ترجمة محمد حامد ndash; إيلاف: بالغ الرئيس quot;بوشquot; في الإطراء على الرئيس المصري quot;حسني مباركquot; أثناء الحديث الذي أدلى به، الأربعاء الماضي، مؤكدًا دور مصر الرائد الفعال في الحفاظ على الأمن الإقليمي للمنطقة، ودورها في عملية السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، بينما تجنب التطرق إلى ما تمارسه حكومة quot;مباركquot; من عمليات اعتقال ونفي للمعارضين، وما تفرضه من قيود قاسية على الأنشطة السياسية المعارضة.

ففي نهاية جولته التي امتدت لثمانية أيام في الشرق الأوسط التي سلط خلالها الضوء على أن الإصلاحات الديمقراطية تعد من أهم الأسس التي يمكن أن ينطلق منها الأمن والسلام على المستويين المحلي والدولي، وكان quot;بوشquot; حريصًا على ألا يتطرق إلى أي نقد مباشر يوجه لـ quot;مباركquot;، وهو الحاكم الذي يحتل كرسي الحكم في مصر منذ عام 1981، مع العلم أن quot;بوشquot; كان معتادًا في وقت سابق على توجيه النقد لمصر في ما يتعلق باعتقال الخصوم السياسيين للحكومة.

وكان من بين كلمات quot;بوشquot;؛ quot;أكن قدرًا كبيرًا من التقدير لكل ما قمتم به من جهود امتدت لفترات طويلة للحفاظ على أمن المجتمع المدني و استقراره وكما أؤكد أن ما قمتم به يعد مدعاة للفخرquot; جاءت هذه الكلمات على لسان quot;بوشquot; في أحد المشاهد التي جمعته بالرئيس quot;مباركquot; و هو اللقاء الذي صرح البيت الأبيض بأن انعقاده لم يكن مؤكدًا حتى اللحظة الأخيرة. ويمكن القول إن تعليقات الرئيس الأميركي تعكس مدى التخبط الذي عاناه الرئيس والتناقضات التي ألمت بوجهة نظره في العديد من القضايا التي تطرق إليها أثناء الجولة.

ويدل على ذلك الكثير من الأمثلة التي تؤكد أن تصريحات quot;بوشquot; انطوت على قدر كبير من التناقض؛ حيث كان يتحدث أحيانا بعاطفة قوية عن مولد الحرية و العدالة و بعثها في الدول التي اعتادت تقويضهما و دور المرأة التي عاشت في عزلة تامة في مجتمعات تلك الدول، إلا أنه في الوقت نفسه الذي تناول فيه قضية الحرية، تجنب الحديث عن الصراعات الدائرة بين الشعوب في الدول التي أِشار إليها و بين القادة الملكيين و السلطات الملكية التي تحكمهم، وهم القادة المتهمون بالحد من الحريات و تقويضها من جانب الشعوب التي يحكمونها. وكان من بين القضايا التي تناولها quot;بوشquot; بإسهاب شديد ما داوم على ترديده عن الدعم العربي لمحادثات السلام بين فلسطين و إسرائيل، دعم القادة العرب للولايات المتحدة في حرب العراق، الجهود الدبلوماسية الهادفة إلى عزل إيران عن المنطقة، بالإضافة إلى ما تعانيه الولايات المتحدة من صعوبات نتيجة لارتفاع أسعار النفط.

جدير بالذكر، أنه منذ ثلاث سنوات فقط، صرح quot;بوشquot; أثناء زيارته للإمارات العربية المتحدة بما يعكس بعض أفكاره المستقبلية لدعم الديمقراطية، لما يراه من تراجعات في تنفيذ خطط الإصلاح السياسي و الديمقراطي في بعض الدول التي كانت مصر من بينها على حد تصريحاته.

و كان من بين هذه التصريحات ما أدلى به الرئيس الأميركي quot;لا يمكن أن تسود الثقة المناخ السياسي في بلادكم طالما يجد مرشحو المعارضة أنفسهم عرضةً لإيذاء أو الإلقاء بهم في غياهب السجون أثناء الانتخاباتquot;، وأضاف أثناء الحديث نفسه quot;لا يمكن أن تنتظروا من الشعوب تصديق وعودكم بمستقبل أفضل، وهم يتعرضون للاعتقال لمجرد ممارسة حقهم الطبيعي في الاعتراض السلمي على حكوماتكم، و لن تتمكنوا أيضًا من بناء دولة حديثة تتقدم بخطى ثابتة نحو الاستقرار، وأنتم لا تسمحون لأحد من شعوبكم بتوجيه النقد إليكم من خلال القنوات الشرعيةquot;.

