أولى قضايا quot;الحسبة السياسيةquot; بالمحاكم المصرية
إستئناف محاكمة صحافي مصري بتهمة الشائعات
بدء محاكمة رئيس تحرير الدستور المصرية توقع إجراءات ضد الصحف الخاصة ومبارك يُطمئن
نبيل شرف الدين من القاهرة: وسط أجواء احتقان واستقطاب تسود أوساط الصحافة المصرية، بدأت اليوم الأربعاء وقائع الجلسة الثانية من محاكمة إبراهيم عيسى، رئيس تحرير صحيفة (الدستور) المستقلة، وذلك بالقضية التي يتهم فيها بترويج شائعات حول تدهور الحالة الصحية للرئيس حسني مبارك، والتأثير سلبيًا على الاقتصاد القومي بسبب تلك الشائعات، كما ورد في قرار الإحالة على المحاكمة .
وفي تصريحات خاصة لـ (إيلاف) قال حافظ أبو سعدة أمين المنظمة المصرية لحقوق الإنسان وعضو هيئة الدفاع عن عيسى، إن شهادات الشهود من الاقتصاديين المصريين لا تقطع بوجود صلة بين ما نشر في الصحيفة، وما قيل عن خسائر تكبدها الاقتصاد المصري نتيجة انتشار تلك الشائعات، كما أكد أن هناك العديد من الثغرات القانونية في المحاكمة التي يتوقع أن تسفر عن براءة إبراهيم عيسى من هذه الاتهامات.
وحركت نيابة أمن الدولة العليا (طوارئ) في مصر هذه القضية بناء على دعاوى أقامها محامون موالون للحزب الوطني (الحاكم)، بينما أعلن عشرات المحامين وممثلي منظمات حقوق الإنسان انضمامهم إلى هيئة للدفاع عن إبراهيم عيسى كما حضر هذه الجلسة ممثلون عن عشرات المنظمات الحقوقية المصرية والدولية بصفة مراقبين لوقائع المحاكمة وملابساتها .
واستمعت هيئة المحكمة لشهادتي فاروق العقدة محافظ البنك المركزي وأحمد سليمان رئيس هيئة سوق المال عن مدى تأثر الأسواق المصرية بما نشرته صحيفة quot;الدستورquot; ووقوع خسائر قيل إنها لا تقل عن 350 مليون دولار نتيجة تلك الشائعات، كما تستمع لاقوال ضباط أمن الدولة العميد محمود بركة ومحمد برغش وياسر المليجي الذين اجروا التحريات في تلك القضية المثيرة للجدل .
الدستور المشاغبة
وهذه القضية هي أولى القضايا التي يحاكم فيها صحافيون في إطار ما بات يوصف في مصر بقضايا quot;الحسبة السياسيةquot; التي يقيمها الحزب الوطني الحاكم ضد الصحافيين المعارضين والمستقلين .
ويواجه عيسى اتهامات أبرزها quot;نشر أخبار كاذبة من شأنها الإضرار بالمصالح الاقتصادية للبلاد وتكدير الأمن والسلم العامquot;، وقد تصل فيها العقوبة في حال الإدانة إلى السجن لمدة تصل الى أربعة أعوام بموجب قانون العقوبات المصري . ودعا ناشطون حقوقيون إلى التحرك ليس فقط لإلغاء العقوبات السالبة للحرية في قضايا النشر، بل الاهتمام بإعادة النظر في ما وصفوه بـ quot;الصياغات المطاطةquot; الحالية في قانون العقوبات المصري، كما وصفت التشنج في التعامل مع الصحافة مؤخرًا بأنها تشكل quot;حربًا استباقيةquot; من قبل الدولة لتقليص الحريات العامة ولمواجهة حالة الغضب المتصاعدة ضد السياسات الحكومية وقمع المطالبين بكشف الفساد والتصدي للاستبداد .
وتنشر صحيفة (الدستور) المصرية المستقلة تقارير وتحقيقات ومقالات رأي تتسم بالجرأة البالغة على المحظور السياسي والاجتماعي، والمعارضة الحادة للنظام الحاكم، وإثارة قضايا سياسية وفكرية واجتماعية ودينية تتسم بالحساسية، أوتقع ضمن ما يعرف بتعبير quot;المسكوت عنهquot;، وتوجه انتقادات لاذعة لكافة المسؤولين تقريبًا، بمن فيهم رئيس الجمهورية ذاته، الذي كثيرًا ما انتقدته بشدة، سواء خلال المقالات الافتتاحية التي يكتبها رئيس التحرير، أو في مواد الصحيفة الأخرى، التي تشتهر في مصر بأنها صحيفة مشاغبة، وتستكتب فريقاً من المحررين والكتّاب من الجيلين الجديد والوسط، وشتى المشارب والاتجاهات الفكرية، إذ تضم صفحاتها مقالات لكتّاب من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين، ومن التيار الديني حتى الليبراليين .
وسبق أن صودرت صحيفة (الدستور) وحجبت عن النشر، بعد أن كانت خلال التسعينات من القرن المنصرم تلقى رواجاً واسعاً، ثم عاودت للصدور بعد أن تمكن ناشرها عصام فهمي من تأسيس شركة برأسمال يكفل إصدار عدة صحف، من بينها (الدستور) و(صوت الأمة) وغيرهما، كما يقضي بذلك القانون المنظم للصحف الخاصة في مصر .
التعليقات