الشيخ أحمد العبد الله مستعد لصعود المنصة
الكويت: استجواب وزير الصحة يخلط الأوراق

فاخر السلطان وفهد العامرمن الكويت: يتساءل المراقبون في الكويت حول ما إذا كان وزير الصحة الشيخ أحمد العبدالله مستعد لصعود منصة الاستجواب غدا الاثنين؟ أو أن الحكومة تتجه لتأجيل الاستجواب، أو تسعى لرد طلب الاستجواب إلى اللجنة التشريعية في مجلس الأمة مجددا لمزيد من الراسة والمناقشة؟

ورغم أن مصدر حكومي أكد لصحيفة السياسة ان صعود الوزير لمناقشة استجوابه هو اقرب الاحتمالات الى الحدوث, وأن ما يعزز ذلك اجراء العبدالله بروفتين نهائيتين على مرافعته التي سيلقيها في جلسة الغد.

وكان مجلس الوزراء الكويتي عقد اجتماعا ظهر اليوم ناقش فيه موضوع الاستجواب. وقال نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء اسماعيل الشطى ان مجلس الوزراء استمع الى عرض من الشيخ احمد العبدالله للاستجواب واوضح كل البيانات والحقائق المتعلقة به مؤكدا التزامه بالرد على كل ماتضمنته صحيفة الاستجواب في اطار مانصت عليه احكام الدستور واللائحة الداخلية لمجلس الامة وقرار المحكمة الدستورية بشأن ضوابط الاستجواب وشروطه. وذكر ان المجلس ابدى قناعته واطمئنانه بردود الوزير على محاور الاستجواب مؤكدا ثقته بوزير الصحة وسعيه لدعمه ومساندته لمواصلة عطائه المعهود فى عمله الوزاري مسجلا تقديره لخطواته الملموسة تجاه تطوير مستوى الخدمات الصحية فى البلاد.

والتقى رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد امس كلا من النواب احمد باقر وجمال العمر وطلال العيار وحسين الحريتي وتبادل معهم الحديث حول ظروف الاستجواب ومستجداته. وفي شأن الموقف النيابي من مناقشة الاستجواب في ضوء ما اثارته رسالة الحكومة الاخيرة من جوانب دستورية وقانونية, أكد عضو كتلة العمل الوطني النائب احمد المليفي ان quot;الرسالة الحكوميةquot; لا تعني له شيئاً, موضحاً انه لا بديل عن مناقشة الاستجواب غداً, وانه لن يقبل احالة الرسالة الى اللجنة التشريعية, ورأى ان الحكومة اختارت الطريق الخطأ في التعاطي مع ما تراه مخالفات دستورية في الاستجواب, مع انها تعرف جيداً كيفية التعامل مع المخالفات الدستورية, وذلك في اشارة الى الاحالة للمحكمة الدستورية. وعن امكانية تأجيل المناقشة لحين حسم الجدل قال المليفي: هذا ممكن فقط بموافقة المجلس, مع ضرورة احترام رغبة المستجوبين الثلاثة.

من جانبه اعتبر عضو كتلة العمل الشعبي النائب مسلم البراك ان رسالة الحكومة quot;بدعة من بدع ادارة الفتوى والتشريعquot;, في اشارة صريحة الى تحميل وزير الدولة اسماعيل الشطي المسؤولية عن تبعاتها مؤكداً ان الرسالة غير دستورية ولا يجوز ادراجها على جدول اعمال جلسة الغد, وان على المجلس الدخول مباشرة في مناقشة الاستجواب, محذراً من ان الحكومة quot;تريد اضعاف الرقابة النيابية وتثبيت سوابق للاستفادة منها في المستقبلquot;.

