بين (أ) و(هـ) ومن كاتساف الى رامون:
نساء أوقعن بأبرز سياسيّي إسرائيل

حاييم رامون والسيدة هـ
أسامة العيسة من القدس: رغم أنهن معروفات لوسائل الإعلام، إلا أنهن يتمتعن بالحصانة، ولا يتم الكشف عن هوياتهن الحقيقية، ورغم انه توجد شكوك قوية حول ما يمكن أن تكون مبالغات في أقوالهن، إلا أن الصحافة تتردد في التشكيك بهذا الجانب أو ذاك من رواياتهن، ويحظين بتعاطف وحماية ودعم المنظمات النسوية والحقوقية، إنهن النساء اللواتي يوقعن بسياسيي إسرائيل، ويجرجرن هؤلاء إلى المحاكم والفضائح القاتلة، ويحطمن المستقبل السياسي لضحاياهن. في قضية الرئيس الإسرائيلي موشى كاتساف ، تقدمت نحو 10 نساء بشكاوى ضده، ولكن أهمهن كانت الأولى التي ترمز إليها الصحافة الإسرائيلية بالحرف (أ)، التي قدم كاتساف شكوى ضدها للشرطة مطالبا بالتحقيق معها بتهمة الابتزاز، مدعيا أنها طلبت منه مبلغا من المال وإلا فإنها ستفضح علاقة جنسية مزعومة معه، وفشل كاتساف، ونجحت (أ) في إقناع الرأي العام والمستشار القانوني للحكومة باتهام الرئيس الإسرائيلي بالاغتصاب والتحرش الجنسي، وقبل تقديم لائحة الاتهام رسميا، أجبر كاتساف على مغادرة المقر الرسمي لرؤساء إسرائيل، إلى منزله في كريات ملاخي، يحيط به العار من كل جانب.

أطاحت بالرئيس

فمن هي هذه السيدة التي زلزلت عرش الرئيس الإسرائيلي؟

السيدة هـ
حسب المعلومات المتوفرة، فإنها عملت مع كاتساف عندما كان وزيرا للسياحة، وانتقلت معه عندما اصبح رئيسا للدولة العبرية، وطوال سنوات تقول إنها تعرضت للتحرش وإجبارها على مواقعته، مستخدما رئيس الدولة نفوذه، وأنها قررت في النهاية الحديث والانتقام من المغتصب حتى لو كان رئيس الدولة.
بالنسبة إلى كثيرين فانه توجد هفوات كثيرة في رواية السيدة (أ)، وان هذه الرواية لا تجيب على سؤال مهم وهو لماذا بقيت في وظيفتها وتحملت تصرفات كاتساف كل هذه المدة؟

الرد كان جاهزا وهذه المرة من ناشطات المنظمات النسوية الإسرائيلية التي تدافع عن حقوق النساء، اللواتي اعتبرن قرار (أ) بالحديث شجاعة منها، وان استسلامها لقدرها في السابق نتيجة ضعف أو حاجتها لوظيفتها، يجعلها ضحية، والضحية لا تلام.مثل هذا الكلام كان يثير حفيظة وغضب المحيطين بالرئيس الذين لم يكونوا يرون في (أ) إلا امرأة لعوب، ذات تجارب جنسية واسعة، وأشاروا إلى إفادة أحد السجناء الجنائيين الذي قال بان (أ) قدمت خدمات جنسية مقابل أموال، فهي إذن ليست فوق الشبهات.

ولكن الدعم الذي تلقته (أ) من الصحافة ومن نسوةأعضاء في الكنيست كان قوة كبيرة لها، واعتبرت الداعمات لها، ان الموضوع يتعلق بحقوق النساء، في مواجهة تسلط الرجال، وتصدرت عضو الكنيست شيلي يحيموفيتس، الدفاع عن (أ)، وتحظى شيلي بشعبية لدى الرأي العام منذ أن كانت إعلامية مميزة، قبل أن تقرر الانضمام إلى حزب العمل وخوض الانتخابات الأخيرة للكنيست على قائمته.

واعتبرت يحيموفيتس، ان عدم استقالة أو إقالة كاتساف منذ تفجر الفضيحة عارٌ على دولة إسرائيل، واتخذت الموقف نفسه روحمانا ابراهام رئيسة لجنة الكنيست، والوزيرة يولي تمير، وكونّ لوبي ضاغط في الكنيست ضد رئيس الدولة.وذهبت صرخات المقربين من الرئيس quot;السيدة أ ليست كما تظنون، إنها ليست ملاكاquot;، في الهواء، وتغلبت (أ) على رئيس الدولة.

أزمة القبلة الساخنة

السيدة أ
تابع الجمهور الإسرائيلي قضية كاتساف وكأنه يتابع فيلما سينمائيا، توفرت فيه كل عناصر الإثارة والتشويق والدراما، فلو فكر مخرج في صنع فيلم مثير لما استطاع أن يضاهي الفيلم الحقيقي الذي يقوم ببطولته رئيس الدولة، والنساء اللواتي يطاردنه، وبجانبه تقف زوجته الطيبة المقتنعة ببراءته، والصحافة التي لا تكف عن ملاحقته، والشرطة التي تحقق وتدهم، والمستشار القضائي الذكي والشرير الذي يلاحق ضحيته بلا هوادة.

