الفنان راشد الفارس

الأخبار التي تأتي من السعودية هذه الأيام تتحدث عن النشاط الاقتصادي المحموم وآخر المعارك التي قام بها رجال الأمن في تاريخ حملتهم لمواجهة الإرهاب. اذ أصبحت صدور الصحف الأولى مكررة بشكل يبعث على الملل، تزينه صور القتلىوفاجعات الأراضي المحتلة في فلسطين. ومن بين أصداء هذه الحرائق والصراعات الفكرية في الساحة المحلية، يباشر فنان سعودي شاب رحلته الفنية التي لا تتسم بالسهولة في مملكة يعد نصفها من الذكور الشبان ووسائل الترفيه الخاصة بهم محدودة؛ بل إنها بالكاد تكون موجودة، حيث لا مسارح تعمل على مدار العام، ولا وجود لدور السينما.

الرياض: يقول الفنان راشد الفارس أو فارس الأغنية السعودية كما لقبه محمد عبده، بعد أن أنهى تسجيل أغنياته في لندن إنه يطمح في أن ينجز quot;عملاً جديدًا مختلفًا يتحدث عن السلام في العالم يكون خليطًا بين الأوبرا والجاز والفنون الشعبية السعودية كي ينقل رسالة ملك الإنسانية إلى العالمquot;.

ويضيف متحدثًا في مقابلة أجريت معه في ضاحية quot;نايتس بريدجquot;: quot; ربما يصلح لهذا العمل الجنادرية لأننا نحتاج إلى ثورة في الفكر الموسيقي والفني في أوبريت رسمي يمثل الدولة... نحتاج أن نبرز صورتنا إلى العالمquot;.

وعلى الرغم من أن أوبريت الجنادرية الذي يؤدى كل سنة يتناوب على انجازه عشرات الفنانين والموسيقيين خلال عشرين سنة، إلا أنه لم يقدم عملاً ذا قيمة موسيقية يضاف إلى المكتبة الموسيقية العالمية.

وعاد الفارس إلى الساحة الغنائية بعد ثلاث سنوات من الغياب بألبوم حمل اسم quot;شي ثانيquot;.

ولم تكن مسيرة الفارس، الذي درس القانون وكان متفوقًا في مادة العلوم السياسية، سهلة كونه قد خرج من منطقة محافظة كالرياض حيث الأغلبية المتدينة. غير أن هذا لم يمنع قلبه من التعلق بالموسيقى منذ سنوات الطفولة.

يقول عن هذا الشغف الموسيقي: quot; الموسيقى ليست آلات وأجهزة بل فكر... إنني أحاول العمل وفق معادلة التجذر في المحلية دون أن أنسى ضرورة مخاطبة العالم العربي والعالمية من خلال الموسيقى التي هي لغة العالم كلهquot;.

ورغم أن مصطلح quot;س ndash; سquot; قد خرج من الصحافة اللبنانية للحديث عن دور المحور السعودي - السوري وأثره في الساحة السياسية اللبنانية، إلا أن هذا الفنان الشاب أستطاع تسخير توافق آخر لمصلحته الفنية بين شاعر وملحن كلاهما يمثلان صورة لعصر جديد.

السين الأولى هي للشاعر القديم الذي اختار لنفسه أسما مستعارا هو quot;ساريquot; الذي أنطلق منذ الثمانينات في أغلب مجلات السعودية وصحيفة الجزيرة على وجه التحديد، ووجه بالعواصف والقواصف في مجلة اليمامة وخصوصًا من الكاتب الراحل فهد العريفي توقف بعدها عن النشر لا عن الشعر حتى قرر العودة العامين الماضيين ليحدث هزة جديدة في الساحة الغنائية.

وعلى رصيد من الثقافة مكنته من الابتكار في الصور الشعرية يعود ساري إلى الساحة ويجدد شبابها ويفرج عن نصوصه المحبوسة اختياريًا. وبعد أن نامت في درج مكتبه المتواضع خرجت من الرفوف الخشبية من بيته في شمال الرياض، حيث مكتبه ومكتبته وأدوات اتصاله بالعالم، كي تطوف العالم العربي كله.

أما السين الثانية فهي من الملحن الشاب quot;سهمquot; الذي كان يرى البيانو من بعد حينما كان صغيرًا، وما هي إلا سنوات حتى التصق به وأصبح مولعًا بالسباحة في عوالم الموسيقى حد الابتكار؛ فهو تارة يعزف لشوبان ولا يتورع عن إضافة quot;الجازquot; إلى quot;الخبيتيquot;، وهو فن شعبي في السعودية كان سلوى شبان الثمانينات الوحيدة، قبل أن يثور شارع العطايف على نفسه وتزدهر الأبراج والشوارع الجديدة.

وسهم هذا أصبح بصمة، بل أصبح طبيبًا للآذان وحنجرة، وغيّر العديد من أصوات الفنانين وأدخلهم مراحل جديدة في مسيرتهم الفنية.

وبالعودة إلى الفارس الشاب، quot;هل هذا كل شيء يا راشدquot;؟.. فكر قليلاً وقال :quot; أحلامنا لا تتوقفquot;. وبعدها يغرق هذا الشاب الذي يرتدي قميصًا رماديًا بلون المعابد في الحديث عن آخر مستجدات النشاط السياسي في العالم، وآخر المقالات التي كتبها كبار الكتاب.

حين ودعته قال لي صحافي عربي كبير: quot; هذا الشاب.. هذا الشاب ذكي جدًاquot;.