تحت شعار quot;عودة كريمة للاجئين العراقيينquot; نظم في بغداد يوم الجمعة مؤتمر بحث هواجس العراقيين المسحيين وتطلعاتهم ومعاناتهم بعد الاضطهاد الذي يلاحقهم وخوفهم من المستقبل. وقد راى بعض المشاركين في المؤتمر ان الكيان المسيحي في العراق مهدد لعدة اسباب اهمها انقسام الخطاب الفكري الخاص بالمسيحيين انفسهم فيما اعتبر اخرون ان الوجود المسيحي في العراق حاله حال بقية مكونات الشعب العراقي الاخرى.

بغداد: اين يقف المسيحيون العراقيون في الواقع العراقي الحالي ؟ سؤال يطرح منذ ان تم استهدافهم على الهوية ضمن منظومة الارهاب التي ضربت البلاد ، فكان لهم نصيبا من القسوة والتهجير والتشريد والخوف والامال التي تتعلق على وقائع الاحداث ، حتى اصبحوا يشعرون بالغربة داخل وطنهم بل ويخشون على وجودهم اكثر من اي وقت مضى مع تمسكهم بالبقاء وزرع شجيرات الامل والتفاؤل في صباحاتهم ومساءاتهم ، لكن النظرات التي تتعالى محملة بشيء من الاطمئنان سرعان ما تهبط مثقلة بالاحزان ، هذه الهواجس كانت سببا في اقامة مؤتمر لبحث مستقبل الوجود المسيحي في العراق نظمته منظمة حمورابي لحقوق الانسان تحت شعار (عودة كريمة للاجئين العراقيين) ، تناول احوال المسيحيين في العراق واوضاعهم في الخارج. ايلاف حضرت المؤتمر وسالت عن قيمة الوجود المسيحي والمستقبل الذي ينتظره في ظل الظروف الحالية.

قال الكتاب والاثاري اشور ملحم : الكيان المسيحي مهدد بسبب ، اولا : انقسام الخطاب الفكري الخاص بالمسيحيين انفسهم ، وثانيا بسبب انقسام الخطاب العراقي العام ، لان الاختلاف في وجهات النظر هذه تجعلنا نحن الضحية ، مشكلتنا اننا متشرذمون عرقايا ودينيا ، والمشكلة لم تبدأ اليوم بل منذ سقوط (نينوى وبابل) الى حد هذه اللحظة ، فالبعض يعتقد ان المسيحية دخيلة على العراق ، على الرغم من ان المسيحية انتشرت عراقيا بسبب وجود تقارب فكري بينها وبين الديانات الرافدينية ، مثال ذلك وجود اللاهوت الرافديني مقارب للاهوت المسيحي، وكذلك الفكر الرافديني حيث يقول اشور بانيبال في احدى صلاواته عندما كان يعاني من سكرات المرض والموت (يا ألهي الذي خلقتني من كلمة) ، ولو حللنا هذه الكلمة لوجدناها مطابقة للاهوت المسيحي الذي يقول (الله كلمة ، والكلمة كانت عند الله) ، ولهذا نجد ان معظم الاشوريين والبابليين اعتنقوا المسيحية بدون تردد ، ولا زالت اثار التراث الديني موجودة في الديانة المسيحية في الكثير من المعتقدات ، علما ان معظم الكنائس بنيت على انقاض المعابد الاشورية والبابلية والدليل تشابه هندسة الكنائس والمعابد .

واضاف: اذا كان العربي يعاني من اضطهاد مؤقت بسبب الخلافات المذهبية فكيف بالمسيحي الذي لديه ترسبات من خلال الاضطهاد العرقي والديني ، وهذه جعلت من المسيحي يضع حدا لهذه المأساة حين اصبح يشعر في وطنه بالغربة ، ولكن عليّ ان اذكر انه لولا المسيحيين في العراق لما انتشر الدين الاسلامي عندما انضم الى الجيش العربي لمحاربة الفرس (25) الف مقاتل مسيحي بقيادة هاني بن مسعود الشيباني ، اما في العصر الحديث في القرن التاسع عشر لولا المسيحيين لكانت الموصل ضمن الاراضي التركية عندما طالب الاتراك بضمها اليهم فقال لهم الانكليز يجب ان يكون هذا برغبة اهلها وكان عدد المسيحيين في لواء الموصل 122 الف ، فيما كان عدد العرب لا يتجاوز الـ (41) الفا وعدد الاكراد المهاجرين منهم (43) الفا غير مستقرين واربعة الاف مستقرا ، حسب الوثائق التركية المنشورة في كتاب (المجزرة ، المقاومة ، الحماية) ، علما ان العرب والاكراد كانوا موافقين على انضمام الموصل الى تركيا .

بدوره قال ابرم ايشو إن: وجود المسيحيين في العراق مثل اية زهرة في حديقة ، وكما ترى اية نخلة على ضفاف نهر الفرات ، وكما ترى شجرة البلوط والسنديان في شمال العراق ،انهم الجذور الاصيلة التي تحاول ان تضفر سيقانها وتورق براعم جمة منقاة لكل نحلة لتصنع من رجيقها عسلا لذيذا للبشرية جمعاء وللعراق خاصة من شماله الى جنوبه ومن شرقه الى غربه وهذا هي خريطة العراق ، واضاف : المسيحيون العراقيون هذا وطنهم ووجودهم من وجوده .