وبينما كان هذا الجمهور تنقطع أنفاسه وهو يتابع مشاهد الفيلم المثيرة، كان على موعد مع فيلم آخر، اقل درامية، واحداثا، ولكنه لا يقل إثارة، فبطله هذه المرة، شخص آخر مختلف، هو وزير العدل حاييم رامون، اليهودي الغربي، الذي تنفتح أمامه السبل، وله كريزما وشعبية، وإذا به يقع، ليس بتهمة الاغتصاب أو التحرش الفاضح، وانما بسبب قبلة، فقط قبلة، وهذا أحد أسباب الإثارة والتشويق.

وبطلة الفيلم الذي استحوذ على الاهتمام هي مجندة، يرمز إليها بالحرف (هـ) طلبت من رامون أن تلتقط معه صورة تذكارية بمناسبة إنهاء خدمتها، وكان ذلك في اليوم الأول لشن إسرائيل حرب تموز (يوليو) على لبنان، ودخلت معه إلى مكتب فارغ في مكتب رئيس الحكومة في تل أبيب، والتقطت الصورة، ولتقدم شكوى تزعم فيها بان رامون قبلها عنوة في شفتيها، وسافرت في رحلة استجمام إلى كوستاريكا، بعد أن ألقت قنبلتها.

رامون، ظهر كسياسي متحضر، فاستقال من منصبه، وطلب من المستشار القضائي للحكومة التعجيل بالإجراءات القضائية.وبعكس كاتساف، الذي بدا متمسكا بمنصبه، يحاول أن يكسب تعاطف الناس، بإظهار نفسه ضعيفا وكضحية، محيطا نفسه دائما بزوجته، وأفراد عائلته، ومشيرا إلى مؤامرة تستهدفه، تصرف رامون بشكل مختلف، وكما هو متوقع من سياسي يؤمن بالتقاليد الديمقراطية، فأخذ يظهر مع صديقته التي تعيش معه، المؤمنة ببراءته، ويذهب إلى المحكمة ممسكا يدها، مبديا تماسكا، ومعربا عن ثقته ببراءته.

ومثلما هو الحال، مع السيدة (أ)، تجندت الناشطات النسويات لدعم السيدة (هـ)، ولكن وجد من بين الشخصيات النسائية من تعاطفن مع رامون، مثل عضو الكنيست السابقة شولاميت الوني، التي رأت أن الحديث إذا صح، فهو في النهاية عن قبلة، وان رامون إذا اخطأ فهو إنسان، ولا يجب أن تثير القبلة كل هذه الضجة وتقضي على مستقبل رامون السياسي، ولكن المدافعات عن حقوق النساء اعتبرن المسألة مبدئية، ولا فرق بين قبلة واغتصاب وتحرش، وان الرجال يجب أن يعلموا أن عصر استعباد النساء قد ولى في إسرائيل.

ولم ترحم الصحافة رامون في البداية، ولكنه بدلا من مهاجمتها، مثلما فعل كاتساف، عرف كيف يستغلها لصالحه، فسربت الأوساط المقربة منه محاضر التحقيقات، وصور للقاء، تثبت، بان المجندة هي من تعانق رامون بحرارة، بينما يظهر هو بشكل عادي.
واكثر من هذا قال رامون ان (هـ) أعطته رقم هاتفها، ودعته إلى مرافقتها إلى كوستاريكا، لقضاء إجازة، وشهدت صديقات لها، بأنها كانت تبدي إعجابا برامون، وتعتبره مثيرا، وتتمنى صحبته.

وتوقعت كثير من الأوساط الإسرائيلية أن يصدر قضاة محكمة الصلح في تل أبيب، حكما ببراءة رامون، ولكن ذلك لم يحدث، وبعد ظهر يوم الأربعاء 31-1-2007، أدان القضاة رامون بالإجماع، ووبخوه، واتهموه بمحاولة تضليل العدالة، والكذب، واعتبروا كل ما زعمته (هـ) صحيحا.الأوساط السياسية استقبلت القرار القضائي بإدانة رامون، بكثير من الاستهجان، وتحدث مؤيدو رامون وخصومه، معربين عن خشيتهم، من ان تستغل نساء أخريات، وقائع معينة وقد تكون عفوية، لإثارة فضائح، والإيقاع بسياسيين، وهو ما يؤثر على العمل السياسي، كما حدث في قضية رامون.

ولم تستبعد هذه الأوساط، أن يميل السياسيون إلى الاستعانة بالرجال في أعمال السكرتارية، بدلا من النساء، تجنبا لأي فضائح مستقبلية.وتحولت إدانة رامون، التي قدم استئنافا عليها، إلى القضية الأولى بالنسبة إلى الرأي العام الإسرائيلي، عندما أخذت المسألة منحى جديا، اتضح أن أي زعم لامرأة حول قبلة ساخنة يمكن أن يودي بأي رجل إلى الهاوية مثلما حدث مع رامون، الذي كان يحضره رابين، رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل لخلافته، وتعرض رامون لأزمات سياسية كثيرة، لم تجعل طريقه معبدا بالورود في سعيهإلى الجلوسعلى كرسي رئاسة الوزراء، ولكن يبدو أنها كانت جميعها أهون من القبلة الساخنة التي ينفيها، وتؤكدها السيدة هـ.

أما المنظمات النسوية، فاستقبلن اتهام رامون، من قبل المحكمة وبإجماع القضاة، بالترحيب، واعتبرن أن ذلك سيشجع أخريات صمتن طويلا، على سياسيي إسرائيل المتحرشين، وانه آن الأوان لكي يكسرن جدران الصمت، وهو ما يجعل الرأي العام الإسرائيلي في حالة ترقب للفيلم المقبل، وللتعرف إلى أبطاله خصوصا البطلة أو البطلات اللواتي يأتين من مكان ما فجأة، ويوقعن بالرجال الذين يشغلون ارفع المناصب.