم يقدم أي حل للموضوع لا بالتفاوض مع الدول ولا بمد يد المساعدة لسكان هذه المنطقة.
التعليقات