الكل يكتب ساخراً ورافضاً.. زارعاً ثقافة السخط لدى المواطن الكويتي (2/2)
سامي النصف: كُتــّاب الكويت حولوها الى تورا بورا!

إقرأ المزيد:

الجزء الاول من الحوار:

من يحارب حروب الوكالة يكتفي بالصوت الرفيع! ( 1/2 )
سامي النصف: قالوها سابقًا... إيران تحارب أميركا على تخوم دمشق!

فهد سعود وزيد بنيامين من الكويت: انتقد الكاتب الكويتي سامي النصف، في الجزء الثاني من حواره مع quot; إيلافquot; الوضع الحالي لكتّاب الأعمدة الصحافية في الكويت، فهو يرى أن الغالبية العظمى منهم كُتّاب quot; ساخرون وناقدونquot; ويزرعون ثقافة السخط لدى المواطن الكويتي وقال النصف إن صحف الدول المتقدمة، تعامل الكتابة الساخرة والناقدة بحجمها الحقيقي، التي هي 5% من الكتابات، إنما 95% هي كتابة جادة، تقود الرأي العام لما فيه صالح الأوطان. مضيفا: مصر شعب ساخر، وفيها احمد رجب وغيره، ولكن الكتابة الساخرة لا تطغى عليهم، والولايات المتحدة كان لديها كاتب ساخر واحد مقابل 300 مليون، بينما في الكويت لدينا عدد مهول من الكتاب الساخرين.

وأشار النصف إلى أن معطيات الوضع في الكويت والدول الخليجية بحاجة إلى نوع من العمل لتغيير الثقافة السالبة المتوارثة، وتغيير الكثير من الثقافات التي تشغل المواطن بهم سياسي وتذمر وحنق شديدين ممن لا يرى أمامه الانجاز. جاء ذلك في رده على سؤال quot; إيلافquot; حول ما يقوله البعض من أن سامي النصف هو quot; محامي الحكومةquot; والمدافع المستميت عن قراراتها وتوصياتها.


وإلى الجزء الثاني من الحوار الذي أجرته إيلاف مع الكاتب محمد النصف.

****
نحتاج قمما لجماعة الممانعة مثل بن لادن ونصر الله لنعرف الفرق
* البعض ينتقد جانبا من أطروحاتك، وهو الدفاع المستمر عن القرارات التي تصدر من الحكومة، هل تعتبر نفسك محاميا للحكومة؟

سامي النصف: الأمر الأول أنا لست مدافعاً بشكل مطلق عن كل ما يصدر عن الحكومة، ولكني اطلب المزيد من الموضوعية والعقلانية حينما ننظر للقرارات الصادرة، واضح أن لدينا في الوطن العربي ما يسمى (معاداة ما يأتي من السلطة)، وهذا يعود ربما لأنها موروثات الحكم العثماني طويل الأمد، أو الاستعماري، وهو الشك في كل ما يأتي من الحكومة، وهذا لا يخلق معادلة صحية، إذا كنا سنرفض كبرلمان، كل ما تقترحه الحكومة فكيف نحاسبها، وكيف تعمل الحكومة إذا كان كل ما يصدر عنها نرفضه؟.

كذلك اغلب الكتاب لدينا (يدقدقون) يعني (ينبسطوا) على هذه الحكاية، و يعتبرها من الفروسية والبطولة، في بلد لا يخاف فيه احد من احد، أنا أمثل الرأي الآخر، في القضايا التي أرى أن فيها مكسبا للوطن، مشاريع كثيرة طرحت كحقول الشمال ومشاريع أتت مؤخراً، دائماً انظر إليها بايجابية، نعم أقول أن عليكم أن تدققوا، أو أن تحاسبوا إذا كان هناك من تجاوز، إنما إذا كان مشروع استراتيجي للبلد، علينا أن نمرره بعد أن نراقبه، لكن لا ينبغي علينا علاج صداع الرأس بقطعه، يعني البعض يقول إن أفضل علاج لصداع الرأس هو قطعه، ولكن بهذا الشكل لن يكون هناك رأس في النهاية، إن أي ملاحظة على أي مشروع يعني قتل المشروع، وبالتالي هنا يأتي التباين بيني وبين بعض الزملاء

كذلك أنا ادعي أنني أقوم بواجبي المنزلي (الهوم ورك)، أقوم بجهد إضافي حتى أعرف ما يجري في الأحداث وبالتالي عندما أتكلم أتكلم على بينة، لأنني تابعت الموضوع، لكن البعض يأخذها بقضية سماعية، طالما أتى من الحكومة على أن ارفضه و(أدقدق) الشارع بقضية رفضه والتصعيد فيه.

