تاج الدين عبد الحق من دبي:
تبدأ في دبي يوم الأحد أعمال مؤتمر المعرفة الأول ، الذي يسلط فيه الضوء على قضايا التعليم في الوطن العربي ويطلق من خلاله الشيخ محمد بن راشد المكتوم نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة ورئيس مجلس وزرائها وحاكم دبي جملة من المبادرات في الميدان الثقافي في إطار المبادرة الثقافية الأم التي اعلن عنها في البحر الميت في الأردن قبل أشهر والقاضية بتخصيص ما مجموعه 10 مليارات دولار لدعم برامج التعليم والمبدعين من الطلبة الجامعيين في مجالات العلم المختلفة.
ويشكل التعليم حجر الزاوية في المؤتمر الذي تشارك فيه نخبة من ابرز الخبراء العرب في هذا المجال. وسيتناول المؤتمر الذي يستغرق يومين في اليوم الاول جهود اصلاح التعليم العام في الدول العربية وسيشارك في هذه الجلسة رئيس وزراء الاردن الاسبق عدنان بدران فضلا عن الدكتور حنيف حسن وزير التربية الاماراتي وعدد من المهتمين والخبراء في مجال التعليم. وضمن هذا المحور سيتناول البحث مدى كفاءة خطط اصلاح التعليم والكيفية التي يسير بها تنفيذ هذه الخطط وما حققته الدول العربية من انجازات على طريق الاصلاح والعقبات التي واجهتها ، وكذلك الكيفية التي يمكن فيها للمؤسسات الاهلية والقطاع الخاص ان تدعم برامج اصلاح التعليم.
وضمن هذا المحور يناقش المؤتمر قضية الامية في الوطن العربي وكيفية تحقيق نسبة100% في مجال التعليم . وفي هذا المجال يحاول المؤتمر الاجابة على عدد من الاسئلة المزمنة ومنها هل الجهود المبذولة مؤهلة للقضاء على الامية ومتى نتوقع عالما عربيا متحررا من الامية وهل صحيح ان شح الامكانيات هو سبب ارتفاع الامية وهل يمكن وضع برنامج عربي مشترك في هذا المجال والكيفية التي يمكن فيها الاستفادة من تجارب الدول النامية الاخرى وفي اطار موضوع التعليم يناقش المؤتمر حال التعليم العالي في الوطن العربي في ضوء الحقيقة المرة التي تم الكشف عنها مؤخرا وهي ان قوائم التصنيف الدولية لاتضم اي جامعة عربية بين افضل الجامعات في العالم . ويتطرق المشاركون في الحلقة النقاشية عن هذا الجانب الى الاسباب الكامنة وراء الواقع الراهن للتعليم العالي في الدول العربية ومدى ما قدمه التعليم الجامعي الخاص من اضافات نوعية للتعليم العالي في الوطن العربي ومناقشة العقبات التي تحول دون اصلاح التعليم العالي .
كما يتطرق المؤتمر الى الكيفية التي يمكن من خلالها تجسير الهوة بين التعليم وسوق العمل من خلال ربط مخرجات التعليم بمتطلبات السوق سلبا وايجابا ويحاول المؤتمر توضيح العلاقة بين السوق والعمل لا باعتبار ان نجاح التعليم يرتبط بالسوق فقط بل بالمجتمع ككل حاضرا ومستقبلا.
ويتطرق المؤتمر ضمن محور التعليم العالي الى كيفية النهوض بالبحث العلمي ومدى توفر بنية تحتية للبحث العلمي في الوطن العربي وطبيعة الرؤى الخاصة بهذا الموضوع ودور المؤسسات في توفير التمويل للابحاث العلمية والربط بين البحث العلمي واحتياجات التنمية . وامكانية وضع خارطة طريق للخروج من الحالة البائسة التي يعيشها البحث العلمي والاولويات في هذا المجال وكذلك اليات العمل والبرامج المطلوبة .
وضمن هذا المحور يتناول المؤتمر كيفية تجويد التعليم العالي في الوطن العربي ومدى كفاءة البرامج الوطنية في هذا المجال ولأن التعليم لاينفصل عن البيئة الثقافية ، فإن المؤتمر سيحرص على التطرق الى قضايا اخرى متصلة بقضية التعليم ومنها التراث العلمي ومكانته في عالم اليوم والكيفية التي يمكن للمشتغلين بالتراث ان يتعدوا في جهودهم من مخاطبة النفس الى مخاطبة العالم.
ومن القضايا التي سيتناولها المؤتمر التنوع الثقافي وتقديم مفهوم متطور لوحدة الثقافة العربية يؤكد الابعاد الانسانية للثقافة ويستوعب التنوع الثقافي والخصوصيات الفرعية لمكونات هذه الثقافة .والكيفية التي تصبح فيه الثقافات الفرعية مصدر غنى للثقافة العربية وعنصر تماسك للحمة الاجتماعية .
وضمن الموضوعات المتصلة بالتعليم والثقافة التي ستكون من محاور النقاش قضية الترجمة والتعريب والاولويات في هذا المجال ومدى احترام حقوق الملكية واسباب غياب الترجمة العربية عن الانتاج الاسيوي واللاتيني. فضلا عن قضايا التمويل ونوعية الكتب المترجمة .
ويتناول المؤتمر موضوع النشر في العالم العربي والكيفية التي يمكن فيها تطوير صناعة النشر لتكون رافعة وحاضنة للافكار والمواهب الجديدة والمبدعين الجدد
ويتناول المؤتمر ايضا الثورة الرقمية وتطبيقاتها في مجال الثقافة ومدى تفاعل المجتمعات العربية مع هذه التطبيقات وكيفية توظيف الثورة الرقمية للاسهام في نهضة المعرفة. وسيكون للمؤتمر في ختام جلساته حلقة نقاشية مفتوحة حول نزيف الأدمغة العربية وما اذا كان هناك حلول علمية لهذه المشكلة .
وقد ادى التنوع في محاور المؤتمر الى تنوع في طبيعة المشاركين فيه اذ لم يقتصر الامر على الاكاديميين فقط بل شمل صناع القرار ورجال اعمال ورجال اعلام .
وسيكون المؤتمر فرصة لرجال العلم والثقافة للاطلاع على ابعاد المبادرات الثقافية التي يطلقها الشيخ محمد بن راشد ال مكتوم والتي تعد أول مبادرات ثقافية تتهيأ لها امكانيات النجاح المادية .
وعلى خلاف ما يعتقد الكثيرون فإن الشيخ محمد الذي نجح في اطلاق مبادرات اقتصادية كانت في نظر البعض اشبه بمغامرات غير محسوبة يحاول تعزيز نجاحاته تلك من خلال مبادرات ثقافية ذات طبيعة فريدة وتملك قدرات دفع ذاتية بعد ان يتم اطلاقها ميدانيا.
التعليقات