القاهرة تعتبر أن حسن نصرالله يتخذ مواقف صدامية ضدها لمصلحة إيران
مصدر غربي لا يستبعد تورط quot;حزب اللهquot; في استهداف سفارات مصر بالخارج

صحيفة الأهرام المصرية تشن حملة عنيفة على نصر الله

جائزه مالية إيرانية لقتل مبارك

كتب ـ نبيل شرف الدين: في ما جدد الأمين العام لجماعة quot;حزب اللهquot; اللبنانية، حسن نصر الله مهاجمة مصر للمرة الثالثة منذ بداية الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة، فلم يستبعد مصدر دبلوماسي غربي يقيم في القاهرة إمكانية تورط نشطاء الحزب في إرتكاب هجمات ضد سفارات مصر وبعثاتها الدبلوماسية في الخارج، وقال المصدر ذاته quot;تشير معلومات أمنية إلى أن حزب الله قرر أن يتخذ موقفًا تصادميًا مع مصر على ما يبدو، وأن ذلك ينذر بتصعيد المواجهات بين الدول الرئيسة في المنطقة، والتنظيمات الدينية الراديكالية التي تتجاوز دولهاquot;. ويرى خبراء استراتيجيون أن quot;حزب اللهquot; سيكون قد ارتكب حماقة كبيرة في حال أقدم على التورط في مثل هذا الفخ، ويشكك اللواء المتقاعد حسن إبراهيم في صحة تلك المعلومات، قائلاً: إنه لو صحّ ذلك فسيكون quot;حزب اللهquot; وضع نفسه في خندق الإرهاب، فالسفارات المصرية هي رمز لمصر، وليس للنظام الحاكمquot;.

وفي سياق تعقيبه على تلك الأنباء، إكتفى مصدر دبلوماسي مصري بالقول: quot;إنه إذا كانت هذه المعلومات صحيحة فعلى quot;حزب اللهquot; وأمينه العام حسن نصر الله تحمل المسؤولية كاملة عن مثل هذا التصعيد الخطر، وإذا ثبت لدى القاهرة تورطه بالفعل في استهداف السفارات المصرية في الخارج، أو المساس بمصالحها أو دبلوماسييها، فإن مصر بالتأكيد لن تقف مكتوفة اليدين، بل ستتعامل مع الأمر بالشكل المناسبquot;، من دون الخوض في مزيد من التفاصيل عما يمكن أن تقدم عليه مصر من إجراءات حينها.

وعلمت quot;إيلافquot; من مصادر حسنة الاطلاع في القاهرة أن وزارة الخارجية المصرية خاطبت نظيراتها في عدد من الدول العربية والإقليمية، وطلبت تشديد الحماية الأمنية على مقار البعثات الدبلوماسية وأعضائها، وحمّلت ما وصفته بـ quot;جهات عربيةquot; المسؤولية كاملة في حالة وقوع أي اعتداء على المقار أو الأشخاص بسبب التطورات الراهنة في قطاع غزة، التي تزامنت معها حملة تحريض واسعة ضد السياسات المصرية.

تأتي هذه المعلومات بعد تصاعد السجال بين حسن نصرالله أمين عام حزب الله ومصر، التي فسرت الأمر على لسان وزير خارجيتها أحمد أبو الغيط بأنه بمثابة quot;إعلان حرب على مصرquot;، ووصف حسن نصر الله بأنه quot;يهرف بما لا يعرفquot;، بينما خرجت صحيفة quot;الجمهوريةquot; المصرية بعددها الصادر يوم الخميس بمانشيت رئيسي يقول : quot;الحانوتي ينتقدناquot;، كتب فيه محمد علي إبراهيم رئيس تحرير الصحيفة : quot;يبدو أن المخبأ الذي يتحصن داخله نصر الله ليس به سوى محطات التليفزيون الإيرانية والسورية، ولا يرى سواهما لأن العملاء في العالم كله يجري لهم غسيل مخ، حتى لا يشاهدوا دعاية مضادة، وإذا شاهدوها لا يصدقونهاquot;، وأضاف إبراهيم مخاطبًا نصر الله : quot;تستطيع أن تأمر المهندسين العاملين عندك في تركيب شبكات التجسس داخل بيروت، والتنصت على مقار الوزراء والنواب لحساب إيران، أن يسرقوا لك كابلاً تشاهد فيه التليفزيون المصري خلسة، حتى لا يغضب سادتك في إيرانquot;، على حد تعبيره.

