علي مطر من اسلام اباد: تمتلئ نشرات الاخبار باسماء غريبة تتناقلها الشعوب بدون ان تعي ما وراءها من معاني قد تكون في معظمها مضحكة او ذات دلالات فلسفية محددة يصعب على الكثير ادراكها؛ واذا كانت الاسماء الصينية ذات اصوات غريبة فان الاسماء الهندية عامة والبنغالية خاصة صعبة النطق والفهم؛ ويمكن تجاوز اسماء طائفة السيخ التي تنتهي دائما باسم سنغ الذي يعني الاسد، ومؤدى ذلك ان افراد هذه الطائفة يحاولون التحلي بصفة في الاسود وهي القوة والجبروت.
وعودة على الاسماء البنغالية التي تعتبر الاكثر صعوبة باعتراف اصحابها؛ فهي اسماء تبعث على الحيرة وهذا ليس امرا جديدا بل عانى منه البريطانيون في سنوات مكوثهم الطويلة في هذه المنطقة. فهل من المعقول ان ينادى المرء بـ ( جاترجي ) ان كان اسمه جاتوآباضياي. فلاعب الكركت الهندي جانجولي يسمى في الواقع جانجوآباضياي! ولكنه لا يبدو متأثراً كثيرا من التغيير التلقائي الذي طرأ على اسمه. لم هذا التحريف كله في الاسماء البنغالية؟ لماذا هذه المعاملة التمييزية لاسمائهم؟
احد الاجوبة تنص على ان الاسماء البنغالية تتكون من صفوف طويلة من الحروف اللاتينية التي تجعل من يحاول قراءتها يشعر بالدوخة خصوصا ان كان من حملة النظارات الطبية على انفه، بالاضافة الى انها تتطلب جهدا خاصا لنقلها من اللغة البنغالية الى اللغة الانجليزية. فالتهجئة الصحيحة الوحيدة للاسم البنغالي تكون فقط باللغة البنغالية او على الاقل هذا ما يعتقده البنغاليون. وهذا ما يجعل البنغاليين يلعبون بسرعة بالاحرف اللاتينية ويخطئون بطريقة واضحة بالاملاء لعدم تمكنهم من اجادة انموذج واحد من تهجئة اسمائهم.
وهناك بعض الاسماء البنغالية التي تمت فيها الاستعاضة عن مقطع (( آباضياي )) وحل مكانه مقطع (( جي )) مثل بانضوآباضياي الذي اصبح بانيرجي وجاتوآباضياي الذي تحول الى جانجولاي وموخوآباضياي الذي سار على طريق التحول الى موخيرجي وجاتوآباضياي الذي اصبح جاتيرجي.
وكل زوج من هذه الاسماء له دلالة واحدة مع اعتبار ان شكل ((آباضياي )) على انه الشكل الصحيح ( هذا المقطع يعني مساعد المدرس او القديس ) وهو الاسم الذي يجب استخدامه في المعاملات الرسمية حتى ان كان الشخص المعني يستخدم شكل ( جي ) في التعاملات اليومية.
وعلى الرغم من اسم جاتيرجي يمكن ان يكتب بسهولة باللغة البنغالية الا ان الممثلة الهندية سوميترا جاتيرجي تدعى سوميترا جاتوآباضياي في الافلام التي يخرجها ساتياجيت راي.
اما ان كان الاسم الذي يحمله احد البنغاليين هو بانيرجي وحصل على شهادة من جامعة كالكوتا؛ فان اسمه على الشهادة سوف يُقرأ باندوآباضياي بالاحرف اللاتينية. وسيكون من الصعوبة بمكان توضيح الفرق في الاسم في معاهد الدراسة الامريكية. وستزداد الصعوبة في المدن الامريكية اذا كان هناك اشتباه بالاسم في ادارات ملاحقة الارهابيين؛ بل ان الامور ستكون اشد صعوبة اذا كانت لاسامة بن لادن أصول ذات صلة باسماء البنغاليين!
هناك نظريتان لظهور هذه النوعية من الاسـماء البنغالية. الاولى تقول ان نمط ( جـي ) قد جاء من خلال محـاولات الانجـليز خلال فترة احتـلالهم للهند لتبسـيط الاسماء. وتقول النظرية الاخرى ان شكل ( جي ) جاءت قبل قدوم الانجليز للهند وكانت بديلا للتسمية قام البنغاليون بايجاده وحظي بالدعم من البريطانيين في سني حكمهم.
ويرى بعض الباحثين ان اللغة البنغالية تشبه اللغة الصينية أي ان ما يكتب لا يشبه ما ينطق. الا ان القرن التاسع عشر كان رحيما بهذه اللغة عندما ظهر شكل جديد لها يمزجها باللغة السانسكريتية. فقد تم استبدال الكثير من كلماتها بما يقابلها من اللغة السانسكريتية. ولكن ظلت مشكلة نمط (آباضياي ) ماثلة للعيان والتي يعتبر جزءها الاخير البادئ بحرف ض او د ذو دلالة على كل شيئ ابتداء من التدريس الى التفكير او العبادة. ويعني حرفي (آب ) المساعد او النائب باللغة البنغالية. واذا تمت اضافة مقطع (اباضياي ) الى أي اسم فان هذه المعاني سوف تلحق تلقائيا بهذا الاسم. وبهذا فان اسم بانضوآباضياي يعني ان الشخص صديق او مساعد لقديس او مدرس. وهذه الاضافة تعني كذلك الطاعة ولن يكون من الصعوبة بمكان اقتباس معنى طاعة الآله منها.
مسلموا البنغال هم الاخرون يعانون من صعوبة اسمائهم كذلك خصوصا عندما تأتي محاولاتهم المتكررة لنطقها كما يجب ان تنطق باللغة العربية التي اشتقت هذه الاسماء منها. فان كان اسم البنغالي المسلم "جليل" فانه ينطق باصوات اللغة البنغالية "زليل" القريبة من كلمة ذليل. اما ان كان الاسم ظهور فانه سينطق جهور. والامر الخطير هو محاولاتهم لنطق اسم مؤسس باكستان "جناح" والذي سيتحول الى كلمة "زناه"!
وفي باكستان كذلك فان هناك بعض الكلمات التي تجد صعوبة في الخروج من افواه الباكستانيين بصورة مقاربة لنطق العرب. فكلمة رمضان على سبيل المثال تصبح رمزان. وكلمة ضياء تصبح زياء. اما اسم " ثمينة" فانه يتحول الى سمينة.
[email protected]