أسامة العيسة من القدس: كانت الفتاة الفلسطينية، آيات الأخرس، تحلم أن تدرس في الجامعة وتتخرج صحافية، ولم يكن أمامها سوى عام واحد لتنهي دراستها وتدخل الجامعة وتحقق حلمها، ولكن

آيات الاخرس
ادث معين وقع في محيطها جعلها تغير رأيها بشكل جذري.

أصاب رصاص جيش الاحتلال جار لعائلتها اسمه عيسى فرج كان يجلس مع ابنته الرضيعة، فاخترق الرصاص النافذة وأرداه مضرجا بدمه، أمام الرضيعة التي لم تدرك ما الذي حدث للشخص الذي كان يهدهدها قبل أن يسقط أمامها.
أسرع شبان الحارة لنجدته، بينما اعتلت آيات وشقيقاتها السطوح وأخذت تصرخ وتبكي مما رأته، وزاد حزنها أن جارهم فرج توفي قبل أن يصل المستشفى متأثرا بجراحه.

والد آيات، أبو سمير قال لمراسلنا "كانت آيات متفوقة في دراستها، وحلمها أن تصبح صحافية، وعندما كانت ترى جرائم الاحتلال على شاشات الفضائيات، تتحرق لتكون هناك وتنقل ما يحدث لشعبها".

وفي إحدى الليالي كانت تجلس مع والدها يتابعان الأحداث، وسهرا معا، لأنها كانت تذاكر لتقديم امتحان في المدرسة، واخر شيء قدمته لوالدها، في تلك الليلة، كان فنجان من القهوة، قبل أن تتجه إلى السرير، دون أن تبدي شيئا عن أي خطط مستقبلية.
وفي اليوم التالي قدمت امتحانها في المدرسة كما يليق بفتاة مجتهدة، وعندما أنهت اليوم الدراسي أسرعت بالخروج، فكان لديها امتحان أهم، حيث استطاعت الوصول إلى القدس وتفجير نفسها في ظرف صعب كان يعاني منه شعبها.

وبدلا أن تكون صحافية أصبحت مادة للصحافة العالمية حيث ما زال أبو سمير يستقبل الصحافيين من مختلف دول العالم يأتون لتقصي ما يحدث في الأرض المحتلة.

وإذا كانت آيات لم تفلح بتحقيق حلمها بان تكون صحافية، فالأمر يختلف مع آمنة منى، التي يطلق عليها فتاة الإنترنت الفلسطينية، والتي استدرجت بمساعدة رفاق لها في كتائب شهداء الأقصى، شاب إسرائيلي وخطفه.
واستخدمت آمنة الإنترنت لذلك، وقدمت نفسها ل (صديقها) الإسرائيلي باسم مستعار هو سالي، وعندما استدرجته الى رام الله، قتل في أثناء نقله من سيارتها إلى سيارة رفاقها، وفي حين اتهمت آمنة جيش الاحتلال بقتله بإطلاق النار عليه من مستوطنة مشرفة على مدينتي البيرة ورام الله، فان المحكمة العسكرية الإسرائيلية أدانتها بالتسبب بمقتل الشاب الإسرائيلي، وتقضي آمنة ألان حكما بالسجن المؤبد وتتزعم الأسيرات في سجون الاحتلال، بعد اختيارها ممثلة لهن.

وبعد اعتقال آمنة وتبين دورها في اختطاف الإسرائيلي، طرح اكثر من سؤال، حول هذه الفتاة الذكية والتي تدرس في جامعة بير زيت وأخذت تشق طريقها في العمل الصحافي، وكيف تحولت من صحافية وضعت أقدامها على طريق المهنة إلى فدائية نشطت في كتائب شهداء الأقصى.

قالت آمنة "ما رايته من جرائم الاحتلال، جعلني ابحث عن طريقة أخرى للنضال ودعم شعبي".وأضافت آمنة أن سبب استدراج الشاب الإسرائيلي كان جعل الأمهات الإسرائيليات

امنة منى
عرفن مدى معاناة الأمهات الفلسطينيات حين يفقدن أبنائهن، ولم يكن الهدف من الخطف سوى أن يستمر عدة أيام ثم عقد مؤتمر صحافي يطلق فيه سراح الإسرائيلي والتنويه بتلك المقارنة بين عذابات الأمهات الفلسطينيات والإسرائيليات.

وفي جامعة بير زيت درست أيضا أحلام التميمي، الفتاة الفلسطينية التي ولدت في الأردن بعيدا عن وطنها، وعادت لتلتحق في قسم الصحافة في الجامعة، وعملت في تلفزيون محلي وكانت تقدم برنامجا إخباريا أسبوعيا.
وعندما اندلعت انتفاضة الأقصى، عاشت هذه المرة عذابات والام شعبها، بعد أن كانت في ظروف سابقة تسمع عنها وهي خارج الوطن.
وبسبب عملها الصحافي اطلعت عن قرب على ممارسات غير محتملة من جنود الاحتلال، فانضمت إلى كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، لتكون أول فتاة في هذه الكتائب.

وهي مثل زميلتها في نفس الجامعة آمنة منى فتاة ذكية ومنفتحة ومستقلة إلى حد كبير، وتشترك الاثنتان مع آيات الأخرس أنهن من اسر ميسورة، فكان لدى أحلام مثلما كان لامنة سيارة شخصية، استخدمتا في عملهما الفدائي.وساعدت أحلام في إخراج عمليات مدوية في القدس، وكانت تجول بسيارتها وتحدد الاماكن المحتملة للعمليات.

ولم تنتهي علاقة الصحافة بالفدائيات عند الثلاث، فسلمى أبو سالم منفذة العملية الأخيرة في التلة الفرنسية بالقدس، عملت ورغم صغر سنها، لنبوغها وذكائها، في التلفزيون الفلسطيني كمقدمة برامج

سلمى ابو سالم
لأطفال.واطلعت على معاناة أطفال شعبها خصوصا وإنها أيضا غادرت مرحلة الطفولة قريبا، فعندما نفذت العملية لم تكن تجاورت الثامنة عشر.

ولدت سلمى في مخيم عسكر للاجئين الذين فقدوا قراهم عام 1948، وهي من أجيال فلسطينية ولدت وعاشت في ظل الاحتلال، وأمضت سني عمرها وهي تسمع من كبار السن ذكرياتهم عن تلك البلاد التي هجروا منها وأصبحت الان جزءا من دول إسرائيل، التي لاحقتهم حتى في المخيمات التي لجأوا إليها عندما احتلت باقي الأراضي الفلسطينية عام 1967.

وتولد الوعي السياسي لدى سلمى مبكرا، فهي عاشته ولم تتعلمه، ورأت أشقاءها وأقرباءها وجيرانها يختفون وراء جدران السجون الإسرائيلية أو تحت التراب، وعندما حققت أمنيتها بالعمل الجزئي في التلفزيون يبدو أنها أدركت أنها يجب أن تخطو خطوة أخرى، وهو ما حدث مساء أول من أمس الأربعاء في التلة الفرنسية بالقدس.