الغموض مازال يكتنف مصير المختطفين الأوروبيين والمصريين
الاستخبارات الألمانية تجري مفاوضات هاتفية مع الخاطفين
كتب ـ نبيل شرف الدين: لازال الغموض يكتنف مصير السياح الأوروبيين الأحد عشر المختطفين مع ثمانية مصريين في المثلث الحدودي بين مصر والسودان وليبيا، وعلمت quot; إيلاف quot; من مصدر دبلوماسي غربي في القاهرة أن وسطاء من جهاز الاستخبارات والدبلوماسيين الألمان هم الذين يجرون اتصالات مباشرة ومفاوضات عبر الهاتف لإطلاق سراح السياح الأوروبيين ومرافقيهم المصريين المختطفين، وأن تنسيقاً أمنياً مصرياً ـ سودانياً توصل إلى تحديد موقع الخاطفين والمختطفين في منطقة جبل العوينات الصحراوية الحدودية، غير أنه أكد أن الجميع يسعون إلى معالجة الأزمة من خلال مواءمة الأمر بدقة بين سلامة المختطفين والضغط على الخاطفين. وكشف مصدر مصري مطلع على سير مجريات القضية عن أنه أثناء تعقب فريق أمني طريق الفوج السياحي في المنطقة الصحراوية عثر على خمس حقائب ملقاة في الأرض ومتناثرة في منطقة متاخمة للحدود المصرية ـ السودانية، وتبين أن ما بداخلها عبارة عن ملابس ومتعلقات شخصية للسياح الأجانب.
كما علمت quot;إيلافquot; من المصدر ذاته أن إبراهيم صابر، وهو صاحب الشركة السياحية التي نظمت الرحلة وتعرض أيضا للخطف أبلغ زوجته هاتفياً بأنه يعتقد أن المختطفين ربما كانوا من دارفور أو تشاد ـ كما يبدو من لهجتهم المحلية ـ كما أعرب عن اعتقاده أيضاً أنهم متواضعو الخبرات ويفتقدون إلى حرفيات المسلحين وأن هدفهم هو الحصول على أموال الفدية فحسب.
خلفيات وتحليلات
ويقول الخبير الأمني اللواء المتقاعد أحمد فهمي، إن عملية الاختطاف يشوبها غموض حتى الآن، غير أنه استبعد وجود أنشطة جماعات متطرفة تقف خلفها، مشيراً إلى أن المثلث الحدودي بين مصر والسودان وليبيا كان دائماً مسرحاً للخارجين على القانون والهاربين من الأحكام القضائية، وأن وجود المنطقة بين ثلاث دول يجعل السلطة المركزية فيها محدودة القدرات، فضلاً عن وعورة هذه المنطقة وابتعادها عن المناطق المأهولة بالسكان، ومن المعلوم أن البدو المقيمين في تلك المنطقة هم وحدهم الذين يعرفون جيداً جغرافيتها ومسالكها الصحراوية الوعرة، وأنّ المعلومات المتوافرة حتى الآن تشير إلى أن المنفّذين مجرد عصابة من البدو الملثمين الساعين إلى الحصول على فدية مالية، وبالتالي لا يصح تحميل الأمور أكثر مما تحتملquot;، على حد تعبيره.
وكانت أنباء قد راجت في وقت سابق عن أن الخاطفين أفرجوا عن السائحين، وهو ما نفاه زهير جرانة وزير السياحة المصري الذي أعلن أن الخاطفين سودانيون، لافتاً إلى أنهم طالبوا بفدية مالية ضخمة، وقال إن الاتصالات مع الخاطفين تجري مع زوجة صاحب شركة السياحة التي تنظم تلك الرحلات ـ وهو من بين المختطفين ـ لإبلاغها بمطالبهمquot;، وأكد ان زوجة صاحب شركة السياحة، وهي ألمانية الجنسية، على اتصال مستمر بأجهزة الأمن المصرية، التي تتابع الأمر معها أولاً بأول، وكشف مصدر مطلع عن معلومات جديدة في هذا السياق مفادها أن السلطات المصرية حللت المكالمة الهاتفية التي تلقتها الزوجة، وثبت لها أن مصدرها هو الأراضي السودانية، ومن هنا فقد توجه يوم الثلاثاء وفد أمني مصري إلى السودان لمواصلة الاتصالات والجهود الرامية إلى إطلاق المختطفين وتأمين سلامتهم.
