تظاهرة للأمازيغفي عهد حكومة الوزير الأول الإشتراكي، عبد الرحمن اليوسفي، إنتزع الإعتراف بتعددية الهوية المغربية، والتصريح بكون الأمازيغية مكونا مركزيا من هذه الهوية. بعدها، وبالضبط في تشرين الأول ( أكتوبر ) من سنة 2001، تأسس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية طبقا لظهير صادر عن العاهل المغربي الملك محمد السادس. وأول عميد للمعهد كان الأستاذ محمد شفيق، الذي عين في تشرين الأول من سنة 2001 ولظروف صحية، عين مكانه أحمد بوكوس، في حزيران ( يونيو ) 2003، عميدا جديدا للمعهد.

منذ إنشائه عام 2001 حقق المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية حصيلة مهمة تتمثل في تبني حرف تيفناغ لكتابة الأمازيغية بدل اعتماد الخط العربي أو اللاتيني في كتابتها، والإدماج المتدرج للأمازيغية في المدارس المغربية من خلال توسيع تدريسها في المستويات الثانوية والإعدادية، على أن يشمل تدريسها مختلف المدارس المغربية مع بداية السنة الدراسية 2008.

غير أن هذه الحصيلة لم تحل دون تعرضه لأزمة تمثلت في انسحاب سبعة أعضاء من مجلس إدارته، يوم 21 شباط (فبراير) 2005، مبررين ذلك بأن إنشاء المعهد لم يؤد إلى quot;الاعتراف الحقيقي بالأمازيغية لغة وثقافة وهوية وتاريخا، وأن المعهد في نظرهم لا يتجاوب مع كل المطالب الأمازيغية المشروعةquot;.

هذا التطور أثار عددا من علامات الاستفهام حول تأثير عمل المعهد على الواقع اليومي للأمازيغية، التي يرى مراقبون أنها ما زالت في الوضع نفسه الذي كانت عليه قبل 2001.

أحمد عصيدوفي هذا الإطار، قال أحمد عصيد، الباحث المغربي في الشأن الأمازيغي، إن quot;أهم مطلب بالنسبة لنا هو الاعتراف الدستوري بالأمازيغية، وهو ما يستدعي تعديل الدستور، إذ دون هذه الخطوة يبقى مسلسل الإدماج يتعرض للفشلquot;.

وأكد أحمد عصيد، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، أن quot;أهم العوائق التي تعترض الأمازيغية في السنوات الأخيرة، منذ انطلاق مسلسل الإدماج قبل 8 سنوات، تتمثل في انعدام الإطار القانوني لهذه العملية، أي مسألة التنوع الثقافي واللغوي، بمعنى أن الأمازيغية لا تتمتع حتى الآن بأي حماية قانونية في الدستور، الذي هو أسمى قانون في البلادquot;.

وذكر الباحث المغربي أن quot;هذا يعرقل التدابير التي يجري إقرارها في عدد من القطاعات، وبالتالي فإن العديد من الإجراءات لا تجري كما خطط لها، في ما يخص التعليم والإعلام وغيرها من المجالاتquot;.

وأضاف أحمد عصيد quot;يبدو الأمر كما لو أن مؤسسات الدولة ليست مستعدة لنقل القرار السياسي المتعلق بالأمازيغية إلى حيز التنفيذ لأنها لم تتطور بما يكفي لاستيعاب التنوع والاختلاف. وهذا يعني أن المؤسسات ظلت في قوانينها وأساليب عملها متخلفة عن قرار مأسسة الأمازيغية، الذي يعد خطوة مهمة في اتجاه دمقرطة الحق الثقافي واللغوي المغربيquot;.

من جانبها، أوضحت أمينة بنشيخ، مديرة جريدة العالم الأمازيغي، أن quot;حقيقة الإدماج ككلمة في الحياة العامة موجود، لكن هل هو ملموس أم لا فهناك اختلاف حول هذه النقطةquot;.

وقالت أمينة بنشيخ، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، quot;بالنسبة لي، إذا اعتمدنا النظرة التفاؤلية، فقد خطونا خطوات مهمة في هذا الصدد، لكن على أرض الواقع العمل الذي قام به المعهد على المستوى الأكاديمي لم تظهر نتائجهquot;.

وأضافت مديرة جريدة العالم الأمازيغي quot;كما في التعليم، فإن الأمازيغية في الإعلام لم ترق إلى المستوى المطلوب، إذ إن هناك بعض البرامج، من ناحية الموضوع، ليست في المستوى، كما أنها تعرض في الأوقات الميتة، إلى جانب أنها متجاوزة ويغلب عليها الفلكلورquot;.

وأكدت أمينة بنشيخ quot;نطمح أن تكون نظرة أخرى للثقافة الأمازيغيةquot;، مبرزة أنه quot;رغم أن هناك اتفاقية مع وزارة الداخلية، لكن ما زال هناك منع تسمية المواليد بالأسماء الأمازيغية، ومنع نشاطات لجمعيات، وعدم الترخيص لجمعيات بإنشائها، وعدم السماح لمناضلين بحمل لافتات تتضمن حروف تيفيناغquot;.

ويستعد المغرب لإطلاق القناة التلفزية الأمازيغية، بعد تأجيل لعدة مرات. وستكون الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة مسؤولة عن الإجراءات العملية الضرورية لضمان انطلاق بث القناة في الموعد المحدد.

القناة ذات المنفعة العامة ستبث برامجها بالأمازيغية فقط وستعرض مجموعة كبيرة من البرامج، منها الأفلام، والرياضة، والموسيقى، والسياسة، والمجتمع، والثقافة، بالإضافة إلى اللغة الأمازيغية.

يشار إلى أن الكثير من الأمازيغ يتحدثون عن أن quot;ميثاق التربية والتعليمquot;، الذي اعتمده المغرب لإصلاح نظامه التعليمي والبيداغوجي، شكل تراجعا غير مسبوق عن المكاسب التي حققتها الحركة الأمازيغية.