سيناريو الإستفزاز مستمر وموجة عنيفة من الهجوم
تحريض إيراني صريح لإسقاط النظام المصري
محمد حميدة من القاهرة: شهدت العلاقات الإيرانية المصرية تصعيدًا بالغًا فى الأيام الأخيرة وصلت إلى حد مطالبة أصوات من الجانبين بإغلاق مكتب رعاية المصالح فى كل من القاهرة وطهران والقضاء على أي روابط قائمة حتى فى المجال الإقتصادي. وذلك فى أعقاب موجة عنيفة من الهجوم من جانب إيران على مصر والرئيس مبارك، بدت مزعجة للمستوى الرسمي بما حملته من إهانات واتهامات بالغة القسوة للنظام المصري وشخص الرئيس مبارك سواء فى الصحف الرسمية او فى المظاهرات التي نظمت فى شوارع طهران وأمام مكتب رعاية المصالح المصرية. الهجوم الايراني على القاهرة جاء مختلفًا هذه المرة في قسوته وشدّته، ولم تكن مظاهرة يوم الإثنين 8 ديسمبر الا القشة التي قصمت ظهر البعير، والشرارة التي ألهبت رجال السياسة فى مصر.
فمع نهاية شهر نوفمبر بدأت محاولات طهرانية لإثارة حفيظة القاهرة. كانت تشتد وطأة وعنفًا يومًا بعد يوم في الصحف الرسمية والشارع الطهراني وخصوصًا مع صمت القاهرة وعدم مبالاتها. وضح ذلك جليًا مع مظاهرة عقدت في 30 نوفمبر طالب فيها المتظاهرون منظمة المؤتمر الاسلامي بشطب اسم مبارك الذي استبقوا اسمه بالخائن والفرعون من المنظمة.
وتواصلت مظاهر العنف والهجوم في أول ديسمبر باتهامات صريحة لصحيفتي quot; كيهان والجمهورية الإسلامية quot; المواليتين لحكومة المحافظين، لكل من النظام المصري والسعودي بالخيانة، لم تستثني من دعوات صريحة وتحريض للشعبين المصري والسعودي بالتحرك لإسقاط أنظمتهما. وتمجيد على الجانب الاخر على لسان quot;حسين شريعتمداريquot; رئيس تحرير كيهان، الذي تربطه علاقات وثيقة quot;بآية الله علي خامنئي quot; ، بقاتل الرئيس المصري الراحل أنور السادات المدعو quot;خالد الاسلامبوليquot; داعيًا إلى حذو حذوه.
ويبدو أن هذا لم يحقق الاستفزاز المطلوب حيث شهدت العاصمة الإيرانية تظاهرات طلابية تباعًا، دعا خلالها المتظاهرون إلى اغتيال الرئيس مبارك وألقوا زجاجات حارقة على مكتب رعاية المصالح المصرية. لينفذ صبر القاهرة من الأفعال الإيرانية ويستدعى وزير الخارجية المصري احمد ابو الغيط القائم بأعمال مكتب رعاية المصالح الإيرانية فى القاهرة ليبلغه استياء القاهرة من هذه التصرفات.
إحدى المظاهرات ضد مصر |
ويبدو ان كل شيء كان معدًا سلفًا ومتفقًا عليه منذ البداية وبتوجيه من جهة محددة. يدعم هذا التصور تماثل افتتاحية كل من صحيفتي كيهان والجمهورية الإسلامية في عدد 2 ديسمبر، الى حد التشابه فى الألفاظ والعبارات من عينة quot; الحكام الخونة quot; وquot; العملاء للصهاينة والأميركيين quot; في إشارة الى الرئيس المصري حسني مبارك، وعبارات تحريضية تدعو الشعبين المصري والسعودي الى الانقلاب على تلك الأنظمة.
وقد بدأ رئيس تحرير كيهان الافتتاحية ناعيًا غياب quot;خالد الاسلامبوليquot; قاتل السادات واصفا اياه بالشهيد داعيًا له بالرحمة وطالبquot; الكثيرين أن يحذوا حذوه quot; ولفت الكاتب الى استطلاع أجري الشهر الماضي من قبل قناة الجزيرة، قال إن أكثر من 95 % ممن شملهم الاستطلاع ألقوا بمسؤولية ما يحدث في غزة على رؤساء الدول العربية وتساءل: ماذا تفكر الـ 5% المتبقية ؟quot;
وأضاف الكاتب quot;لا يمكن للمرء أن يتوقع من حسني مبارك ، الذي أظهر في عدة مناسبات تبعيته للصهاينة ، ان يفتح معبر رفح لشعب غزةquot;. وبدأ يحرض الشعبين المصري والسعودي على حكامهما متسائلاً: هل المسلمين وخاصة في مصر والحجاز فقدوا تمامًا حسهم الإسلامي بالشرف والمشاعر الإنسانية ؟ كيف يمكن لشعب الحجاز ان يصمت ويتسامح مع الكارثة الإنسانية والإبادة الجماعية بلا رحمة لإخوانهم وأخواتهم من المسلمين في قطاع غزة، ويتقبل رحلة الملك عبدالله إلى نيويورك للتصديق على هذه الإبادة الجماعية؟ هل انهم نسوا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن الذي يسمع صرخة مسلم مظلوم ولا يهب لنجدته ليس مسلمًا؟!!.ومضى قائلاً quot;والمدهش الذي يصعب تصديقه ايضًا أن الشعب المصري، المتحضر، لم يرفع إصبعًا لمعارضة إغلاق معبر رفح والكارثة الإنسانية في غزة. وإذا انتفضوا ضد النظام المصري ، لن يجرؤ احد على معارضتهم. وينبغي أن يتعلموا من الإيراني واللبناني والفلسطيني كيفية الصمود والمقاومة quot;.
