عقد الرئيس المصري حسني مبارك اجتماعا موسعا لكبار مساعديه ولم يكشف رسميًا عن أجندة هذا الاجتماع الذي ضم كبار رجال الدولة على هذا النحو المفاجئ، وما يمكن أن يسفر عنه من قرارات ذات صلة بالأزمة الحاصلة بسبب مبارة كرة القدم بين مصر والجزائر. وأرسلت السلطات المصرية سربًا من الطائرات إلى الخرطوم لنقل جميع المشجعين المصريين إلى القاهرة بأسرع وقت ممكن، وروى مصريون عائدون من السودان ما تعرضوا له خلال تواجدهم في الخرطوم.

القاهرة:يبدو أن نهاية quot;المباراة ـ الأزمةquot; بين فريقي كرة القدم بفوز المنتخب الجزائري على نظيره المصري، لم تكن كافية لوضع نهاية لحالة الاحتقان التي سادت الأجواء في البلدين طيلة الأيام الماضية، بل على العكس تصاعدت تداعياتها على نحو درامي، خاصة بعد الأنباء المتواترة التي تحدثت عن تعرض مشجعين مصريين لاعتداءات من قبل نظرائهم الجزائريين، وما ترتب على ذلك من تصاعد الأزمة بين مصر والجزائر لدرجة استدعاء السفير الجزائري لدى القاهرة للمرة الثانية في غضون ثلاثة أيام .

وفي القاهرة عقد الرئيس المصري حسني مبارك اجتماعًا موسّعًا لكبار مساعديه حضره كل من : أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء، وفتحي سرور رئيس مجلس الشعب، وصفوت الشريف رئيس مجلس الشورى، بالإضافة لوزراء الخارجية والداخلية والإعلام، ورئيس المخابرات العامة، ورئيس أركان القوات المسلحة، ورئيس المجلس الأعلى للرياضة، ولم يكشف رسميًا حتى ساعته عن أجندة هذا الاجتماع الذي ضم كبار رجال الدولة على هذا النحو المفاجئ، وما يمكن أن يسفر عنه من قرارات ذات صلة بالأزمة .
وقال متحدث حكومي مصري إن السلطات أرسلت سربا من الطائرات إلى الخرطوم لنقل جميع المشجعين المصريين إلى القاهرة بأسرع وقت ممكن، وفي سياق متصل تقدم نواب في البرلمان المصري باستجوابات عاجلة للحكومة، كما اتهموها بالتقاعس وسوء إدارة الأزمة التي اكتنفت تلك المباراة، وما تلاها من أعمال عنف تعرض لها مشجعو الفريق المصري من قبل بعض الجزائريين، وطالب النواب في استجواباتهم أن تحتج القاهرة رسميًا لدى الخرطوم، لعدم اتخاذها ما يكفي من التدابير الأمنية لحماية المصريين مما أدى لإصابة بعضهم، على حد تقديرهم، فضلاً عن الاحتجاج لدى الجزائر أيضاً لتعرض المصريين المقيمين هناك للاعتداءات وما وصفه النواب بحالة الفزع التي يعيشها أبناء الجالية المصرية في الجزائر .

وفي القاهرة أيضًا يتوالى وصول الطائرات المصرية التي تحمل المشجعين المصريين العائدين من الخرطوم، وتحدث هؤلاء عما وصفوه بوقائع اعتداءات تعرضوا لها من قبل المشجعين الجزائريين عقب انتهاء المباراة وقيام بعض الجزائريين برشق الحجارة على الحافلات التي حملت المشجعين المصريين في إثناء توجههم إلى مطار الخرطوم، مما أدى لإصابة بعضهم نتيجة تهشم زجاج السيارات .

