إستفتاء إيلاف حول وجود المدمرة كول :
إتفاق على المغزى السياسي وتفاوت في تحديد طبيعته

تاج الدين عبد الحق من أبوظبي: لا يزال الغموض الذي يلف المشهد السياسي في لبنان سببًا في الإنقسام لا في المواقف فقط، بل وفي الاجتهاد والتفسير أيضًا. وكما فشلت الأطراف السياسية اللبنانية في الوصول إلى قاسم مشترك يفتح الباب، أمام الوصول إلى مخرج للازمة الرئاسية التي يعيشها لبنان منذ ما يقرب الآن من نصف العام، يفشل فيما يبدو من يتابع تطورات المشهد من الوصول إلى قاسم جامع تفسر فيه تلك التطورات وما قد تحمله من نتائج. لكن الملاحظ في استفتاء ايلاف حول مغزى وجود المدمرة كول قبالة السواحل اللبنانية والسورية أن الجميع اتفقوا على ان المدمرة كول تقوم بعمل سياسي، وإن اختلفوا في تحديد ماهية هذا العمل وطبيعته .

وقد كانت النتائج متقاربة للدرجة التي لا يحمل التفاوت بينها مغزى يمكن البناء عليه لرسم حالة المزاج العام للشارع العربي ازاء الازمة اللبنانية. فمن بين أكثر من أربعة آلاف وستمئة شخص شاركوا في التصويت اعتبر 2016 وبنسبة 44% أن وجود المدمرة الأميركية باعتباره تحذيرًا لسوريا التي تتهم بأنها التي تعرقل اتفاق اللبنانين على اختيار رئيس لهم والتي يعتقد على نطاق واسع داخل لبنان وخارجها بأنها تملك مفاتيح الحل إن أرادت. ومع ان هذه النسبة شكلت غالبية المصوتين، إلا انها كانت قريبة من الذين اعتبروا ان الامر لا يعدو استعراضًا للعضلات دون ان يعني على الصعيد العملي اي نتائج .

اذ قال ما مجموعه 1520 مصوتًا وبنسبة 32% انهم يعتقدون ان الامر هو استعراض عضلات لا اكثر . اما الجزء المتبقي والذي يبلغ تعداده 1087 وبنسبة 24% فقد اعتبر ان وجود المدمرة دعم معنوي لحلفاء الولايات المتحدة، وهو دعم وإن بدا بالنسبة إلى بعضهم مفيدًا الا انه يحمل في طياته ثمنًا سياسيًا على صعيد فهم مطالب الاكثرية اللبنانية باعتبارها تعبيرًا عن اختيار وطني لا تنفيذًا لمصالح خارجية.

وإذا كان المثل العربي يقول إن اللبيب من الاشارة يفهم، فإن تجول المدمرة الأميركية قبالة السواحل السورية واللبنانية خلق اشارات متفاوتة في مدلولاتها بحيث لا يجد اي طرف الجرأة للقول إنه اللبيب الذي فهم وحده الاشارة .