الى ذالك نقلت مصادر ايلاف عن وزير الصحة انه اجرى خلال اليومين السابقين بروفات للرد علي المستجوبين حضرها الفريق الفني في الوزارة وبعض المقربين منه، واكدت المصادر ان الوزير احضر ردودا دامغة على محاور الاستجواب ال4، غير ان مايخشاه هو التكسب السياسي والمصالح الحزبية على حساب العلاقة بين الحكومة والمجلس وبعيدا عن الهدف الذي ينشده الجميع وهو تطوير الخدمات الصحية في الكويت ونقلت المصادر التي شاهدت احدى البروفات التي اجراها الوزير العبدالله ان الردود التي اعدت من قبل فريق فني متخصص كفيلة بان تنهي التساؤلات التي ساقها المستجوبون غير ان مايخشاه الوزير هو التسييس المتعمد الذي يلجأ له البعض على حساب المضمون الذي ينشده الجميع دون استثناء وهو تطوير الخدمات الصحية ، ويضيف المصدر ان المتابع لتصريحات المستجوبين اثناء ندواتهم الانتخابية يلاحظ وبشكل واضح انهم تجاهلوا الجانب الفني وركزوا علي الشخصانية ومحاولة استفزاز الوزير وهو امر لايمكن يتقبله عقلاء مجلس الامة، لافتا الى ان جلسة الاستجواب ستؤكد ان النفس الذي سيسود مناقشات المستجوبين سيغلب عليه طابع الشخصانية ومحاولات الاستفزاز .

مراقب سياسي قال ان هناك شيئا غامضا يكتنف هذا الاستجواب ولم يعرف بعد ملامحه او مبرراته، موضحا ان الحركة الدستورية(الاسم السياسي لتنظيم الاخوان المسلمين الدولي) التي تقف وراء الاستجواب عقدت اجتماعات عدة بين اعضائها لمناقشة مبررات التصعيد في الوقت الحالي، ويضيف المراقب ان بعض اعضاء المكتب السياسي لتنظيم الاخوان المسلمين طرح تساؤلات لم يتمكن زملائهم في التنظيم من الاجابة عليها بشكل قاطع، ومن بعض الاسئلة التي طرحت ان هذه الحكومة شهدت لاول مرة في تاريخ الكويت السياسي الحديث ان يكون نائب رئيس الوزراء الدكتور اسماعيل الشطي ينتمي الى تنظيم الاخوان وهو امر لم تشهده حكومات الكويت منذ الاستقلال.

وقالت مصادر حكومية لصحيفة السياسة ان استجواب وزير الصحة quot;لا غبار عليه كموقف مبدئي, لكنها ترى انه جنح إلى أمور اخرى بعيدة عن الغاية التي وضعها المشرع لاستخدام هذا الحق الدستوريquot;.

واضافت المصادر ان مجلس الوزراء مطمئن الى جاهزية الوزير, لكنه يخشى تكتيكات بعيدة عن الحكم العادل الذي يفترض ان يتخذه النواب بعد الاستماع الى دفاع الوزير خلال الجلسة, واعتبرت ان quot;مجرد الحديث عن طرح الثقة قبل الاستجواب من شأنه اضعاف موقف الوزير المستجوب, سواء في هذا الاستجواب او أي مساءلة اخرى, كاشفة عن حالة من الاستياء الوزاري من اسلوب بعض النواب في تفسير العلاقة بين السلطات وكيفية التعاون مع الحكومةquot;.

من جانب آخر أكدت دراسة قانونية اعدها المحامي طلال سعد الجلال حول الاستجواب المقدم من النواب وليد الطبطبائي وجمعان الحربش واحمد الشحومي الى وزير الصحة, وجود الكثير من الشبهات الدستورية في الاستجواب, موضحاً ان هذه الشبهات ليست مقصورة فقط على ما اشارته الحكومة في رسالة الاستيضاحات التي بعث بها الى رئيس مجلس الامة, وانما هناك شبهات اخرى كثيرة غيرها. وحذر الجلال من ان سيناريو جلسة الاثنين قد ينتهي الى نهايات معقدة بينها انسحاب الحكومة من الجلسة على سبيل المثال, على اساس عدم تعاون مجلس الامة معها.

وكان النائب الحربش أكد في ندوة مساء أمس ان الاستجواب يشتمل على فضائح كبيرة وامور خطيرة تهدد حياة البشر quot;وهذا ما سنكشفه خلال الاستجواب فالوزير والوكيل يسترون على تجاوزات جمةquot;.

