أسامة العيسة من القدس: فتحت قضية التحرش والاغتصاب التي تلاحق الرئيس الإسرائيلي موشيه كاتساف، النقاش واسعا في المجتمع الإسرائيلي، حول القضايا الجنسية بشكل لم يسبق له مثيل في هذا المجتمع المنفتح إلى حد كبير.ولم تفجر القضية التي تلاحق المواطن رقم واحد في إسرائيل، نقاشا جنسيا فقط، ولكن أيضا حول قضايا مهمة للمجتمع الإسرائيلي مثل وضع الطوائف اليهودية الهامشية والأقل حظا التي ينتمي إليها كاتساف، فيما اعتبرت المعلومات حول نية المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية تقديم لائحة اتهام ضد كاتساف، مناسبة للمؤسسات النسوية وعضوات الكنيست لشن حملة لا سابق لها ضد كاتساف.الكنيست توافق على طلب كاتساف تعليق ممارسة مهامه
ومنذ الإعلان عن النية بتقديم لائحة اتهام ضد كاتساف، شن محامو رئيس إسرائيل حملة مضادة، استهدفت النيل من مصداقية المشتكيات ضد كاتساف، خصوصا التي يرمز لها بالحرف (أ) والتي فجرت القضية بسببها، عندما تقدم كاتساف نفسه، قبل شهور، للشرطة بطلب بالتحقيق معها، بتهمة ابتزازه وطلب مبلغ من المال منه، لقاء صمتها عن ما تدعيه حول تحرش كاتساف بها، وأدى طلب الرئيس الإسرائيلي إلى تداعيات القضية حتى وصلت إلى ما وصت إليه الان.
ووفقا لمحامي كاتساف، فان (أ) سبق وقدمت خدمات جنسية مقابل أموال، مما يعني أنها بغي محترفة، عملت بالدعارة، حسب رايهم. وتأكدت هذه المعلومات، من قبل سجناء جنائيين، قالوا بان (أ) عاهرة محترفة، ولم يؤثر هذا على توجه الصحافة الإسرائيلية نحو كاتساف، بل أن أقلاما في هذه الصحف سخرت، مما اعتبرته مفارقة الاتفاق بين كاتساف وسجناء من العالم السفلي، ولو كان ذلك حول المشتكية التي ستنهي حياة كاتساف السياسية بعار كبير، فهي المرة الأولى التي يحدث فيها هذا الأمر مع رئيس دولة إسرائيل، وربما سيكون كاتساف أول رئيس دولة في العالم، سيخرج من منصبه متهما مهانا بقضية اغتصاب.
ويحاول كاتساف المقاومة حتى النهاية، والقى مساء يوم الأربعاء خطابا بدا فيه عصبيا لأول مرة في حياته السياسية، وتوجه في خطابه إلى اكبر شريحة في إسرائيل، من الطوائف الشرقية والفقراء، دون أن يسميها، ملمحا إلى أن ما يواجهه مما وصفه مؤامرة، يعود لكونه ينتمي لهذه الشريحة، وهاجم كاتساف الصحافة وخاطب المواطن الإسرائيلي العادي قائلا بان ما واجهه رئيس دولة إسرائيل قد يواجهه أي مواطن عادي من الصحافة التي برأيه نصبت نفسها حكما وقاضيا ومنفذا للحكم، لذا على الجميع التحرك ضد ما تنشره الصحافة مما اعتبره تشويها وحملة على شخص دون اية ادلة.
ورغم أن خطاب كاتساف اثر في الرأي العام، وفقا للتقديرات الصحافية، إلا أن استطلاعات الرأي لم تؤكد ذلك، وتشير إلى أن ما لا يقل عن ثلثي الجمهور الإسرائيلي يعتقدون بأنه يجب على كاتساف الاستقالة فورا من منصبه، فحسب نتائج الاستطلاع الذي أجرته صحيفة معاريف أيد نحو 67% من الإسرائيليين استقالته، أما نتائج الاستطلاع الذي أجرته صحيفة يديعوت احرونوت فتشير إلى أن نسبة التأييد لاستقالته بلغت 71% وأعادت إشارة كاتساف لأصوله الاثنية، التذكير بما حدث لرئيس الأركان الإسرائيلي الأسبق اسحق موردخاي، الذي وبينما كان نجمه في سطوع ومرشح للعلب دور سياسي مستقبلي قد يوصله إلى مقعد رئاسة الوزراء، إلا وتتفجر في وجهه فجأة قضايا جنسية، وتلاحقه اتهامات بالتحرش والاغتصاب، مما أدى به إلى الاستقالة، وما زالت بعض ذيول القضايا التي تلاحقه مدار بحث في المحاكم الإسرائيلية حتى اليوم، ولكن ليس هذا هو الأمر الهام في قضيته، وإنما إنهاء حياته العسكرية إلى الأبد وبشكل مذل، وهو ما يحدث الان مع كاتساف أول رئيس لدولة إسرائيل من أصول شرقية.