الكتابة الناقدة كالملح ومثلها الكتابة الساخرة، أنا اعتبرها اقرب إلى الفلفل والملح، جميل أن تضعهم على الطبخة، ولكن لا يجب أن تأكلها، بل يجب أن يكون هناك لحم أو سمك أو دجاج، البعض استسهل الكتابة الناقدة والساخرة، والتي لا تحتاج إلى المتابعة والبحث، بل مجرد صدور قرار ليأتي الكاتب وينتقده أو يسخر منه بشكل دائم، بينما أرى أن صحف الدول المتقدمة، تعامل الكتابة الساخرة والناقدة بحجمها الحقيقي، التي هي 5% من الكتابات، إنما 90% هي كتابة جادة تقود الرأي العام لما فيه صالح الأوطان، في النهاية إذا كنت أريد رفض مشروع معين، يجب أن اعرف هل له مكسب استراتيجي للبلد، وان رفضه يعني دمارا للبلد.

هنا يتم الاستخفاف بهذه الأمور، وأصبح لدينا اكبر عدد من الكتاب الناقدين والساخرين في العالم، اليوم حينما ترى صحف مصر أو صحف الولايات المتحدة لا تجود هذا النوع من الكتابات الساخرة من كل شيء طوال الوقت أو الرافضة لكل شيء طوال الوقت. يعني مصر شعب ساخر وفيها احمد رجب، بينما كتابنا كلهم ساخرون، الولايات المتحدة كان لديها كاتب ساخر واحد مقابل 300 مليون، بينما في الكويت لدينا عدد مهول.

دول الخليج بحاجة لعمل لإلغاء الثقافة السالبة المتوارثة
*هل نعزو ذلك بسبب الانفتاح والحرية الموجودة؟
سامي النصف: الانفتاح والحرية جزء من السبب، لكن الكتابة الساخرة هي كتابة سهلة، تسخر وتنتقد الشيء، ولا تقوم ببحث أو ترشيد عقل المواطن لما فيه المصلحة العامة، ولا تنظر حتى إلى المصلحة العامة لأنك في موقف السلب من كل شيء، والمسؤول يعرف انه لن يستفيد من نقدك لأنه يعرف انك تنتقد (على طول) في السلب والإيجاب، وهذه الحالة قريبة من أن تثني على المسؤول سواء أخطأ أو أصاب، فحالتان تؤديان إلى النتيجة ذاتها.

في الكويت يوجد كم هائل من عدم الاحتراف، واعتقد انه لو كان لدينا احتراف في العمل الصحافي، لما رأينا هذه الظاهرة (المدقدقة) السهلة، والتي تنشر ظاهرة عدم الرضى عند المواطن، فنشاهد أن المواطن شديد الحنق حتى إن المراقب يعتقد انه لو جاء إلى الكويت سيرى (تورا بورا) باعتباره بلداً مدمراً على كثر ما يكتب من نقد وسلب وغيره.

حتى هٌم لا يستمتعون بحياتهم لأنهم جماعة غاضبة من كل شيء، وجعلوا الشعب غاضبا وساخطا طوال الوقت من دون مبرر، اعتقد أننا في الخليج والكويت وصلنا إلى قمة الجبل، أو قمة الرفاهية، واعتقد أن ما هو قادم وخصوصا الأزمة العالمية وانخفاض أسعار النفط، لن يعيدنا إلى عصر الرفاه، ومن المؤسف أننا ضيعنا عصر الرفاه بالغضب الشديد والحنق الشديد وبعدم السعادة، والبعض يعتبر الكويت quot;سجنا كبيراquot;، وينتظر إجازة نصف يوم لتجد أن المطار قد امتلأ بالمغادرين، بينما واقع الحال غير ذلك، هذه النظرة التشاؤمية غير قائمة على واقع صحيح، وهذا النوع الذي يفكر بهذه الطريقة في بلد يعتبر الأغنى في العالم، ماذا لو كان مواطناً في الهند أو نيجيريا، كان عليه أن ينتحر.

معطيات الوضع في الكويت والدول الخليجية بحاجة إلى نوع من العمل لتغيير الثقافة السالبة المتوارثة وتغيير الكثير من الثقافات التي تشغل المواطن بهم سياسي وتذمر وحنق شديدين ولا يرى أمامه الانجاز.

