بري وquot;حزب اللهquot; وعون يفضلون انتظار quot;الطرف الآخرquot;
المعارضة اللبنانية ترجىء quot;الحكومة الثانيةquot;

إيلي الحاج من بيروت: تمكن رئيس مجلس النواب وحركة quot;أملquot; نبيه بري من إقناع حلفائه وفي مقدمهم quot;حزب اللهquot; الذي يقود قوى المعارضة في لبنان بصرف النظر، موقتاً على الأقل عن تشكيل حكومة ثانية تنازع حكومة الرئيس فؤاد السنيورة على السلطة حتى لو لم تعترف بها سوى سورية وإيران وحكومة quot;حماسquot; المقالة.

وفي حسابات بري أن إصرار حكومة السنيورة، وقوى 14 آذار/ مارس التي تشكل الغالبية وتدعمها، على رفض المطالبة بتشكيل حكومة يكون فيها للمعارضة الثلث زائد واحد الضامن أو المعطل للقرارات سيعني أن هذه الغالبية لن تتمكن من تأمين نصاب الثلثين لجلسة إنتخاب رئيس للجمهورية خلال المهلة المحددة دستوريا بين 25 أيلول / سبتمبر و25 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبلين، وبالتالي ستلجأ هذه الغالبية وفقاً لما أعلن بعض أركانها إلى إنتخاب رئيس للجمهورية بنصاب النصف زائد واحد إستناداً إلى إجتهاد دستوري لن يقبل به الرئيسان إميل لحود وبري وبقية قوى المعارضة ، وعند ذلك يكون الوقت مناسباً لتشكيل حكومة ثانية، وإن خلافاً للدستور على قاعدة أن الحكومة الحالية والغالبية الدستورية خرقتا الدستور.

وانطلاقاً من هذا التكتيك تسربت معلومات عن توجه لدى الرئيس لحود إلى حل مجلس النواب على قاعدة أنه عدم انعقاده لإقرار الموازنة . علماً أن الدستور الذي خوّله هذا الحق اشترط أن تقدم الحكومة طلباً إليه بهذا المعنى.

وهكذا بحكومة ثانية ومجلس نواب محلول إما يبقى الرئيس لحود في القصر بعد إنتهاء ولايته ، وإما يسلم القصر إلى رئيس الحكومة الإنتقالية ، في تكرار لتجربة 1988 مع الجنرال ميشال عون.

ويشار في السياق كلام نقل عن الرئيس بري ، ومفاده:quot; قلت في السابق وأقول اليوم انني ضد تشكيل حكومة ثانية، وقد نجحت في تجميد البحث فيها وتمكنت من سحبها من التداول حتى اشعار آخرquot;. وتقول اوساط قريبة منه ان بري تصدى لهذه الفكرة ودعا الى التريث افساحا في المجال أمام محاولات واتصالات جديدة للوصول الى تسوية، وقد تمكن من اقناعquot; حزب الله quot;صرف النظر عن هذه الحكومة في هذه المرحلة.

ولم يعد quot;حزب الله quot;بدوره مستعجلا تشكيل لحكومة ثانية وهو يخضع هذا الموضوع إلى بحث متأن نظرا إلى التداعيات والنتائج التي يمكن ان تترتب عليها على كل المستويات السياسية والادارية والمالية والأمنية وحتى لا تؤتي بنتائج عكسية، خصوصا ان حكومة كهذه تحتاج الىquot; أرضquot; وإلى مقرات، مما يستلزم الامساك بالمؤسسات والوزارات والادارات الرسمية، وهذا ينطوي على أخطار اندلاع حرب أهلية سعى الحزب الشيعي الذي يتملكه quot;الهاجس العراقيquot; في تفاديها على مر الأشهر الماضية.

وكان حليف quot;حزب اللهquot; الجنرال عون أعلن موقفاً مشابها في حديث تلفزيوني مساء الأحد فحواه انه لن يكون مع خيار الحكومة الثانية ولن يشارك فيquot; ذبح الوطنquot;، وانه ما زال مؤمنا بامكان التوصل إلى حكومة وحدة وطنية سماها quot;حكومة انقاذquot;، داعيا السلطة الىquot; الاحتكام لصوت العقل والاعتراف بالقوة التمثيلية للمعارضة، محملا إياها في حال لم تفعل مسؤولية كل ما سيحدث وما سيترتب من ردود فعل على نيتها الغاء وجود المعارضة.

أما الرئيس لحود الذي يريد أولا من قوى المعارضة ان تحسم أمرها وتحدد ما تريد، اذ ليس مطروحا لديه ان يتحمّل المسؤولية وحده، ينقل عنه استغرابه لما يشاع عن رغبته في تشكيل حكومة ثانية موازية لحكومة السنيورة، مشيرا الى انه ليس صاحب الاقتراح ولا علاقة له به، وانه من السابق لأوانه الدخول في سجال حول الحكومة البديلة.

