قصة الحملة الأخيرة لتوقيف قادة الجماعة وإطلاقهم
الإخوان والنظام في مصر... توازنات رغم التصعيد

كتب ـ نبيل شرف الدين: ثمة أربعة أحداث بالغة الأهمية جرت خلال الأيام القليلة الماضية على صعيد العلاقة بين السلطات المصرية وجماعة quot;الإخوان المسلمينquot;، أما الحدث الأول فهو تأجيل النطق بالحكم في قضية quot;الشاطر وإخوانهquot; التي تنظرها المحكمة العسكرية العليا إلى يوم 25 من آذار (مارس) المقبل، على نحو خالف كافة التوقعات، بما في ذلك قادة الجماعة أنفسهم الذين بدوا يومها متيقنين أن المحكمة ستضع نهاية للقضية، وإن اختلفوا حول التكهن بطبيعة تلك النهاية. ويرتبط الحدث الثاني بالأول، وهو قيام الإخوان بحشد نحو خمسة آلاف من أعضائها في ضاحية quot;هاكستيبquot;، شرق القاهرة، حيث يقع مقر المحكمة العسكرية العليا، في تلك الضاحية الصحراوية التي اشتهرت منذ عهد الاحتلال البريطاني لمصر، وظلت طيلة العهود المنصرمة quot;منطقة عسكريةquot;، وإن شيدت في تخومها أخيرًا مدنًا جديدة لأسر العسكريين .

وهذا الحشد الإخواني، بما سبقه من تنظيم بارع، وما يعنيه من قدرة هائلة على الحشد، بدا كما لو كان تحديًا صارخًا للسلطة، واستعراض عضلات لا يخلو من الدلالات، وهو ما مهد الطريق أمام الحدث الثالث في سياق quot;التصعيد المحسوبquot;، الذي تعمد إليه السلطات المصرية بين الحين والآخر ضد الجماعة، حين تتجاوز السيناريو الذي تضعه السلطة، أو تحتمله وتقبل تمريره . نأتي للحدث الثالث وهو إعلان الجماعة عزمها خوض الانتخابات المحلية المزمع إجراؤها في الثامن من نيسان (أبريل) المقبل، وهي الخطوة التي رأى مراقبون أنها استهدفت الضغط على النظام، لإنهاء قضية قادة الإخوان الذين تجري محاكمتهم عسكريًا، خاصة وأن إعلان الجماعة عن خوض الانتخابات، قد استبق جلسة النطق بالحكم التي شهدت إعلان التأجيل.

مواجهة محسوبة

وأخيرًا يأتي الحدث الخامس، متمثلاً في سلسلة الحملات الأخيرة التي تشنها السلطات المصرية على قادة الجماعة ونشطائها البارزين، والتي طالت ـ لمدة ساعات فقط ـ أسماء كبار مسؤولي الإخوان في الأقاليم التي تحظى فيها الجماعة بنفوذ كبير، مثل الحاج سعد لاشين في محافظة الشرقية، والحاج محمد العزباوي بمحافظة الغربية، والحاج أسعد زهران مسؤول مكتب الإخوان في محافظة دمياط، والحاج طلعت الشناوي مسؤول المكتب الإداري في محافظة الدقهلية، والحاج أبوالفتوح عفيفي شوشة بمحافظة المنوفية، وغيرهم من رجال الصف الأول في الجماعة، وبقايا حرسها الحديدي. ولم تمض ساعات حتى أطلقت السلطات سراح هؤلاء القادة، وهو ما يعني أن الأمر كان مجرد quot;رسالةquot; على هؤلاء أن يدركوا مغزاها، الذي قد لا يبتعد كثيرًا عن معنى الإرجاء المفاجئ للنطق بالأحكام في قضية الشاطر وإخوانه، أمام المحكمة العسكرية.

وفي كل الأحوال، فإن التصعيد الأمني الأخير ضد قيادات الإخوان هو بلا شك محسوب بعناية، وينطلق من توازنات دقيقة ليس بوسع أحد، خلافًا للطرفين المعنيين مباشرة بالمسألة (الإخوان والنظام) أن يتكهن بأبعادها، أو أن يدرك مدى قدرتها على الصمود أمام تداعيات تلك المواجهة، التي تتصاعد على نحو لا يبدو حتى الآن على الأقل، قد دخل ساحة المواجهة المفتوحة، بقدر ما يبدو الطرفان حريصين على محاصرته داخل إطار محسوب، انتظارًا للحظة فارقة يعلم الله وحده متى تأتي.