وميدانياً فقد خضعت جميع الطرق المؤدية إلى الأقصر وكافة مدن صعيد مصر السياحية لتدابير أمنية مشددة ضمن خطة تستهدف توفير مزيد من الحماية للمنشآت السياحية ومقار البعثات الأثرية الأجنبية العاملة هناك فضلاً عن إجراء حملات أمنية مكثفة لتمشيط الجزر النيلية والمناطق الصحراوية المتاخمة للمزارات الأثرية والسياحية.
ملابسات غامضة
أما الملابسات المحيطة بهذه الواقعة غير المسبوقة في مصر، فقد بدت بالغة الالتباس، وتضاربت الروايات والتصريحات الرسمية ذات الصلة، فبعد أن نفى في البداية مصدر مسؤول إطلاق سراح المختطفين، فقد وردت على لسان وزير الخارجية المصري أحمد أبوالغيط تصريحات على هامش زيارته للولايات المتحدة أكد فيها إطلاق سراحهم، إلا أنه عاد يوم الثلاثاء ليتراجع عن تصريحاته، نافياً على لسان حسام زكي المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية ما نسب للوزير أحمد أبوالغيط بشأن الإفراج عن السياح، الأمر الذي حدا ببعض الصحف الأميركية لوصف أبو الغيط بتعبير قاس هو quot;الكذّابquot;، بعد أن اتضح عدم صحة تصريحاته التي أدلى بها في حضور نظيرته الأميركية كوندوليزا رايس.
وقال الناطق باسم الخارجية المصرية إن ما نقلته بعض وسائل الإعلام عن أبو الغيط quot;لم يكن دقيقاquot; مضيفا أن الوزير تحدث عن تقارير غير مؤكدة عن إطلاق سراح السياح، وأضاف حسام زكي قائلاً : quot;إن المعلومات الواردة من مصر حتى الآن تشير إلى أن الموقف لا يزال على ما هو عليهquot;، على حد تعبيره.
وتقع منطقة quot;كرك طلحquot; التي كانت مسرحاً لعملية الاختطاف جنوب محافظة quot;الوادي الجديدquot; المتاخمة للحدود الجنوبية الغربية بين مصر والسودان وليبيا، وتشهد هذه المنطقة ما يعرف بـ quot;سياحة المغامرةquot; في الصحراء الواقعة على بعد أكثر من ألف كيلومتر عن القاهرة، وعلى بعد خمسمائة كيلومتر من أقرب مكان مأهول بالسكان، والرحلة بسيارات الدفع الرباعي المستخدمة في هذا الغرض، تبدأ من القاهرة الى quot;كرك طلحquot; وتستغرق نحو أسبوع للوصول هناك، ويُمضي السائحون عادة بها ما لا يقل عن أسبوعين في جولاتهم السياحية بهذه المنطقة، وتنتهي رحلتهم في واحة quot;سيوةquot;، أقصى غرب مصر.
وتباينت آراء الخبراء الأمنيين والمحللين السياسيين حول دلالات هذا الحادث الذي يعد الأول من نوعه، خاصة في ظل عدم إعلان أي جهة أو منظمة مسؤوليتها عن عملية الاختطاف، أو وجود أي تصريحات من قبل الأجهزة المعنية تشير إلى هوية مرتكبي الحادث، وإن كانت هناك تسريبات بأنهم على الأرجح من دولة quot;تشادquot;، واكتفت السلطات بالتأكيد على وصفه بأنه مجرد حادث جنائي لا صلة له بالجماعات الإرهابية، وليست له أبعاد سياسية، وأن الخاطفين مجرد عصابة إجرامية تبغي الحصول على فدية مالية.
التعليقات