وتعترف اوساط معارضة بوجود quot;عقبات موضوعيةquot; تجعل موضوع الحكومة الثانية صعباً وخطراً وتدفع الى عدم بته خلال شهر تموز كما أشيع بعد فشل مهمة الوفد العربي. فإلى عدم اقتناع الرئيس لحود حتى الآن بفائدة هذه الخطوة، وعدم رغبة الجنرال عون في رؤية تجربة الحكومتين المرة في العام 1988 تتكرر، والى تريث quot;حزب اللهquot; وعدم توافر موافقة نهائية من الرئيس بري وتفضيله اعطاء الفرصة أمام مزيد من الاتصالات والمبادرات، تضاف أسباب أخرى متعلقة بعدم وجود زعيم سني مستعد لتولي رئاسة الحكومة الثانية، وعدم قدرة مثل هذه الحكومة على ممارسة مهماتها وشؤونها في ظل عدم اعتراف دولي وعربي بها، وعدم وجود مقرات تابعة لها ما خلا تلك التي يمكن للمعارضة وضع اليد عليها في مناطق نفوذها.

يضاف الى كل ذلك موقف قيادة الجيش التي وجهت اشعارا سياسيا بأنها لن تتفاعل مع أي خطوة يمكن ان تحدث انقساما سياسيا وطائفيا، وانها لن تسمح باقحامها في صراع داخلي يتعارض ودورها في حفظ الاستقرار العام ومنع الانزلاق الى الفوضى او المجهول.

وبسبب كل هذه الموانع، يوضع جانبا في الوقت الحالي موضوع الحكومة الثانية من دون أن يسقط من حسابات المعارضة كخيار سياسي ، وذلك رغم اعتراضات وضغوط قوى وشخصيات في المعارضة تدفع في اتجاه هذا الخيار واعتماده في أسرع وقت كي لا تتاح لحكومة السنيورة فرصة البقاء حتى انتخابات الرئاسة والاستقواء بالدعم الدولي من جهة وبما يمكن ان تعتبره ضعف المعارضة وترددها من جهة .

واذا كانت الأكثرية غير مطمئنة الى نيات المعارضة ولا تعتبر التريث في مسألة الحكومة الثانية مؤشرا الى عدم التصعيد، لا بل تتوقع تطورات ميدانية أمنية وشعبية ممهدة لهذا الخيار، فإن تريث المعارضة في تشكيل الحكومة الثانية يمكن ان يفسر انتظاراَ لاحتمال نجاح تطورات واتصالات ناشطة في الكواليس في التوصل الى تسوية سياسية قبل حلول الموعد النهائي لانتخابات الرئاسة، مما يوجب اعطاء الفرصة لها وعدم تحمّل مسؤولية فشل quot;محاولات الفرصة الأخيرةquot;. كذلك يمكن تفسير موقف المعارضة بأنه انتظار لاستنفاد الاتصالات والمبادرات وفي حالتين: بلوغ الموعد الدستوري للاستحقاق الرئاسي من دون تشكيل حكومة وحدة او انقاذ، وتالياً شروع الغالبية في انتخابات رئاسية لا تراعي الأصول الدستورية ومنها وأولها نصاب الثلثين. وفي احدى هاتين الحالتين، ستعتبر المعارضة ان الغالبية ارتكبت خطأ جسيما وفادحا يبرر اجراء جسيما وسيئا حتى لو كان حكومة ثانية موازية للحكومة المعترف التي ستبقى المعترف بها دولياً وعربياً.

وتجدر في السياق ملاحظة ما أورده أحد نواب الغالبية أنطوان زهرا ، امس وفيه : quot;الخطر في كل خطاب قوى 8 آذار / مارس والرئيس لحود، انهم يفتشون عن تشكيل حكومة تحت اي مسمى من أجل تعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية . أما نحن فمع الإستعداد الدائم للانفتاح على اي حوار يؤدي الى الانفراج السياسي من خلال توسيع الحكومة او غيره نرد بأن ما نتطلع اليه هو إجراء انتخابات لرئاسة الجمهورية، وليس الإتيان بمجلس رئاسي تحت اسم حكومة إنقاذquot;.

وفي إنتظار ما ستظهره تطورات quot;الصيف الساخنquot; يقيم بعض من يتابعون بدقة أحداث لبنان على اعتقاد راسخ مفاده أن مفتاح الحل هو بعودة الحرارة الى الاتصالات السعودية - السورية التي توقفت منذ قمة الرياض، وذلك باعتبار أنها وحدها الكفيلة لرسم اطار المعالجة . فالقمة التي عقدت بين الملك عبدالله بن عبد العزيز والرئيس بشار الاسد لم تحصل متابعة مفترضة لها لأسباب بعضها معلن وبعضها غير معلن، على رغم ان الرئيس السوري وجه دعوة الى وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل لزيارة دمشق، وكرر وزير خارجيته وليد المعلم هذه الدعوة لدى اجتماعه بالأمير سعود الفيصل على هامش اجتماع وزراء الخارجية العرب أخيرا في القاهرة.

وتتردد في بيروت معلومات عن ان الفيصل سيزور طهران لاستكمال التشاور في شأن لبنان في ظل تعثر المبادرة العربية، وستحاول طهران وفق مصادر مطلعة ان تقنع الفيصل بزيارة سورية لانعكاس هذه الزيارة ايجاباً على أطراف الصراع في لبنان .