اما القانوني والدستوري حكمت الحكيم فقال ان الوجود المسيحي في العراق حاله حال بقية مكونات الشعب العراقي الاخرى ، ولكن المؤسف بأن الانتهاكات توجه ضد المسيحيين بشكل مضاعف، بمعنى ان المسيحيين يشاركون الشعب العراقي ما يتعرض له ولكن في ذات الوقت ان القوى الارهابية بما فيها الميليشيات العراقية المشاركة في البرلمان والحكومة ساهمت وما زالت تساهم في انتهاك حقوق المواطنين المسيحيين في العراق ولا سيما الاسلاميين المتعصبين منهم لانهم ينظرون الى اي مكون عراقي من غير المسلم على انهم (اهل ذمة)، و يعطون بذلك الحق لانفسهم خارج نطاق الدولة والقانون ليفعلوا ما يشاء لهؤلاء الذميين بما فيه هناك العشرات بل مئات العوائل المسيحية تدفع الجزية لمثل هذه الميليشيات المنفلتة ، ولكن هذه العوائل تخشى البوح بمثل هذا الامر لتتجنب مشاكل هذه الميليشيات ، وانتم تعرفون ان المسيحيين في العرق لايمتلكون السلاح ولا السلطة ولا الميليشيات ، والشيء الوحيد الذي يمتلكونه هو حبهم للعراق وللعراقيين .

اما سركون مالك نمرود فقال: المسيحيون في العراق هم سكنة البلاد الاصليون ، ووجودهم في العراق كوجود الزهرة الجميلة في الحديقة ، ومثل ما تعرف انهم دافعوا عن ارض العراق دون ان اية مصلحة غير مصلحة العراق .

واضاف : انا سافرت الى اميركا ووجدت المسيحيين العراقيين هناك في حالة مزرية ويريدون الرجوع الى العراق ، وهناك شيء اخر هو ان الهجرة تؤدي الى القلة والقلة تؤدي الى الضعف ، فالمسيحي حين يعود الى بلده يجب ان ينخرط بوظائف في الدولة والمؤسسات الامنية ، هذه هي ارضه وهو متمسك بها ، والمسيحي لا يريد ان يتخلى عن لغته وتاريخه وعاداته ، ونحن اذ نبقى في العراق انما لنحافظ على كل ذلك ، ودائما ندعو الى العودة .

اما باسكال وردا فقالت : الوجود المسيحي الان في العراق مزعزع ومخيف والواقع يدق ناقوس الخطر ، وهو خطر يواجهه العراقيون لان المسيحيين من اصحاب الكفاءات ومكانات مرموقة في العلم والثقافة ولا يمكن ان يكون لهم بديل على كل الاصعدة ومنه التوازن السياسي ، والمسألة مسألة تنوع بكل معنى الكلمة والتي تدخل في الموازنة السياسية ، فما الذي يخسره البرلمان اذل ضم اليه عشرة اشخاص لهم افكارهم وتوجهاتهم الوطنية .

واضافت : المسيحيون الان لايعرفون اين يذهبون ولا يعرفون مصيرهم ولا حتى اين يشتكون مما يتعرضون له ، لقد اتصل بي اناس يسكنون في سهل نينوى ، قالوا ان العوائل هناك اصبحت تترك بيوتها ، وهذه كارثة بحق العراق ، مثلما هي كارثة حين يترك الكردي بيته او العربي ، وهذا ما لا نريده ، وللاسف لا توجد اجراءات من الحكومة التي يجب ان تهتم بالمجموعة المستهدفة ، ولا بد للمسيحي ان يعرف من يقتله ، وهناك ملفات وصلت الى رئاسة الوزراء ، المسيحي يريد ان يرى المجرمين وتأخذ منهم الحقوق ، ولا يمكن ان نبقى الى ما لاننهاية ساكتين .

واشارت وردا : المستقبل المسيحي سيكون مهزوزا اذا ما بقي الحال على ما هو عليه ، ولا بد ان تؤخذ مطالب المسيحيين بشكل جاد ، لدينا كفاءات كبيرة وهذه اذا رجعت كيف يمكنها العيش وتهتم بمستقبلها ، اذن لابد من اصدار قرارات وتوفير عمل وسكن اولا للموجودين في العراق وللقادمين العائدين ، واملنا ان الحكومة تسمع ولا نريد ان نسمع كلاما فقط .

اما عادل طوبيا بطرس فقال : الوجود المسيحي الان على المحك ، هناك استهدافات سياسية واخرى قومية ودينية ، السياسية تجعلنا ندخل في حالة (ارض حرام) بين الكتل السياسية التي تتصارع فيما بينها ، خاصة في الموصل حيث يسموننا المناطق المتنازع عليها ، وسهل نينوى بالذات ، يتصارع قطبان عليها العرب والاكراد وكأننا غير معنيين بالمسألة كلها ، اما القومي والديني فنحن مستهدفين من قبل الجهات الارهابية والقاعدة ، والقتل صار الهوية للمسيحيين ، نحن اقليات على الرغم من اننا اصليون ووطنيتنا مشهود لها ونحن خدمنا العراق ، والوجود المسيحي قبل ان تكون هناك اقوام كلدانية او اشورية .

واضاف: اما عن المستقبل .. فأن لم يكن هناك قانون يحمي الجميع وليس الاقليات فقط حيث الجميع يتساوون بالحقوق والواجبات ،لكن القانون هو ظهر المسيحيين الذي يحميهم ، يجب ان يكون هناك قانون يطبق على الجميع بدون استثناء وتمييز ، والا ستسود شريعة الغاب والبقاء للاقوى وسنكون نحن المسيحيين الضحية بالتأكيد.