أرليت خوري -عندما اعتقلت السلطات الاميركية المواطن الفرنسي المغربي الأصل زكريا موسوي، في آب (اغسطس) الماضي، كان ذلك بسبب وجوده غير الشرعي في الولايات المتحدة.
ثم جاءت تفجيرات 11 أيلول (سبتمبر)، والمعلومات التي اعقبتها واشارت الي ان موسوي كان علي صلة بمنفذي التفجيرات، وسمي الخاطف الرقم 20 اذ افترض المحققون انه كان معدا ليكون في عداد خاطفي الطائرة التي تحطمت فوق بنسيلفانيا.
نبأ اعتقال زكريا موسوي صدم شقيقه عبدالصمد الذي علم بالأمر عبر الراديو، فلم يرغب في تصديقه خصوصاً ان الاسم الذي اذيع في البداية اختلف بعض الشيء عن اسم شقيقه.
أردت التعلق بحبال الأمل ، قال عبدالصمد لـ الحياة ، علي رغم ان طريقي الشقيقين افترقا تماماً منذ بضع سنوات.
ولد الاثنان في فرنسا من أم وأب مغربيين بعيدين كل البعد عن التشدد الديني ونشآ وشقيقتيهما في مدينة مولوز، وكانت تربطهما علاقة وثيقة.
كنا قريبين جداً من بعضنا بعضاً وكانت لدينا النشاطات الترفيهية والرياضية ذاتها ، اكد عبدالصمد، وبقي الأمر كذلك الي ما بعد انتهاء السنوات المدرسية، اذ كانت لزكريا حياة عادية موزعة بين التسلية والترفيه وبعض الأعمال التي كان يقوم به لتأمين بعض الدخل.
قد يكون الفرق الوحيد بين الشقيقين ميل عبدالصمد المبكر للنشاطات الاجتماعية عبر الجمعيات المختلفة، وطموح زكريا ورغبته في أن يحقق لنفسه مركزاً مهنياً واجتماعياً.
التحق زكريا بجامعة مونبولييه، لكنه لم يكمل دراسته في الفرع الذي اختاره، فتنقل بين فروع عدة ثم قرر الانتقال الي بريطانيا للالتحاق باحدي جامعاتها سنة 1992.
كان يريد تعلم اللغة الانكليزية، ليضمن لنفسه المزيد من امكانات النجاح عبر المزج بين علومه التقنية والتجارية واللغوية، وقد شجعته كثيراً علي ذلك قال عبدالصمد الذي يفوقه سناً بعام ونصف عام، لأنني وجدت ان الخطوة ذكية من جانبه .
لكن اقامة زكريا في بريطانيا أدت الي تغيير في شخصيته، فبدا لشقيقه لدي عودته الي فرنسا انه متعب نفسياً وجسدياً وانه يعتمد خطاباً مثيراً للصدمة وغريباً عن شخصيته .
ولاحظ عبدالصمد ان أبرز ما لفته الكلام الحاقد الذي بدأ يطلقه شقيقه وادانته لما كان يسميه فساد كل النخب سواء كانت دينية أو ثقافية ، واحتقاره لكل ما ليس علي صلة بالاسلام وقوله ان العلاقة الوحيدة التي يمكن أن تربط المسلم بغير المسلم هي الحرب .
فأصبح من الصعب التفاهم معه ومناقشته، وعلي رغم ذلك حاول عبدالصمد دعمه معنوياً، معتبراً ان تطرفه في الكلام ربما مرده الي الصعوبات التي يواجهها في حياته اليومية في بريطانيا، فلم ادرك في حينه الي أين ستقوده المواقف الجديدة التي يعتمدها .
ومع الوقت حل التباعد بين الشقيقين، لم يتصادما وانما افترقا تلقائياً، فبدأ عبدالصمد يسمع من الآخرين ان شقيقه يسافر الي دول عدة مثل تركيا وباكستان وغيرهما، و لم أعد أراه ولم أعرف دوافع سفره وكيفية تسديده لتكاليفه ، مثلما سمع انه كان خلال وجوده في بريطانيا يتردد علي مسجد يقع في بيكر ستريت.
وأكد عبدالصمد الذي يدرس الهندسة الكهربائية في مونبولييه، وهو عضو في جمعية المشاريع الخيرية الاسلامية، ان انحراف شقيقه نحو التطرف الديني عزز اقتناعه بضرورة مد اليد لمساعدة الآخرين.
فهذا الانحراف برأيه ليس أمراً يحل بين ليلة وضحاها بل هو عمل طويل النفس يقوم به بعض الأشخاص علي آخرين ممن هم ضعفاء الشخصية علي غرار زكريا، وغير المطلعين علي الدين ويمكن اقناعهم بأي شيء ودفعهم نحو التطرف والارهاب.
وهو حاول مساعدة شقيقه، عندما كانت هذه المساعدة لا تزال ممكنة، اما وضعه الآن فيفوق قدرتي وامكاناتي، لكن يدي تبقي ممدودة له إذا ما قرر يوماً العدول عن الطريق الذي اختاره .(الحياة اللندنية)