التمور العراقية تغيب عن الأسواق السورية

حيان نيوف من دمشق: غابت التمور العراقية عن الأسواق السورية للعام الثالث على التوالي من بعد الحرب التي أسقطت النظام العراقي. وغياب التمور العراقية ، التي غزت السوق السورية خلال السنوات الماضية أثناء علاقات تجارية حميمة بين البلدين ، أحال آلاف السوريين الذي اعتادوا بيعها على " البسطات " و " العربيات " إلى التقاعد وقد تمسكوا بأحلامهم لكي تعود التمور العراقية إلى عرباتهم كما يتمسك العراقيون بحلم عودة الديمقراطية إلى بلادهم بعد عقود طويلة من المعاناة.

ملك المائدة السورية غاب في الأضحى
خلت موائد السوريين هذا العام من التمر العراقي وخاصة في شهر رمضان وعيد الأضحى المبارك بعد أن كان "ملك المائدة" السورية خلال سنوات سابقة ، والآن سيطرت التمور السعودية على السوق.
أبو علي الماوردي ، مواطن سوري بسيط رسمت المعاناة تقاسيم وجهه ، وحطّت ملامح البؤس بين شفتيه وهو يتحدث ل " إيلاف " من وراء عربته -" رفيقة دربه "- ، بعد زوجته.
" عندما أتت التمور العراقية إلى السوق السورية كنت عاطلا عن العمل وفي بعض الأحيان أعمل في البناء من الصباح للمساء لكي أعيل أسرتي ، وعندها تحولنا أنا والكثير من زملائي في ( مهنة البطالة ) إلى باعة تمور واشترينا عربيّات جديدة وضعنا عليها التمور وبعناها في الحارات وفي جميع الشوارع " – يقول أبو علي الماوردي وفي كلامه غصّة حارقة.

واشنطن تآمرت على بائعي التمور!
ويحمّل أبو علي الماوردي الولايات المتحدة مسؤولية انقطاع التمور العراقية عن سوريا ، وتابع " يلحق بنا النحس - نحن الفقراء - فلم تفكّر الولايات المتحدة بإسقاط نظام صدام إلا عندما رحنا نبيع التمر العراقي ونكسب عيشنا فانقطع العيش من جديد وهكذا كما تآمرت أميركا علينا فإنها تآمرت على بائعي التمور في سوريا ".

وتتواجد التمور في السوق السورية وإنما بكميات قليلة ليست كما كانت خلال السنوات السابقة ، ومعظم التمور يأتي من بلدان خليجية وهذا لا يمنع ظهور تمور قادمة من العراق إلا أنها فقدت شعبيتها بين السوريين. يقول أبو علي :" كميات قليلة من التمور تأتي أحيانا من العراق ولكن الناس هنا يخافون أن تكون ملوثة بمواد ناتجة عن الأسلحة التي استخدمت في الحرب الأخيرة ".
وبعد أن تناقصت كمية التمور في الأسواق السورية هجر بائعو " عربيات التمور " مهنة بيع التمور إلى بيع الخضار والفواكه ولو أن المهنة الأخيرة لن تدرّ عليهم كما كانت تدر مهنة بيع التمور.

وقد تطول حكاية معاناة هؤلاء البائعين إلى فصول تتخللها مشاهد درامية ، حيث أصبحت معاناتهم هي "البحث عن المكان" للوقوف والمنادة على بضائعهم من خضار وفواكه ؛ البلدية يمكن أن تفرض عليهم غرامة بحجة أنهم يعيقون السير في الشوارع أو يخرقون قواعد النظافة العامة. وهذا ما يعلّق عليه أبو علي الماوردي ، قائلا باختصار : " لو وفّرت لي الجهات الحكومية فرصة عمل بالتأكيد لن أبيع على العربيّات ".

الحرب قضت على 25 مليون نخلة عراقية
ويعتبر العراق بلد النخيل الأول حيث كان يمتلك 40 مليون نخلة و يصدّر 100 ألف طن من التمور ، إلا أن الحروب المتواصلة أفقدته قسما كبيرا من هذه الثروة التي تضاهي ثروة القمح.
وتقول دراسة لمركز رعاية النخيل التابع لجامعة البصرة بأن عدد النخيل تقلّص إلى أقل من خمس وعشرين مليون نخلة. وتقول الدراسة :"إن أكثر من عشرة أنواع من التمور اختفت وانقرضت تماماً، وهناك أنواع أخرى معرضة للاختفاء ". وطالب المركز " بإجراءات واسعة لتنشيط زراعة النخيل، ودعا المركز الجهات الزراعية المسؤولة إلى إعادة إحياء الأنواع المنقرضة". وتقدر دراسة للمركز أن " أكثر من سبعة ملايين عراقي من جنوبي بغداد حتى شط العرب في أقصى الجنوب العراقي يعتمدون على بساتين النخيل، وتمثل التمور غذاءً رئيساً لهم".