القاهرة- نبيل شرف الدين: باستثناء أسامة بن لادن، وهو بتقدير الكثيرين ليس أكثر من "حافظة نقود"، يمكن القول أن تنظيم القاعدة الذي شغل العالم كله، هو تنظيم مصري النشأة والجذور وآليات العمل، ليس فقط لأن معظم قادته وعناصره الفاعلة مصريون، بل لأنه اختزل كل خبرات الحركات الأصولية، في أجواء أفغانستان حيث لا دولة تطاردهم، ولا أجهزة أمن تتربص بهم، بما يمكن القول معه أن هذه السنوات الماضية كانت "بروفة حكم"، واختباراً عملياً لقدراتهم.
وبعد الأنباء المتواترة عن تسليم قيادي تنظيم "الجماعة الإسلامية" المحظور في مصر "رفاعي طه" لمصر، وبعد أنباء عن سقوط العشرات من قادة هذه المنظمات في حرب أفغانستان، وبعد مرور أكثر من أربع سنوات من الهدوء أعقبت ست سنوات دموية ولا يزال الجدل قائما حول ما إذا كانت مصر قد نجحت في استئصال الجماعات الأصولية المتشددة ام انه الهدوء الذي يسبق العاصفة، فعلي الرغم من عدم وقوع اعمال عنف تذكر منذ عام 1997 يقول محللون انه ليس من الواضح بعد ما اذا كانت الجماعات الراديكالية قد تخلت عن حلم اقامة "دولة إسلامية" وفقا لمفهومها عن طريق العنف أم أن الامر لا يعدو فرصة لالتقاط أنفاسها وانتظار الأوضاع المواتية.
ولا يزال موضوع التطرف الأصولي من الموضوعات الحساسة في مصر التي مر عليها 20 عاما منذ اغتيال الرئيس انور السادات علي ايدي متطرفين، وكانت أكبر عملية تشهدها مصر قبل الهدوء الحالي هي المذبحة التي قتل فيها أعضاء في الجماعة الاسلامية 58 سائحا أجنبيا وأربعة مصريين في منتجع الاقصر بجنوب البلاد في تشرين الثاني (نوفمبر) عام 1997 بعد أربعة أشهر فقط من توجيه بعض زعمائها نداء الي وقف اطلاق النار.
وكان القادة السجناء للجماعة الاسلامية أكبر المنظمات المتطرفة في مصر قد أعلنوا من زنزاناتهم في سجن طرة في تموز (يوليو) من نفس العام مبادرة لوقف العنف من جانب واحد. ولم تفشل مذبحة الاقصر دعوتهم السلمية.
وفي آذار (مارس) عام 1998 ألقي قادة الجماعة الاسلامية المقيمون في الخارج بثقلهم وراء نداء زملائهم السجناء لوقف اطلاق النار منهين رسميا ست سنوات من العنف الذي راح ضحيته نحو 1200 شخص معظمهم من الشرطة والمتشددين.
لكن مراقبين قالوا ان اعلان الهدنة لم يكن السبب الوحيد وراء الهدوء الذي ساد بعد مذبحة الاقصر قائلين ان الحكومة نجحت نجاحا كبيرا في توجيه ضربات قوية للجماعات الراديكالية.
ومع غياب برامج حكومية لاعادة دمج اعضاء الجماعات السابقين في المجتمع تقول منظمات لحقوق الانسان ان السجون لا تزال تعج بأعضاء آخرين وأنهم يواجهون مستقبلا غامضاً.
ويؤكد بعض الباحثين وأعضاء سابقون في الجماعات المتشددة ان الحكم علي ما اذا كان المتشددون قد تخلوا عن خيار العنف يختلف باختلاف الجماعة محل الحديث وأن ما ينطبق علي الجماعة الاسلامية لا يسري علي جماعات التيار الجهادي التي تتسم بقدر أكبر من السرية وانه حتي داخل الجماعة الاسلامية يوجد معسكر رافض للهدنة.