الخطاب الغوغائي جعل من إيران مثلا أعلى
نستشف من كتاباتك أن هناك مساحة جمالية لدى المواطن الكويتي، ولكن لم يتم استثمارها بالشكل الصحيح، هل ذلك بسبب القلبية مثلا، أو المذهبية، أو بسبب تقصير من الحكومة الكويتية؟ فما هي هذه المساحات وما سبب عدم استثمارها؟
سامي النصف: الثقافة السالبة تظلم الدول شديدة الانجاز، وضعنا العربي غريب، يجب ان يثنى على محمود عباس لا أن ينتقد، والحال كذلك في دولنا، فالخطاب الغوغائي جعل المثل الأعلى هي إيران ودول ما يمسى معسكر الممانعة، وهي دول شديدة التدمير لمواردها، وأصبحت الدول التي تتعرض للنقد هي الدول كثيرة الانجاز مثل السعودية والكويت وحتى مصر، فالرئيس مبارك استطاع أن يوفر الكثير من الأمور للبنى الأساسية، رغم أن شعب مصر تضاعف من 40 مليون إلى 80 مليون خلال حكمه، وإنما لو ذهبت إلى الشعب المصري، ستجد هناك نقدا شديدا للحاكم الذي تسبب في نهضة عمرانية شاملة من مدن وغيرها، وثناء شديدا على الأنظمة التي حكمت مصر وتعداد شعوبها اقل من 20 مليون وكان من الصعب على المواطن المصري أن يجد سكنا أو ماء أو تاكسي أو حتى التلفون.

تسببت تلك الأنظمة التي يثنى عليها، بفقدان سيناء مرتين، والسودان التي كانت جزءا من مصر، وسوريا التي كانت جزءا من مصر إبان الوحدة، وقطاع غزة مرتين، الذي تسبب في إهدار دمنا، يحصل على الثناء في وطننا، ومن يعمر لا يحصد إلا النقد.ما ينقصنا هو قمم لجماعات الممانعة، مثل أسامة بن لادن أو نصر الله وغيرهما، حتى يمكن أن نشاهد الفرق بين قمم اقتصادية تعمر، وقمم اقتصادية أخرى تدمر ما عمر.


الشيخ صباح الأحمد رجل شديد الواقعية والإيمان
حدثنا عن بداياتك، والفترة التي عملت مستشاراً للأمير صباح الأحمد؟
سامي النصف: بدأت الصحافة عام 1980، في صحيفة القبس، ثم تنقلت بين الأنباء والقبس، ثم شرفني سمو الأمير بان اعمل معه كمستشار إعلامي، في مرحلة مهمة من عمل سموه، حيث تعرض للمرض كل من الشيخ جابر والشيخ سعد، فقام بشأن الدولة بكامله، فتعلمت منه الكثير، لان لديه خبرة متراكمة تجاوزت الـ 40 عاماً، وهو رجل براغماتي وصاحب قرار وهذه قضية مهمة، حيث يفكر و يتشاور ويسأل قبل أن يتخذ القرار، ولا يتراجع عنه، ونرى القمة الاقتصادية الأخيرة من بنات أفكاره.

الشيخ صباح الأحمد رجل شديد الواقعية والإيمان بالتعقل واستخدام العقل، ولا يؤمن بمانشيتات عريضة، يعلم واضعوها أنها لن تعمل، حتى المواضيع التي تم اختيارها لهذه القمة، هي مواضيع قابلة للتطبيق، والبعض بدأ العمل فيه فعلاً، كتبت بعد ذلك في صحف الشرق الأوسط، والأهرام ووجدت خلال مسيرتي للفضائيات دورا مهما لتشكيل العقل العربي، فأنت قد تقرأ الصحيفة أو لا، ولكن مشاهدتك للفضائية حتمية بعد عودتك من العمل، فشاركت في العديد من البرامج التلفزيونية على الفضائيات العربية وخاصة واسعة الانتشار، لأنني أرى البعض منها تتحول من فضائية إخبارية إلى فضائية تعبوية، تعبئ الشارع العربي وتثير الحنق لديه وتحاول تغيير الأوضاع بما هو اقرب إلى الفوضى.
وكان علينا أن نرسخ جذور التعقل والحكمة لدى الشارع العربي، لأنه في النهاية من يقود الرأي العام هو الشارع، ونحن أمام ظاهرة غريبة، أن الشارع أصبح هو من يقودنا، لا نحن من يقود الشارع، فإذا علقنا الشارع، فإننا علقنا النواب واتجاهات الحكم في العديد من الدول العربية