&

خلال سفري إلى أميركا مطلع الأسبوع، لم أصادف ما يثبت الكلام الذي ينقله بعض الصحافة العربية. الشارع الأميركي عاد الي طبيعته. والقوانين الجديدة لم تغير الأسلوب الأميركي في التعامل مع الآخرين. وفي الطريق إلي الفندق سألت سائق السيارة عن معاملة الأجانب فأجاب: في بداية الأزمة حاول بعضهم أن يلوح بالعنصرية وفشل. أميركا بلد التعدد، ولذلك لن تشعر بأي مضايقة، أنت في بلد يسكنه جماعة من الغرباء.
لكن السياسة الأميركية ليست كذلك تجاه العرب. الرئيس بوش رفض استقبال الرئيس عرفات ولم يتضمن خطابه في الأمم المتحدة خطة سلام، والإدارة تتحدث عن رؤية وأفكار إضافية ، وتحيل القلقين علي مستقبل السلام إلي تقرير ميتشل وتوصيات تنيت. والعلاقات العربية-الأميركية في طريقها إلي التأزم إذا استمر العرب علي طريقة نحن معكم ولكن ، لأن واشنطن ترفض منطق إدانة الإرهاب وتحقيق مطالب سياسية واقتصادية في المقابل، وتري فيه مقايضة غير أخلاقية أياً تكن دوافعها. وتنصل البيت الأبيض من أي التزام للعرب والفلسطينيين في هذا الوقت تعبير عن عدم قبول أميركا منطق المقايضة الذي يمارسه بعض العرب ولو في شكل غير مباشر.
العرب مستاؤون من السياسة الأميركية في المنطقة، ويعتقدون بان النقمة الموجودة في الشارع العربي نتيجة لهذه السياسة غير العادلة، وينصحونها بتقديم حلول تعيد رسم صورتها. وأميركا مستاءة من لكن التي تسوغ الإرهاب وتفتح الأحقاد من وجهة نظرها، وتري أن الإحساس بالظلم لا يسوغ البحث عن العدالة بوسائل ظالمة، وتستبعد القيام بحل جديد للمشكلة الفلسطينية لأن هذا الجهد سيكون كفارة عن سياستها الظالمة ، وتسويغ لما جري في 11 أيلول (سبتمبر)، وهذا مرفوض أميركياً حتي إشعار آخر. وإلي أن يتفق العرب والأميركان علي أن لكن ليست مقايضة، وحل المشكلة الفلسطينية ليس كفارة، يكون شارون أعاد رسم خارطة المفاوضات وبايع أسامة بن لادن بطلاً عند المحبطين، وفتح أبواب جهنم علي هذه المنطقة.(الحياة اللندنية)