وقال ان الاوضاع في ادارة العلاج بالخارج تدل على الوضع التعيس الذي تعيشه الوزارة quot;وسنفضح الكنز الذي يعيش عليه الوزير والذي سيعتلي المنصة وهي الفيصل بيننا وبينه حتى يأتي اليوم الذي يخشى فيه كل من تقدم له الحقيبة الوزارية من المحاسبة والمعاقبةquot;. وقال ان للاصلاح وجها واحدا يجب ان يسير عليه دون اعوجاج خاصة فيما يتعلق بصحة المواطنين لأن التجاوزات كثيرة ومتعددة فلدينا تأكيدات انه يوجد طبيب كان يعالج المرضى وهو في الاصل لا يستحق الامتهان بهذه المهنة وتم فصله وبعد تدخل الواسطة تم تعيينه في مستشفى العدان.

وتابع ان وكيل الصحة يتمتع بالشللية التي تدير الامور في المستشفيات والمراكز الصحية حسب اهواء الوكيل ومزاجه. وقال ان وزير الصحة هو رأس التجاوزات التي تعيشها الصحة وهذا ما سيثبت خلال جلسة الاستجواب يوم التاسع عشر من فبراير الجاري وهذا عكس ما تم ارساله من قبل مجلس الوزراء ان الاستجواب ضعيف وبنوده حدثت قبل العبدالله.
واضاف ان عجز الوزير عن مواجهة بنود الاستجواب دفعه الى تسجيل فيديو لمديري المستشفيات حتى يتم الرد على الاستفسارات لكن نحن نقول ان هذا الاستجواب سيعيد التوازن ويعطي الثقة الى الجميع ويرفع القول الذي يحاول البعض تعميمه ان هناك وزراء يوجد دونهم خط احمر فلا يمكن استجوابهم ولكن هذه الاماني ستتلاشى يوم التاسع عشر من فبراير الجاري.

ومن جانبه قال النائب الدكتور وليد الطبطبائي ان استجواب وزير الصحة اصبح امراً خطيراً جداً. واستغل العلاج بالخارج لتزوير ادارة الشعب وحريته وهو ما حدث خلال الانتخابات في الاعوام السابقة حتى عاد الوزير لاستغلالها خلال هذه الايام القليلة الماضية. واضاف: ان الاهداف كانت تريد الى تزوير الامة وارادتها وجعلت البعض يبحث عن بلد لم يزره كي يحصل على فرصة العلاج بالخارج للسياحة والتنزه وذلك بسبب المنافع الانتخابية حتى مات الناس دون ان يحصلوا على السفر للخارج لاستكمال العلاج في حين يسافر الآخرون للسياحة في الخارج.

ومن جانبه قال النائب احمد الشحومي ان هذا الاستجواب كان يمكن ان يقال لمن قدمه ان هناك خطاً احمر فنحن نقول ان الاستجواب حق دستوري وان كنا نستجوب أحد أبناء الاسرة الحاكمة. واضاف ان المحاولات الفاشلة التي تقودها الحكومة في ثني النواب عن مساعيهم الاصلاحية حتى اصبحت الرسالة وصمة عار تقدمها الحكومة لمجلس الأمة التي جاء فيها اذا لم يتم الاستيضاح فان الاستجواب ملغي وغير مكتمل . واشار الى ان العلاج بالخارج تم استغلاله بصورة غير صحيحة فالاحصائية التي وصلت الى 40 ألف مسافر وفي الغالب انهم غير مرضى بل لاجراء عمليات تجميلية . وقال ان الفشل الذي اقدمت عليه الوزارة اليوم في مستشفى ابن سينا ومستشفى الطب النفسي والعدان تم توقيع المرضى والموظفين على حسن تعامل المديرين معهم.

ومن جانبه قال عبدالله البرغش ان الكل يعلم ان الاصلاح يجب ان يبدأ بالاقرار بوجود الخلل الذي نعاني منه فوزارة الصحة من أهم الوزارات الحيوية التي تهم المواطنين. وأضاف ان سوء الادارة في المستشفيات تدفع الى نفور الناس من مراجعة هذه المستشفيات التي من بينها مستشفى العدان الذي لا يمكن اطلاق عليه هذه التسمية. وتابع ان الأموال متوفرة ولدينا الكثير من الكوادر فلماذا تهاجر الكوادر الطبية الى الخارج حتى وصلت الاحصائية الى 240 طبيباً غادروا الكويت سواء كان الى دول الخليج أو الى كندا أو أوروبا, فهل يعقل ان تتحول قضية العلاج بالخارج من كونها قضية انسانية الى محور سياسي حتى بدأ أركان الوزارة استغلالها لكسب التأييد لمواجهة الاستجواب الذي سيكشف كل التجاوزات انشاء الله.

