عبد حمود: صدام حسين لم يعرف حقيقة جيشه المتهالك

كرهه للصهيونية تسبب في معاداته لأفلام البوكيمون الكارتونية! حينما وجدت لعبة الثورات والعنف سيدها صدام حسين في العراق

زيد بنيامين من دبي: بعد وقوع quot;عملية تحرير العراقquot; علق طارق عزيز، أحد مساعدي صدام البارزين، على خطورة أن يرفع أي انسان رأسه ليرى ما كان يحدث في العراق quot;في حال اختفى قائد عسكري، لم يكن زملاؤه ليسألوا عنه ليعرفوا ما الذي حصل له، لأنهم يعرفون أن قوات الأمن قد تعاملت مع الأمر مع هذا الرجل غير المحظوظquot; .. (بحسب تقرير للمخابرات الاميركية/ ابريل 2003)... اما علي حسن المجيد والذي يعرف بـ (علي كيمياوي) احد افراد الحلقة الداخلية لمساعدي الرئيس العراقي السابق، أكد في شهادته أن صدام حسين كان يخشى من الرجال الاذكياء والمثقفين وخصوصًا أولئك الذين كانوا يظهرون بصورة متكررة على شاشات التلفزيون.. (بحسب تقرير للمخابرات الاميركية/اغسطس 2003)...

يقول احد قادة الحرس الجمهوري بعد الحرب quot;في احدى قرارته... رمى صدام حسين بالاناس الاذكياء الى خارج المؤسسة العسكرية، بل ان بعض الناس من ذوي الخبرة والقدرة عرفوا انهم لا يجب ان يتورطوا في التخطيط لما يجري، وألا يدخلوا في اي عملية صنع قرار في البلدquot;..

كانت المؤسسة العسكرية العراقية مسرحًا للعديد من القصص الحقيقية وغير الحقيقية من قبيل مقتل عدد من العسكريين على يد صدام حسين أو تم سجنهم لأنهم قدموا رأيًا مخالفًا... صدام اختار أن يعلق على ذلك بالقول انه يعرف جيدًا متى يفكر الناس في خيانته حتى قبل ان يعرف المتهم ذلك ..

وفي ظل غياب اي طريقة معقولة للعقاب والاتهام... كان صدام حسين يوزع الاتهامات ضد الذين كان يريد تدميرهم .

وفي حادثة وقعت في عام 1982 .. اعطى صدام حسين دليلاً عن الكيفية التي سيبدو عليها نظامه خلال العقود المقبلة من حكمه.. ففي واحدة من اسوء المراحل التي مرت بها الحرب العراقية الايرانية بالنسبة لصدام حسين .. سأل الرئيس العراقي وزراءه حول النصيحة التي يقدمونها من اجل الخروج من هذا الوضع فاقترح وزير الصحة العراقي ان يقوم صدام بالتنحي مؤقتا عن الحكم في العراق وان يتولى الرئاسة بعد ان يتم تحقيق السلام.

طلب صدام حسين ابعاد وزير الصحة صاحب الاقتراح مباشرة من جلسة المجلس.. وفي اليوم التالي سلمت اجزاء من جسده الى زوجته ... ووفقاً لرئيس لجنة الصناعات العسكرية العراقية في ذلك الوقت وهو احد اقارب وزير الصحة المقتول فان تلك الحادثة quot;نجحت في الفوز باهتمام بقية الوزراء الذين كانوا غير متأكدين من امكانية بقاء الرئيس العراقي صدام حسين في سدة الرئاسةquot;..

مع مرور الوقت كان الرئيس العراقي ينجح في بناء سمعة تدور حول قدراته على اتخاذ القرار من خلال انزال أقصى درجات العقاب في حال حمل اي شخص انباء سيئة بالنسبة اليه.. ومن هنا لم يكن مفاجئًا أن يكذب بعضهم، وان تصل درجات الكذب الى اعلى مستويات الحكومة العراقية والجيش العراقي ..

كانت الاشاعات تدور في المؤسسة العسكرية بأن مصير أي فرد فيها هو الاعدام في حال قدم وجهة نظر أو عارض الرئيس العراقي حتى بين كبار القادة العسكريين في تلك المؤسسة العريقة... الكل في الجيش كان يعرف قصة ذلك الضابط العراقي الذي قضى سنة من عمره في السجن لأنه تجرأ وقال إن دبابات الجيش الأميركي اقوى من دبابات الجيش العراقي... وكانت الحلقة المقربة من صدام حسين تعطي للقائد صورة يومية كاذبة عمّا يحدث او في احسن الاحوال... نصف الحقيقة.

يقول احد افراد الجيش العراقي معلقًا quot;قول الحقيقة لم يكن في مصلحتكquot; ...كان المسؤولون يرهقون انفسهم في التفكير في الطريقة التي سيوصلون بها المعلومة الى صدام حسين على ألا تفسر بأنها محبطة او أنها نبأ غير سار ..

