ريما زهار من باريس: انها المرة الاولى التي ازور فيها باريس لكنها ليست المرة الاولى التي اسافر فيها، انها باريس " الام الحنون" معقل المنبوذين المضطهدين ومنارة الحضارة والتقدم.
هذا ما كنت اعتقده في البداية وكانت الافكار الجميلة تنتابني كلما ذكر احدهم هذه العاصمة الفريدة التي نتكلم لغتها ونفرح لفرحها ونتأثر لمصابها.
الرحلة دامت 10 ايام قصدت خلالها اماكن عدة وخرجت بانطباع واحد: باريس الجميلة تفتقر الى حنان العائلة ودفء العلاقات الانسانية، انها كزهرة "التوليب" جميلة لكن دون رائحة ذكية فهي باردة ومتعجرفة كتعجرف سكانها الاصليين(ليس الكل فقط سكان باريس اما سكان القرى المجاورة فهم لطفاء جداً)، فضلاً عن غلاء المعيشة فيها بعد ارتفاع سعر اليورو كل هذه الامور جعلت من الشعب الباريسي نموذجاً مختلطاً من كافة الانماط فتجد فيها الحزين والمخبول والمتشرد و الغني والفقير والعربي واليهودي...

النورموندي
المحطة الاولى كانت الى منطقة النورموندي اي ضواحي باريس قليل من الرومانسية والاحلام الجميلة في بلدة كابور الواقعة على بحر المانش دون ان ننسى بلدتي دوفيل وتروفيل المشهورتين بابنيتهما الرائعة والكازينوهات والتي يقصدها الكثيرون من الوسط الفني خصوصاً عمر الشريف.

الجنرال
كان الهدف الأساسي من رحلتي الى باريس مقابلة الجنرال ميشال عون الذي استقبلني بكثير من رحابة الصدر وأجاب على أسئلتي بكثير من التفهم وبعد الرؤيا...

فيرساي
ولا يمكن زيارة باريس دون التعرف على تاريخها العظيم تاريخ الملوك والاثرياء الذين حكموا في العصر الماضي وادى حكمهم في النهاية الى افقار الشعب واطلاق الثورة الفرنسية فكان من الضروري زيارة قصر فيرساي والتريانو والهامو وكان لا بد من زيارتهم برفقة دليل سياحي.
دليلنا كان فتاة من التشيلي لا تعرف اين يقع لبنان وأطرف ما في الأمر انها سألتنا:"هل تنال المرأة اللبنانية حقوقها في لبنان؟ وهل عندكم حضارة كما في فرنسا؟
تركناها في اسئلتها الغبية ترشدنا على تاريخ فرنسا وتاريخ قصر فيرساي الذي انشأه الملك لويس الرابع عشر والخامس عشر والسادس عشر والملكة انطوانيت التي تربعت في التريانو وبنت لنفسها الهامو.

التسوق
في اليوم الخامس لوجودنا أعلنت باريس بدء الحسومات فكان لا بد من زيارة اسواقها التجارية المكتظة بالسكان وكأنه يوم الحشر. عشرات الاشخاص تكوموا ليحصلوا على حسومات واهية امام اسعار خيالية.
وكانت بداية احتكاكي بالشعب الباريسي عند طريق العودة في الباص...
كان الباص مكتظاً بالركاب من جميع الجنسيات الى ان دخلت احدى الباريسيات وتوجهت بالكلام الى امرأة من الجالية الصينية وقالت لها بكثير من الازدراء عليك مغادرة المقعد...اذهبي الى ديارك حيث العبودية.
انه الوجه الآخر لباريس الوجه العنصري الذي طالما دافع عنه المرشح السابق للجمهورية الفرنسية جان ماري لوبان الوجه الذي يشعرك بالغربة في بلد الصقيع والحنين الدائم الى وجه بشوش من وجوه لبنان...

ديزني
كثير من الطفولة والمرح قضيناها ساعات طوال في منتجع ديزني، كانت عودة الى الطفولة والمرح الدائم في العاب استعدنا فيها كباراً وصغاراً ومن جميع الجنسيات بعضاً من طفولتنا الضائعة.
ولا تكتمل الرحلة دون زيارة متاحف باريس فكان متحف أورسي وجهتنا ليشهد على تاريخ من قدموا الفن العظيم في تاريخ الشعوب الاوروبية.
اليوم الآخير كان لزيارة كل معالم باريس الأخيرة: برج ايفل "آرك دو تريونف" المسلة المصرية الكنائس الأثرية ومنها كنيسة نوترودام دو باري" دون ان ننسى منطقة مومارتر وغيرها...
...في طريق العودة الى بيروت أقلنا سائق لبناني مقيم في فرنسا منذ 15 عاماً ولا يزال يحلم بالعودة الى لبنان قال لنا انهم غير مرتاحين نفسياً في باريس وتفهمت شعوره فمجرد 10 ايام فيها جعلتني أحن بشكل غير طبيعي الى كل شبر من لبنان ورغم الأوقات السعيدة التي قضيتها هناك شعرت ان لا شيىء يضاهي روعة لبنان في أدق تفاصيله الجميلة والبغيضة.
نعم باريس جميلة وتملك أفخم الأبنية والمطاعم وأطيب المأكولات لكنها تفتقر الى الأساسي وهو ما يشتهر به اللبناني اي الوجه البشوش وحسن الأستقبال.
10 أيام في باريس كانت كافية كي أدرك بالتفاصيل مرارة الغربة ومدى اهمية لبنان وشعبه...

[email protected]