وقال الخبير الامني اللواء فؤاد علام ان الجماعات المتشددة تواجه اوقاتا عصيبة حاليا وان كانت افكارها ما زالت رائجة مما يعني أن هذه الجماعات قد تنشط مرة أخري. واضاف قائلا ساعدت عوامل علي تفكك وانكماش هذه الجماعات في الفترة الاخيرة... ولكن لم يقض علي الفكر لان هذه القضية أكبر كثيرا من أن تواجه باجراءات بوليسية فقط اذ يجب أن تواجه باجراءات شاملة لتصحيح الافكار، وقال طالما الفكر موجود فعندما تزول هذه العوامل سيعيدون تنظيم أنفسهم وترجع موجة أخري من الارهاب.
وقال علام وغيره من الباحثين ان نجاح السلطات الامنية تمثل في توجيه ضربات وقائية ضد المتشددين والقبض علي عدد من قياداتهم وقتل عدد اخر في مواجهات مسلحة وتجفيف مواردهم المالية وتطوير قاعدة معلومات ساعدت في محاربتهم.
وسبق اعلان قرار قادة الجماعة في الخارج ما وصف بأنه انقلاب علي أمير الجماعة المتشدد رفاعي أحمد طه قام به قادة من الجيل الثاني أكثر ميلا الي نبذ العنف. وتقول مصادر داخل الجماعة ان طه لا يزال يتمتع بنفوذ قوي رغم استبعاده من رئاسة مجلس شوري الجماعة.
كما تفجرت خلافات في الوقت نفسه تقريبا داخل تنظيم الجهاد ثاني أكبر الجماعات الراديكالية الذي كان يتزعمه أيمن الظواهري عام 1998 بعد اعلان تحالف بين الجهاد وتنظيم القاعدة بزعامة المنشق السعودي المولد اسامة بن لادن لمقاتلة الامريكيين واليهود. وبعد قليل من اعلان التحالف قتل مئات الاشخاص في تفجير سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا. وألقت واشنطن باللوم علي بن لادن. واحتج المعارضون لتحالف الظواهري مع بن لادن بأن هذا التحالف وضع الجهاد في مواجهة مع الولايات المتحدة وأجهزة مخابراتها العتيدة. وبعد تفجير السفارتين بدأت تقارير تتحدث عن قيام السلطات في دول بشرق أوروبا وجمهوريات روسية سابقة وفي بلدان عربية بالقبض علي العديد من قيادات الجهاد وتسليمهم الي مصر. ويقول خبراء ان دخول الولايات المتحدة في المواجهة مع الجهاد خارج مصر كان له أثر شديد في اضعاف التنظيم.
وقالت مصادر على صلة وثيقة بتنظيم الجهاد وهو الفصيل الاساسي الذي يمثل فكر الجهاد انه توجد مجموعات صغيرة تعتنق هذا الفكر كامنة داخل البلاد ومستعدة لشن هجمات في الوقت المناسب وانها كانت علي خلاف مع الظواهري المقيم في الخارج حاليا بشأن ملاءمة توقيت بدء حملة العنف للاطاحة بالحكومة في أوائل التسعينات. وقال أحد المصادر توجد مجموعات علي خلاف مع الظواهري بشأن ضرورة العمل الان ولكنها تنتظر تحسن الوضع بالنسبة لها لبدء تحركها، وأضاف قائلا ان أعضاء هذه الخلايا أناس عاديون جدا مندمجون في المجتمع بانتظار صدور الاوامر.
وأكد عضو سابق في الجهاد يقيم في الخارج وطلب عدم نشر اسمه ان مسألة التمويل لا تمثل مشكلة لان مثل هذه الهجمات لا تكلف الكثير، وشكك اللواء فؤاد علام في صحة هذه التقديرات قائلا ان الخلايا الموجودة داخل البلاد أصبحت قليلة العدد ومتناثرة وفقدت دعم التنظيم لها في النواحي المالية وفي مجال المعلومات والتنسيق والاتصال. ولكن خبيرا اوروبيا متخصصا في الاسلام السياسي طلب عدم نشر اسمه قال انه رغم نجاح السلطات الامنية في احتواء الجماعات المتشددة ورغم صعوبة الاتصال بين الخلايا المتفرقة في أنحاء البلاد فلا تزال هناك مجموعات صغيرة تؤمن بالفكر الجهادي وان هذه المجموعات الصغيرة تكون عادة أكثر تشددا وتماسكا من المنظمات الكبيرة.. وأكثر عنفا. وأضاف ان اعتبارات مجموعات التيار الجهادي مختلفة عن تلك التي تحكم قادة الجماعة الاسلامية فالاولي ليس لديها قواعد شعبية ولا تهتم ببناء مثل هذه القواعد لانها خلايا سرية تعتمد علي العمل العسكري وعلي تجنيد افراد في القوات المسلحة حيث تري أن القوات المسلحة هي الطرف الوحيد القادر علي احداث تغيير في البلاد. وكانت الجماعة الاسلامية وتنظيم الجهاد قد وحدا صفوفهما في تنظيم واحد اغتال أعضاؤه من الجيش الرئيس أنور السادات أثناء عرض عسكري في السادس من تشرين الاول (اكتوبر)1981.