حتى ان قصي صدام حسين نجل الرئيس العراقي السابق وكبير الحرس الجمهوري كان يتبع التصرف نفسه quot;اي ضابط او من اعلى منه رتبة تجرأ وقال الحقيقة فإنه سيخسر رأسهquot;... (بحسب شهادة اللواء حميد اسماعيل داويش الربيعي رئيس اركان حرس جمهوري في 18 نوفمبر 2003)

بحلول منتصف التسعينات كان الكل في القيادة العراقية والحكومة يعرف أن من يجلس في المقابل مع صدام حسين، فإنه يجب ان يكذب، وتعثرت الكثير من المصالح في الدولة العراقية بسبب ذلك، ووقع اثر كبير على طريقة تخطيط الالة العسكرية العراقية ومدى جاهزيتها للدفاع عن البلد، وبحسب رواية شاهد عيان في الجيش العراقي يروي عن حادثة في عام 1995 في اجتماع حضره الى جانب مجموعة القادة العسكريين مع صدام حسين ...

في الثالث والعشرين من ديسمبر 1995 حضر صدام حسين محاضرة على هامش مؤتمر عسكري... إلى جانب القيادات العسكرية للجيش العراقي... كان على ثلاثة منا تقديم عرض تقديمي خلال ذلك الاجتماع .. وكانت فكرة المحاضرة التي سألقيها بسيطة للغاية.. لقد عرفت مع حلول العام 1993 مدى التفاوت الذي اصبحت فيه قواتنا بالمقارنة مع القوات الاميركية، وكان ذلك التفاوت يتسع بمرور الايام، لأن قدراتنا كانت تضمحل... لقد زادت قدرات القوات الأميركية وهو الامر الذي ينطبق على اعتمادهم على القوات الجوية في معركتهم معنا... كانوا يملكون فضاءنا ... لقد كانوا يعرفون كل شيء عنا عبر هذه الوسيلة ... حتى إن بنت جسرًا جديدًا .. فإن اميركا ستراه وتدمره لك.. فلماذا كنا نحاول بناءه؟ .. اذا بنيت جيشًا كبيرًا فإن اميركا بسهولة ستدمره لك مرة اخرى .. مع حلول العام 1995 كنا نعرف اننا بصدد المواجهة من جديد مع الولايات المتحدة، ولكن مقدرتنا تراجعت كثيرًا... قلت في مداخلتي ان علينا ان نغير الصورة العسكرية العراقية.. بحيث تتحول من آلة عسكرية ثقيلة الى قوة خفيفة والقتال عن طريق حرب العصابات مثل ما حصل في فيتنام .. عبر الكر والفر.. في الحرب هناك قتال وهناك المناورة وكل ما لدينا الآن هو القتال المباشر وهو شيء لا يمكننا تحقيق النصر عبره..

كنت أول من ألقى المحاضرة وغضب صدام كثيرًا من نظريتي.. قاموا بالابتعاد عني خلال المحاضرات واتهموني بأنني رهين للفكر الاميركي... صدام من جانبه علق على مداخلتي بالقول quot;إن كانت محاضرة الحمداني صحيحة فإن جميع هؤلاء الضباط (اشار صدام الى الضباط الجالسين) كان يجب ان يكونوا في عداد الموتى، لكن بما انهم هنا فإن الحمداني على خطأ ونحن المنتصرون (في اشارة منه الى حرب الخليج 1991) quot; حتى الرضيع كان يرى أن هذا المبدأ الذي اتبعه صدام هو مبدأ خاطئ.

في ذلك الاجتماع، وبعد مداخلة صدام خاف الكثير من المشاركين من إبداء ملاحظات كتلك التي قدمتها وقد غيروا تقاريرهم، بعد يومين من ذلك الاجتماع كان على القوات الجوية تسليم تقرير بمستوى عال من الاهمية الى صدام حسين، وقال التقرير انه في نهاية العام 1996 فإن القوات الجوية العراقية ستكون إنتهت (بسبب عدم وجود مواد احتياطية.. وقلة التدريب وما الى ذلك) .. قاموا بتغيير الدراسة لكي لا يغضب صدام، قالوا في التقرير فيما بعد بأن القوات الجوية ستزيد من قابلياتها بنهاية العام 1996 بدل القول إنها ستنتهي..

مع حلول العام 1996 او 1997 بدأ الجميع يكذب.. بدأ الكذب يكثر ويطغى على المشهد العام ، بدأوا يقولون quot;لقد ربحنا حرب 1991quot; وكذب من هذا القبيل، واقتصرت كل الخطط العسكرية بقيادة صدام ومجموعة مقربة منه، كانت حال صدام وجنرالاته تشبه حال هتلر وجنرالاته بعد عام 1944. كان صدام مولعًا بالخطط العسكرية والتدخل كثيرًا في التفاصيل...

يقول (عبد حمود) مرافق وسكرتير صدام حسين في شهادته انه بحلول العام 2003، فإن صدام حسين لم يكن يعلم شيئًا عن حقيقة جيشه .. وقال إن صدام حسين في ايامه الاولى كان يزور القطعات العسكرية ويتحدث الى افراد الجيش ومع مرور الوقت اعتمد كثيرًا على التقارير المكتوبة ..