ويذكر أيضًا أن quot;بوشquot; قد سبق له وأن انتقد مصر لاعتقالها المنافس الأول للرئيس quot;مباركquot; في انتخابات الرئاسة 2005 quot;أيمن نورquot; الذي قال quot;بوشquot; بشأنه إنه اعتقل ظلمًا، إضافةً إلى ذلك التقى الرئيس الأميركي بأحد زعماء المعارضة المصرية، quot;سعد الدين إبراهيمquot; الذي غادر البلاد هرباً من الاعتقال.
و على الرغم مما صرح به quot;بوشquot; في وقت سابق و اللقاء الذي أجراه مع quot;سعد الدين إبراهيمquot;، لم يتطرق الرئيس الأميركي إلى أي من الرجلين بشكل مباشر على الإطلاق خلال هذه الزيارة، بل اكتفى بالإشارة إليهما بشكل غير مباشر عندما قال quot;هؤلاء الزعماء الدينيون والمدنيون الذين يحبون بلادهم ويصرون على بناء مستقبل ديمقراطيquot; وذلك وسط السيل المنهمر من المديح الذي ألقاه في حق مصر خاتمًا إياه بقوله quot;إنني بحق أقدر الدولة التي تعملون على بنائهاquot;.

من جانبه، أعلن الرئيس quot;مباركquot; دعمه لجهود quot;بوشquot; الهادفة إلى أن تؤتي الوساطة الأميركية في عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية ثمارها، وهي المسألة التي يركز عليها الرئيس الأميركي منذ بداية العام الأخير من ولايته، وكانت كلمات quot;مباركquot; في هذا الشأن؛ quot;إننا مع الولايات المتحدة قلبًا وقالبًاquot;، وأكد quot;بوشquot; على اهتمامه وإعطائه الأولوية لعملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية قائلاً quot;إن ولاءنا الأول والأخير للسلام العادل والشاملquot;. ومن الجدير بالذكر أن الرئيس الأميركي لم يذكر أثناء حديثه ما يشير إلى مصادر التوتر بين مصر وإسرائيل في ما يتعلق بمسألة تأمين الحدود المصرية مع قطاع غزة وإحكام السيطرة عليها، وقد كانت إسرائيل مؤخرًا قد اتهمت مصر في التورط في تهريب الأسلحة إلى الفلسطينيين عبر الحدود المصرية من خلال بعض الأنفاق الأرضية السرية التي تقع في المنطقة الخاضعة لحركة quot;حماسquot;.

بهذا الصدد، قالت وزيرة الخارجية الأميركية quot;كوندوليزا رايسquot; في إحدى تصريحاتها لـ quot;جروزليم بوستquot; الأسبوع الماضي quot;يجب التعامل بجدية مع هذه الأنفاق، ونحن نعد بالفعل في الوقت الحالي للمساعدة في، إلا أن الاستعداد للعمل من الأمور المهمة التي لابد أن نجدها متوافرة أثناء مدنا يد العون لحل هذه المشكلةquot;.

كما صرح أحد مسؤولي الإدارة الأميركية بأن قضية غزة هي المحور الأساسي لجدول أعمال الرئيس quot;بوشquot; في ما يتعلق بالمحادثات، إلا أن المصدر نفسه أفصح عن عدم توافر ما يشير إلى المدى الذي وصلت إليه تأكيدات الرئيس الأميركي على أهمية أن تبدي مصر استعدادها للتعاون في مسألة الأنفاق و المساهمة في عزل حركة quot;حماسquot; في غزة.


جدير بالذكر أن جولة quot;بوشquot; للمنطقة كانت الأقصر من نوعها، و التي تضمنت مجموعة كبيرة من التوقفات في quot;إسرائيلquot;، الكويت، البحرين ، الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، حيث لم تتجاوز زيارة quot;بوشquot; لمصر الثلاث ساعات، مما يعكس مدى تجاهل الإدارة الأميركية لأهمية مصر وعدم اعتدادها بها، مقارنة بتوقف الرئيس الأميركي في المملكة العربية السعودية حيث تناول العشاء مرتين والإفطار مع الملك quot;عبد اللهquot;، وتجول في أنحاء قصر العائلة المالكة و التقى مع شباب رجال الأعمال السعوديين. جدير بالذكر أن تعليق مبارك على توقف quot;بوشquot; في مصر تمثل في قوله للرئيس الأميركي باللغة الإنكليزية quot;نحتاج إلى قضاء أيام عدة معًا في الزيارة القادمة.

المصدر : الخدمة الإخبارية ndash;نيويورك تايمز