وخلال اتصال هاتفي أجراه من الخرطوم أنس الفقي وزير الإعلام المصري مع التلفزيون الحكومي، نفى وفاة أي من مشجعي مصر، غير أنه حمّل السلطات السودانية المسؤولية عن حماية المصريين، وروى جانبًا مما حدث بقوله. وللمرة الثانية خلال ثلاثة أيام استدعت الخارجية المصرية السفير الجزائري لدى القاهرة لإبلاغه استياءها البالغ إزاء ما قام به بعض المشجعين الجزائريين من اعتداءات على المصريين عقب مباراة كرة القدم بالسودان، وأعلن الناطق باسم الخارجية استدعاء السفير الجزائري لإبلاغه رسالة قوية اللهجة بأن أمن التواجد المصري هو مسئولية الحكومة الجزائرية .

شهادات مريرة
شهادات مريرة رواها المصريون العائدون من الخرطوم بعد أن حضروا مباراة كرة القدم التي فاز فيها المنتخب الجزائري على نظيره المصري، وما أعقبها مما وصفوه باعتداءات مشجعين جزائريين على المصريين مما تسبب في إصابة بعضهم، ورأى أحد العائدين الذي التقيناه في مطار القاهرة أن قوات الأمن السودانية لم تتمكن من السيطرة على الموقف المشتعل، سواء في شوارع الخرطوم التي انتشر فيها المشجعون الجزائريون بالآلاف، أو في مطار الخرطوم حيث قذفوا الحافلات التي كانت تقل المشجعين المصريينquot;، على حد قوله .

واكتفى مشجع آخر بتعليق مقتضب يختزل المشاعر التي سادت مصر بعد هزيمة منتخبها لكرة القدم وضياع فرصته في التأهل لنهائيات كأس العالم، قال فيه quot;اتهزمنا .. وانضربناquot;، وأشاح بوجهه بعيداً ليمضي في طريقه ، كأنه جندي عائد للتو من معركة خاسرة .

وبدت واضحة أجواء الوجوم والأسى في القاهرة وغيرها من المدن وحتى في القرى المصرية، غير أن نشطاء حقوقيين ومواطنين غاضبين تظاهروا أمام السفارة الجزائرية في القاهرة، ودعت عدة منظمات أهلية وحركات احتجاجية إلى تنظيم مظاهرة ضخمة أمام السفارة الجزائرية ، للاحتجاج على ما وصف بالاعتداءات الدامية التي ارتكبها مشجعون جزائريون على المصريين في السودان والجزائر .

من جانبه صرح أنس الفقي وزير الإعلام المصري بأن الرئيس مبارك يتابع شخصيا تطورات وضع المشجعين الذين توجهوا إلى السودان لتشجيع المنتخب المصري بعد تعرضهم لاعتداءات من المشجعين الجزائريين عقب انتهاء المباراة، ووقوع إصابات بين عدد منهم، مؤكدًا أن هناك اتصالات تجري على أرفع المستويات بين مصر والسودان لتأكيد عودة المصريين إلى مصر.

ومضى وزير الإعلام قائلاً quot;إن وزير الطيران شكل غرفة عمليات لمتابعة الموقف لحظة بلحظة، وأن هناك اتصالات مع سلطات مطار الخرطوم لتأمين عودة المصريين، مشيرًا إلى أن هناك مجموعة كبيرة من المشجعين داخل السفارة المصرية بالخرطوم ، وأنه سيتم تحركهم بعد تأمين قوات الشرطة السودانية الطريق بين السفارة والمطار لعدم تعرضهم لأي اعتداءات من قبل المشجعين الجزائريينquot; .
وأدان المجلس القومي لحقوق الإنسان ـ وهو كيان حقوقي أنشأته الحكومة المصرية ـ في بيان له quot;ما حدث ويحدث من انتهاكات ضد المواطنين المصريين في كل من الجزائر والسودان، وأشار المجلس في بيانه إلى إجراء الاتصالات اللازمة مع كافة الجهات المعنية في الجزائر والسودان لوقف هذه الانتهاكات، باعتبارها تمس جوهر حقوق المواطنين في العيش الآمن المستقر دون تعريض حياتهم للخطر، وأي انتهاك أو أذى والحفاظ على ممتلكاتهم باعتبار أن ذلك يمثل خرقا لكافة المبادئ والمواثيق الدولية ذات الصلةquot;، كما ورد في بيان المجلس الحقوقي المصري .