quot;المسلمون الآن ، وخصوصًا المصريين ، يحتجون على مشاركة شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي في مؤتمر الحوار بين الأديان في نيويورك، ومحادثاته الخاصة مع شيمون بيريز، وهذا الاحتجاج جدير بالثناء، لكن المشكلة الرئيسة، الذي يجب ألا تغيب عن البال، هي أن الأنظمة المصرية والسعودية، إلى جانب رجال الدين مثل طنطاوي، يدعمون قادة الصهاينة في قمع وابادة شعب غزة. ان جرائم الصهاينة في قطاع غزة تقدم كل مبرر ديني وقانوني وعقلي وانساني لقتلهم، ومن الممكن للمسلمين في كل ركن من أركان العالم، ان ينجزوا هذه الواجبات والمهمات السماوية والإنسانية بسهولة ضد الاسرائيليين الذين يسافرون في حرية، وأن يكونوا هدفًا للانتقامquot;.
اما صحيفة الجمهورية الإسلامية قالت فى افتتاحيتها quot;إذا لم يكن هناك مثل هؤلاء القادة الخونة في العالم الإسلامي والعربي!!.. ليت الأمم العربية والإسلامية تعبر صراحة عن رغباتها الخفية ، حينها سنراهم يثبتون للأعداء والأصدقاء على حد سواء أنهم يستطيعون إزاحة الخونة ورفضهمquot;.
وبعد أيام قليلة، في عدد 7 ديسمبر، وصفت الصحيفة الرئيس مبارك بكلمات مثل quot;ديكتاتورquot; و quot;فرعونquot;. وتابعت قائلة إن مبارك quot;ليس له مكانة بين الشعب المصري... ويبقى في مقعده فقط بفضل دعم الولايات المتحدةquot; ، وأضافت ان quot; الحكومات المستبدة هي أكبر عقبة أمام تطبيق وصايا ومبادئ وقيم الإيمان لإن هذه الحكومات تنظر إليهم كعقبة امام فرض رغباتها ونزعاتها الشخصية quot;.
وفي مظاهرة 8 ديسمبر ، أمام مكتب المصالح المصرية في طهران دعا الطلاب لقتل quot;الفرعون مبارك quot;، قائلاً انه quot;قاتل الأطفال قطاع غزة ،quot; ودعوا جماعة الإخوان المسلمين والطلاب إلى فتح معبر رفح. وألقوا قنابل حارقة على المكتب وحملوا صورًا ولافتات لقاتل السادات كتب عليها quot;نحن جميعًا خالد الاسلامبوليquot;
وفي 10 ديسمبر أضرمت مجموعة إيرانية تعرف quot;إخوان رضوانquot; النار في مكاتب الخطوط الجوية العربية السعودية في طهران، احتجاجًا على ما تسميه الجماعة التقارب بين المملكة العربية السعودية وquot;محتل القدسquot;. وردد المتظاهرون هتافات منها quot;الموت لمباركquot; و quot; مبارك عار عار ،quot; وquot; اقتلوا حسني مبارك ،quot; و quot; صمت جميع المسلمين هو خيانة للقرآن quot;، وquot; حسين حسين شعارنا ، الاستشهاد هو فخرنا quot;.
واعلن محمد محمدي المتحدث باسم منظمة العالم الإسلامي للاحتفال بذكرى الشهداء، التي أنتجت فيلم quot;اعدام فرعونquot; التي تسببت في توتر في العلاقات بين مصر وإيران خلال التظاهرة ان quot; الطلاب كانوا يحتجون ضد واحد من مظاهر الشر في عصرنا quot;. وتابع : quot;منذ 27 عامًا ، وحش اسمه مبارك يحكم مصر. ماذا يمكن أن نتوقع من الشيخ طنطاوي؟ هذا هو الرجل الذي قال ، في اليوم الثالث أو الرابع من عام 2006 في حرب لبنان بين حزب الله والعدو الذي يحتل القدس ، أن الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله يرى نفسه صلاح الدين الأيوبي.و كيف يمكن لمبارك ان يكون مسلمًا؟ انه منع المسلمين من الحج ، وعقابه هو الإعدام. ولو أن مبارك كان حاضرًا هنا ، الناس في هذه المظاهر لم يترددوا للحظة فى إعدامهquot;.
التعليقات