كلاكيت ثالث مرة

وللمرة الثالثة شن حسن نصر الله، هجومًا عنيفًا على النظام المصرى مطالبًا إياه بفتح معبر رفح لفك الحصار عن قطاع غزة، ووجه نصر الله حديثه إلى الرئيس المصري متسائلاً: quot;هل يحتاج حاكم مصر إلى أكثر من 650 قتيلاً و2500 جريح ليفتح معبر رفح بشكل حقيقي ونهائي لمساعدة أهل غزة على الصمود والإنتصار؟quot;، وأضاف quot;كل ما يطلب منك هو فتح معبر، وليس إعلان جبهة وفتح حربquot;، حسب زعمه. ومضى نصر الله قائلاً quot;لن نخاصم ولن نعادي من تواطأ علينا من العرب في حرب تموز (2006) ومن اتهمنا واساء لنا لكن سنخاصم ونعادي من يتواطأ على غزة واهلها وعلى مقاومتها وعلى من يشرك في دمائها ويسد عليها أبواب الحياة والخلاصquot;، على حد قوله.

كما تحدّث حسن نصر الله عن قيام عدد من المحامين في مصر ـ ممن وصفهم بأزلام النظام ـ برفع دعوى ضده أمام المحكمة الجنائية الدولية بسبب طلبه من المصريين وجيش مصر فتح معبر رفح بالقوة. وسبق أن اعتبر نصر الله الموقف المصرى هو حجر الزاوية في ما يجرى من هجمات إسرائيلية في غزة، وتوجه إلى المصريين قائلاً، quot;يجب أن تفتحوا هذا المعبر يا شعب مصر بصدوركمquot;، كما توجه إلى ضباط وجنود القوات المسلحة المصرية، قائلاً: quot;إنهم ما زالوا على أصالتهم العروبية، وعلى موقفهم المعادي لإسرائيل، وطالب إياهم بما أسماه: quot;الضغط على القيادة السياسية لفتح المعبرquot;، وهو ما اعتبرته القاهرة بمثابة إعلان حرب عليها ودعوة إلى الانقلاب، لكن لا قيمة لها quot;لأن القوات المسلحة المصرية مؤسسة وطنية راسخة لا تلتزم بالشرعية فحسب، بل هي الحارس الأمين عليهاquot;.

واعتبر اللواء عادل سليمان - الخبير الاستراتيجي والعسكري ـ أن لغة نصر الله كشفت منذ البداية عن حقيقة دامغة، مؤداها quot;أنه ينفذ توجيهات صريحة من قبل إيران، حيث قال: نشكر الجماهير التي لبت نداء الإمام خامنئي، وبالتالي فإن ما جاء في بقية الخطاب لا يدل على أي مصداقيةquot;، وأشار إلى أن quot;نصر الله أجبر على أن يبدأ خطابه بهذا، وبالتالي لا يمكن أن نعتبرها مجرد سقطة أو زلة لسان فهو يعلن من خلال خطابه أنه فرع لإيران في لبنانquot;، واعتبر أن quot;حديث نصر الله عن الجيش المصري تحريض فجّ مرفوض وخروج عن اللياقةquot; حسب تعبيره.

وأوضح اللواء سليمان أن مصلحة إيران من الهجوم على مصر هي تقليص الدور السياسي لمصر على الصعيدين الإقليمي والدولي، وتشويه صورتها وإظهارها امام الإدارة الأميركية الجديدة بأنها غير قادرة على حل مشاكل الفلسطينيين، وبالتالي تصبح إيران هي العنصر الفاعل في منطقة الشرق الأوسط، لكي تتجه الإدارة الأميركية الجديدة إليها في أي مفاوضات لحل مشاكلها الخاصة ببرنامجها النووي، ورأى أن الموقف السوري يتماهى مع الموقف الإيراني إلى حد التطابق وربما التبعية الكاملة، فدمشق ـ للأسف ـ تنضم للجبهة الإيرانية لكي تحظى بثقة الإدارة الأميركية الجديدة لحل مشاكلها مع إسرائيل خاصة في ما يتعلق بمشكلة الجولان المحتلquot;، كما يذهب الخبير الاستراتيجي المصري.

من جانبه، وصف الدكتور عبد المنعم سعيد رئيس مركز quot;الأهرامquot; للدراسات السياسية والاستراتيجية كلمة نصر الله بالتحريضية الفجّة التي تفتقد لأبسط قواعد اللياقة والحصافة السياسية، وأضاف أن إذا كان حسن نصر الله قد نجح بطريقة أو أخرى في أن يفرض إرادة جماعته ـ التي تمثل أقلية ـ على الأغلبية في لبنان، فإن ذلك يبدو مستحيلاً بالنسبة إلى الوضع المصري، فجيش مصر هو جيش احترافي مهمته الدفاع عن شعبها وأراضيها، وليس مقبولاً أبدًا الزج به لصالح أجندات إقليمية كما يحدث بالنسبة إلى مقاتلي حزب الله، وأضاف سعيد أن نصر الله ما زال يعيش أسيرًا لحرب أفضت إلى احتلال دولي لجنوب لبنان، فلم يعد هناك احتلال إسرائيلي فقط للجنوب اللبناني، بل احتلال دولي يعلم الله وحده متى وكيف يمكن أن ينتهي.