وتقدم كاتساف بطلب للجنة الكنيست، مطالبا باعتباره عاجزا مؤقتا عن أداء مهام منصبه، إلا انه يواجه حملة تقودها عضوات في الكنيست تدعو لاستقالته وتنحيته فورا.وقالت عضو الكنيست ليمور ليفنات عن حزب الليكود، انه يجب تنحية كاتساف عن منصبه فورا، وان عدم حدوث ذلك هو خزي وعار للكنيست.وأضافت انه لا يحق لكاتساف أن يناضل من اجل إثبات براءته والتشهير بالنساء اللواتي اشتكين ضده في الوقت الذي يواصل فيه أداء مهام رئيس الدولة وذلك لأنه يمنح حق الاستماع وهو حق لا يمنح للمواطن العادي.وشنت عضوات الكنيست: كوليت أفيطال، ونادية الحلو، ويورام مرتسيانو، وزهافا جلئون، ووزيرة الخارجية تيسبي ليفني، وشيلي يحميوفيتش، وغيرهن هجوما على كاتساف مطالبات بتنحيته والكف عن ما أسمنه حملته لتشويه المشتكيات عليه.
وخصصت محطات التلفزة برامجا لمناقشة القضايا التي تلاحق كاتساف، وتأثيرها على المجتمع وعلى الطلاب الذين تعلق صور كاتساف في مدارسهم، وقالت مسؤولات في مراكز تستقبل المشتكيات من المضايقات الجنسية، أن ارتفاعا ملحوظا طرأ على نسبة المشتكيات، اللواتي تجران وتقدمن لهذه المراكز، وذلك بفعل قضية كاتساف، معتبرات ذلك تطورا إيجابيا، وداعيات أية امرأة تعرضت لتحرش عدم السكوت والتقدم بشكاوي ضد المتحرشين حتى لو كانوا من أصحاب النفوذ.
ووجد كاتساف من يؤازره أو على الأقل يشكك فيما حدث، وتساءل بعض المتحدثين، في برامج تلفزيونية وإذاعية، كيف يمكن لامرأة تزعم أنها تعرضت للاغتصاب، أو التحرش أن تظل تعمل في نفس المكان الذي حدث فيه هذا معها؟ وكيف لها أن تتقبل التعرض للتحرش أو الاغتصاب اليومي، وتظل صامتة، لتتحدث عن ذلك بعد سنوات؟ وأقدمت متحدثة في إحدى القنوات التي تبث عبر الكوابل، على خطوة مفاجئة عندما خلعت ملابسها بشكل عشوائي قائلة: أتحدى إذا كان رئيس الدولة يستطيع أن يفعل شيئا معي دون رغبتي؟، في إشارة تشكك بمزاعم المشتكيات ضد كاتساف.
وفجر بعض رجال القضاء مفاجأة بالقول، بأنهم سمعوا عبر الإعلام فقط أن ميمي مزوز، المستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية، قرر تقديم لائحة اتهام ضد كاتساف تتضمن اتهامه بالاغتصاب والتحرش الجنسي وعرقلة عمل القضاء وتهديد شهود.وفي حالة تقديم مثل هذه الاتهامات، فان الإجراءات القضائية ستأخذ وقتا طويلا، وستعقد جلسات استماع لكاتساف الذي ستنتهي ولايته الرئاسية في شهر تموز (يوليو) المقبل.وفي حالة تمت إدانته أخيرا، وبعد استنفاذ جميع الإجراءات القضائية، فان كاتساف سيواجه السجن لمدة 16 عاما.
ولا يعرف أحد في إسرائيل متى سيتم ذلك، أو أن القضية كلها ستنتهي في يوم ما وكأنها زوبعة في فنجان، وحتى ذلك الوقت، فان قضية كاتساف تتفاعل وتثير النقاش الواسع وغير المسبوق في المجتمع الإسرائيلي.
التعليقات