وقال الخبير الاوروبي أن مجموعات الفكر الجهادي لم يكن لديها برنامج لنشاط الدعوة وليس من المحتمل أن تتبني مثل هذه البرامج وبالتالي فان حريتها محدودة في القيام بأي أنشطة خلاف نشاطها السياسي. وقال الخبير الامني علام ان الجماعة الاسلامية نفسها لم تنبذ العنف مطلقا وانما عملت علي تعديل بعض طروحاتها بالتوقف عن مهاجمة السياح والمنشات الاقتصادية. وأضاف هذه أقاويل عن الهدنة يروج لها البعض لأغراض خاصة.
وكانت هجمات المتشددين علي السياح التي بلغت ذروتها بمذبحة الاقصر قد أضرت بشدة بصناعة السياحة في مصر والتي تشكل أحد المصادر الاساسية للنقد الاجنبي. وبدأ قطاع السياحة يستعيد عافيته.
ولكن معظم الخبراء يرون أن الجماعة الاسلامية بحكم نشأتها كجماعة للدعوة قد تحولت بالفعل الي مجال الدعوة تفرغ فيه طاقتها وان كان الامر يعتمد علي ما اذا كانت السلطات الامنية ستسمح لها بممارسة هذا النشاط.
وقال الباحثون ان المؤيدين لمبادرة وقف العنف كانوا يأملون في تجاوب الحكومة المصرية معها بالافراج عن زملائهم من السجون والسماح للمقيمين في الخارج بالعودة وفتح الباب امامهم للقيام بالانشطة الدعوية. وهو ما لم يحدث فيما يبدو. ويرى المراقبون أن الحكومة لم تحرز أي تقدم في استيعاب أعضاء الجماعات الذين تخلوا عن العنف مستشهدا بمحاولة بعضهم تأسيس أحزاب سياسية رفضتها لجنة الاحزاب وهي لجنة حكومية مسؤولة عن السماح بقيام الاحزاب السياسية أو رفضها. وأضاف مشكلة افساح المجال للقيام بدور سياسي هي المشكلة الاساسية الان لأنه يوجد تيار كبير ترك العنف ولم يجد له دورا في السياسة.
وكان أعضاء سابقون في الجهاد قد تقدموا بطلب تأسيس حزبي الشريعة والاصلاح عام 1999. ورفضت لجنة الاحزاب الطلبين.
وقال الخبير الاوروبي ان علي الحكومة المصرية ان تدرك ان الاستراتيجية التي استخدمتها في التعامل مع الجماعات المتشددة والتي لا تتضمن استيعابهم في المجتمع غير قابلة للتطبيق علي المدي البعيد ضد الحركة الاسلامية لانها تتعارض مع قدرة البلاد علي تنمية الليبرالية السياسية والديمقراطية. وأضاف قائلا لا يمكن استمرار مثل هذا النهج علي المدي البعيد دون عزل النظام علي المستوي الدولي. علي الحكومة ان تعيد تشكيلها (الحركة الاسلامية) لتصبح مفيدة في اطار جهود الحكومة لمحاربة الفساد والامية والمخدرات.