ويعد الشيخ احمد العبدالله ثالث وزير للصحة يقدم له استجواب من اصل اربعة استجوابات وجهت لوزراء صحة خلال مسيرة الحياة النيابية فى الكويت فقد سبقه الى ذلك الدكتور عبدالرحمن العوضي والدكتور محمد الجارالله.

ومنذ تشكيل اول وزارة فى تاريخ الكويت فى 17 يناير عام 1962 وحتى اليوم تعاقب على حقيبة وزارة الصحة 15 وزيرا.

وكان الدكتور عبدالرحمن العوضي أول وزير صحة فى تاريخ الكويت يقدم له استجواب وجاء فى دور الانعقاد الثاني من الفصل التشريعي الخامس وقدمه العضو خليفة طلال الجري بشأن تزويده بكشف يتضمن اسماء المرضى الذين اوفدتهم الدولة للعلاج فى الخارج ونوعية العلاج ونوقش الاستجواب فى 6 أكتوبر 1982 حيث رفض الوزير تقديم البيانات بناء على سرية العلاقة بين الطبيب والمريض ورفع الأمر للمحكمة الدستورية التى أيدت موقف الوزير وتمسكه بالمادة 99 من الدستور وصدر حكم المحكمة الدستورية فى نوفمبر 1982.

ويعتبر هذا الاستجواب أول سابقة في الحياة النيابية التى يلجأ فيها وزير الى المحكمة الدستورية للفصل في الطلب المقدم من النائب المستجوب. وفي 18 ابريل 2004 قدم النائب حسين القلاف ثاني هذه الاستجوابات وجاء في دور الانعقاد الثاني من الفصل التشريعي العاشر للوزير الدكتور محمد الجارالله وشمل الاستجواب خمسة محاور تركزت حول محاربة الكفاءات الوطنية وانتهاك حقوق الانسان والتجاوزات الادارية والمالية وعدم الاجابة عن الاسئلة النيابية والمحسوبية والهدر على حساب المصلحة العامة وانتهت جلسة الاستجواب التي عقدت في 4 مايو 2004 بقفل باب النقاش الذي استمر 12 ساعة متواصلة من دون طرح الثقة بالوزير الجارالله.

وفي 23 مارس 2005 قدم النائب الدكتور ضيف الله بورمية استجوابا آخر للدكتور محمد الجارالله تضمن محاور عدة شملت الاهمال الاداري واخلال الوزير بالتزامه باحترام مبدأ سيادة القانون وتردي الاوضاع الصحية وتهاون وزارة الصحة في الاخطاء الطبية القاتلة ومساهمة وزارة الصحة فى انتشار المخدرات والادمان والتعدي على المال العام والتسبب في ضياعه وحماية سراقه وعدم الاهتمام بتحصيله واسترداده.

وفي 4 ابريل 2005 ناقش المجلس الاستجواب الذي انتهى بطلب طرح الثقة بالوزير قدمه عشرة أعضاء الا ان الدكتور الجارالله قدم استقالته من الحكومة فى 11 ابريل 2005.

وفي 17 يناير الماضي قدم النواب الدكتور وليد الطبطبائي والدكتور جمعان الحربش واحمد الشحومي طلبا لاستجواب وزير الصحة الشيخ احمد العبدالله الصباح ارتكز على اربعة محاور هي التجاوزات الادارية والصحية ومحاربة الكفاءات وهجرة الاطباء والعلاج بالخارج والتدهور العام للخدمات الصحية ويأتي هذا الاستجواب في دور الانعقاد الحالي الثاني من الفصل التشريعي ال 11. يذكر ان المادة 100 من الدستور الكويتي تنص على انه لكل عضو من اعضاء مجلس الامة ان يوجه الى رئيس مجلس الوزراء والى الوزراء استجوابات عن الامور الداخلة فى اختصاصاتهم ووفق نصوص الدستور فانه يجوز ان يؤدي الاستجواب الى طرح موضوع الثقة على المجلس.