بهية مارديني من دمشق: يبدو ان الغزل السوري تجاه واشنطن والتمنع الاميركي الذي يخفي ارتياحا وقبولا قد يؤتى أكله في وقت اسرع مما هو متوقع بكثير. فليس من العبث ان يبدي وزير الخارجية السوري فاروق الشرع ارتياحه لتصريحات الرئيس الاميركي جورج بوش حول الانتخابات الرئاسية اللبنانية إذ جاءت تصريحات الشرع حول اللغة الاميركية الجديدة لتؤكد الشائعات التي تحدثت عن قرب عقد لقاء سوري-اميركي في واشنطن كان مقرر اصلا في البداية في العاصمة الايطالية روما .

واحدث سلسلة في التقارب السوري السوري-الاميركي اذا صحت التسمية ماصرح به مصدر سوري مأذون من ان العلاقات السورية الاميركية ستشهد المزيد من الانفراج خلال الفترة القادمة رغم ان هناك صعوبات لاتزال ماثلة في الطريق .

اذن هل تنتظر تطورات دراماتيكية قريبة على خط دمشق واشنطن ؟ المراقبون لايستبعدون شيئا وان كان الامر تعدى القصف التمهيدي ووصل الى خطوات عملية بدت ظاهرة للعيان بل وفاقعة على هذا الخط .

فزيارة رئيس الوزراء العراقي اياد علاوي الى دمشق واستقباله بحفاوة قل نظيرها وتوقيع رزمة كبيرة من الاتفاقات وتشكيل لجنة امنية مشتركة لمراقبة الحدود بين البلدين بعد ان وصل الامر الى التهديد العسكري كلها تدل على ان دمشق وواشنطن قطعتا شوطا كبيرا في صياغة تفاهمات واتفاقات يمكن ان تعيد صياغة المشهد الاقليمي بأسره خصوصا اذا ما نظرنا الى التشنج الاميركي الحالي تجاه طهران .

فالاميركيون ادركوا بعد عام من احتلال العراق ان سورية ليست معنية ابدا باختلاق مواجهة معروفة النتائج مع الولايات المتحدة كما انها لاتريد ان تنحرف ان قضيتها الاساسية مع اسرائيل التي كانت تطمح الى تكرار سيناريو احتلال بغداد في دمشق لذلك تم وضع ايران الطامحة الى ان تصبح قوة نووية "خارج السيطرة"تحت المجهر وهنا ربما يكمن سر الانقلاب الاميركي "العراقي" باتجاه دمشق .

السوريون كما يعرف المتابعون معروفون باقتناص الفرص الاستراتيجية ويجيدون الخروج من عنق الزجاجة كل ما ضاقت بهم الازمات لذلك كانت البوابة العراقية هي الباب الذي نجحوا في ولوجه ببراعة حتى الان وقد سهل علاوي عليهم الامر اذا اعلن جهارا نهارا انه نقل رسائل بين السوريين والاميركيين وانه يعمل على تحسين العلاقات بين البلدين .

الصورة كما يبدو بدأت تتوضح شيئا فشيئا الاميركيون والسوريون قطع كل منهما نصف الطريق … وحكما التقت المصالح في المنتصف ، لبنان والسلام الشرق اوسطي والعراق والارهاب كلها قضايا على بساط البحث والايام القادمة ستكشف المزيد وربما سيكون من دواعي سرور البيت الابيض الاعلان عن ان دمشق اختارت ان تقف في صف الدول التي تكافح الارهاب وبالتالي كان من الحكمة عدم وضعها في صف محور الشر .

السوريون وعلى لسان وزير الخارجية فاروق الشرع تحدثوا عن شرعية حكومة علاوي وخلا حديثه اكثر من ساعتين عن أي ذكر للاحتلال الاميركي في العراق وبالطبع تحولت هذه القوات في الخطاب السياسي السوري الى "قوات متعددة الجنسيات "مع كل مايستتبع هذا الامر من تداعيات ومواقف لم يكن من الصعب الافصاح عنها خلال الزيارات التي اصبحت شبه يومية من المسؤولين العراقيين الى عاصمة الامويين .

واخر القادمين الى دمشق سيكون نائب رئيس الوزراء العراقي ابراهيم الجعفري الذي سيبحث مع السوريين وضع التفاهمات التي ابرمت مع علاوي موضع التنفيذ .

السؤال الان هل قبضت دمشق الثمن؟ الجواب: بالتأكيد لن تفعل شيئا كرمى لعيون واشنطن ومن حضر لقاء وزير الخارجية السورية اول من امس يتأكد ان المصالح السورية تم الاخذ بها الى حد بعيد ولكن كل مايتمناه السوريون ان لاتكون التنازلات مؤلمة الى درجة لايمكن اصلاحها .