التهديدات الإسرائيلية للبنان تثير مخاوف
الحرب ليست غداَ ... لكن الإستنفار واجب

إيلي الحاج من بيروت : انصرف دبلوماسيون وسياسيون في بيروت إلى تحليل مضمون الرسائل التهديدية التي تلاحقت من إسرائيل أخيراً بشن حرب على لبنان بأكمله من دون إستثناء أي من مرافقه ومناطقه باعتباره بلدا ًعدواً إذا أقدم quot; حزب الله quot; على أي عملية ضد إسرائيل .

واتفق الدبلوماسيون وفق تقارير متقاطعة على أن هذه التهديدات تثير القلق وتستوجب إجراء إتصالات لتطويقها ، لكنها لا تؤشر إلى خطر داهم ، والحرب لن تقع غدا لكن الإستنفار الدبلوماسي والسياسي لمواجهتها تحسبا واجب .

وعبر دبلوماسي غربي عن هذه الأجواء بالدعوة الى quot; ضرورة التنبه quot; إلى هذه التهديدات الاسرائيلية باعتبارها quot; تطورا جديدا في المواجهة اذا حصلت quot; ، ملاحظاً أنها quot; إذا تحققت فستلحق اكبر الاذى بالبنى التحتية والمقار الرسمية والمنشات غير المدنية quot;. ونصح quot; باستنفار الدبلوماسية اللبنانية على عجل للقيام بالاتصالات اللازمة للتاكد من مدى جديتها quot; .

واضاف: quot;عليهم الاتصال بالامين العام للأمم المتحدة بان كي- مون وقادة الدول الخمس الكبرى ذات العضوية الدائمة في مجلس الامن لمنع اسرائيل من اي مغامرة عسكرية جديدةquot;.

وكان وزير البيئة الاسرائيلي جدعون عزرا ألحق التهديدات التي أطلقها رئيس الوزراء الاسرائيلي إيهود أولمرت، بتهديد جاء فيه : ان اسرائيل ستعتبر كل الدولة اللبنانية هدفاquot; وستهاجم البنى التحتية المدنية في حال قام حزب الله بشن حرب، واعتبارا من اللحظة التي اعطت فيها الحكومة اللبنانية شرعية لحزب الله، يجب ان تدرك ان كل الدولة اللبنانية تشكل هدفا بالطريقة نفسها التي تشكل فيها كل اسرائيل هدفا لحزب الله. خلال الحرب ضد حزب الله في صيف 2006، quot;فكرنا باحتمال مهاجمة البنى التحتية في لبنان لكن هذا الخيار لم يعتمد لاننا اعتبرنا انذاك ان اللبنانيين ليسوا مسؤولين جميعهم عن هجمات حزب اللهquot;.

ويتابع المحللون بقلق في بيروت إطلاق حملة إسرائيلية اعلامية منظمة محورها تعاظم القوة المسلحة لحزب الله في الشهرين الأخيرين خصوصا، وتوجيه رسائل في هذا الخصوص الى الادارة الاميركية وبعض دول اوروبا تفيد بأن quot;الحزبquot; أتم السيطرة على جبل صنين الذي يعتبر موقعا استراتيجيا خطيرا في المنطقة، الى تلقيه أسلحة جديدة متطورة من سورية وايران عبر الأراضي السورية، بينها صواريخ مضادة للطائرات وللسفن الحربية، قادرة على استهداف الطلعات الجوية الاسرائيلية، واعتراض السفن الحربية الاسرائيلية والاميركية في البحر المتوسط.

ولاحظوا أن إسرائيل وجهت رسالتين متناقضتين الى الرئيس السوري بشار الأسد عبر رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان، تؤكد الأولى رغبة تل ابيب في استمرار المفاوضات مع دمشق ورفع مستواها الى مفاوضات مباشرة على مستوى وزاري، وتعرب الثانية عن استياء اسرائيل من استمرار تهريب الاسلحة الى حزب الله، وتهديدها بعدم السماح باستمرار هذا الوضع، وتصميمها على تغييره سواء بالدبلوماسية او بالوسائل العسكرية. وفوق ذلك خصصت جلسة لمجلس الأمن الاسرائيلي المصغر لبحث مسألة تسلح حزب الله وسبل مواجهتها، والتطرق خلال الاجتماع الى اسماء مواقع تستخدم لتهريب الاسلحة، ذكر منها مطار دمشق الدولي والمسالك التي تستخدم لربط ايران بلبنان عبر الاراضي السورية، في حين يبقى الأمر اللافت تعمد الحكومة الاسرائيلية اطلاع الرأي العام الاسرائيلي على مداولات المجلس، والتلميح الى امكان توجيه ضربات عسكرية الى هذه المواقع.

ويركز التهديد الإسرائيلي على حدوث تغيير جذري في السياسة الاسرائيلية حيال لبنان، بعدما قررت تل ابيب استناداً الى توصيات وزارة الدفاع، تحميل لبنان باسره مسؤولية اي هجوم ضدها يقوم به حزب الله، وهو ما يشكل تطوراً نوعياً من الجانب الاسرائيلي الذي ظل حتى وقت قريب يميز حزب الله عن الحكومة اللبنانية، ويتحاشى الانجرار الى توجيه ضربات الى المؤسسات الحكومية والبنى التحتية والمرافق الحيوية كما ظهر في حرب تموزم يوليو 2006. وجاء هذا التطور من وجهة النظر الإسرائيلية امتلاك quot;حزب اللهquot; أخيرا قدرة التعطيل في الحكومة اللبنانية وسماح البيان الوزاري للحكومة اللبنانية للحزب بمواصلة عملياته العسكرية.

وعلى وقع المسار التراجعي الذي سلكه القرار الدولي ١٧٠١من وجهة النظر الإسرائيلية والذي ادى الى وصوله اليوم الى حافة الانهيار العملاني، وما يقابله من مسار تسليحي تصاعدي لحزب الله وصل الى حد جعل الاراضي اللبنانية مصدر التهديد الأكبر لإسرائيل ، يمكن القول ان الجبهة اللبنانية -الاسرائيلية قد تتحرك في الأشهر المقبلة .