ويقول المحللون ان سنوات الهدوء الاخيرة لا تزال تخفي احساسا بالتوتر فمن الممكن ان يثير اي حادث عادي مشاعر القلق والخوف من تجدد اعمال العنف. فعندما طعن مصري سائحة يابانية عند الاهرام العام الماضي ظهر هذا التوتر الي السطح اعقبه شعور بالارتياح لان الرجل لم يكن الا لصا. وتكرر السيناريو نفسه عندما اختطف مصري اربعة سياح المان قرب الاقصر قبل ان يظهر انه كان يحاول استخدامهم ورقة ضغط في نزاع قضائي مع زوجته الالمانية علي حضانة اطفاله. ولكن ما دامت قضية التطرف الديني قائمة بدون حل في مصر سيثير كل حادث سطو مسلح او سرقة او اي عمل آخر من أعمال العنف ضد السياح علامة استفهام هل هذه هي بداية العاصفة.
وبعد الأنباء المتواترة عن تسليم قيادي تنظيم "الجماعة الإسلامية" المحظور في مصر "رفاعي طه" لمصر، وبعد أنباء عن سقوط العشرات من قادة هذه المنظمات في حرب أفغانستان، وبعد مرور أكثر من أربع سنوات من الهدوء أعقبت ست سنوات دموية ولا يزال الجدل قائما حول ما إذا كانت مصر قد نجحت في استئصال الجماعات الأصولية المتشددة ام انه الهدوء الذي يسبق العاصفة، فعلي الرغم من عدم وقوع اعمال عنف تذكر منذ عام 1997 يقول محللون انه ليس من الواضح بعد ما اذا كانت الجماعات الراديكالية قد تخلت عن حلم اقامة "دولة إسلامية" وفقا لمفهومها عن طريق العنف أم أن الامر لا يعدو فرصة لالتقاط أنفاسها وانتظار الأوضاع المواتية.
ولا يزال موضوع التطرف الأصولي من الموضوعات الحساسة في مصر التي مر عليها 20 عاما منذ اغتيال الرئيس انور السادات علي ايدي متطرفين، وكانت أكبر عملية تشهدها مصر قبل الهدوء الحالي هي المذبحة التي قتل فيها أعضاء في الجماعة الاسلامية 58 سائحا أجنبيا وأربعة مصريين في منتجع الاقصر بجنوب البلاد في تشرين الثاني (نوفمبر) عام 1997 بعد أربعة أشهر فقط من توجيه بعض زعمائها نداء الي وقف اطلاق النار.
وكان القادة السجناء للجماعة الاسلامية أكبر المنظمات المتطرفة في مصر قد أعلنوا من زنزاناتهم في سجن طرة في تموز (يوليو) من نفس العام مبادرة لوقف العنف من جانب واحد. ولم تفشل مذبحة الاقصر دعوتهم السلمية.
وفي آذار (مارس) عام 1998 ألقي قادة الجماعة الاسلامية المقيمون في الخارج بثقلهم وراء نداء زملائهم السجناء لوقف اطلاق النار منهين رسميا ست سنوات من العنف الذي راح ضحيته نحو 1200 شخص معظمهم من الشرطة والمتشددين.
لكن مراقبين قالوا ان اعلان الهدنة لم يكن السبب الوحيد وراء الهدوء الذي ساد بعد مذبحة الاقصر قائلين ان الحكومة نجحت نجاحا كبيرا في توجيه ضربات قوية للجماعات الراديكالية.
ومع غياب برامج حكومية لاعادة دمج اعضاء الجماعات السابقين في المجتمع تقول منظمات لحقوق الانسان ان السجون لا تزال تعج بأعضاء آخرين وأنهم يواجهون مستقبلا غامضاً.
ويؤكد بعض الباحثين وأعضاء سابقون في الجماعات المتشددة ان الحكم علي ما اذا كان المتشددون قد تخلوا عن خيار العنف يختلف باختلاف الجماعة محل الحديث وأن ما ينطبق علي الجماعة الاسلامية لا يسري علي جماعات التيار الجهادي التي تتسم بقدر أكبر من السرية وانه حتي داخل الجماعة الاسلامية يوجد معسكر رافض للهدنة.
وقال الخبير الامني اللواء فؤاد علام ان الجماعات المتشددة تواجه اوقاتا عصيبة حاليا وان كانت افكارها ما زالت رائجة مما يعني أن هذه الجماعات قد تنشط مرة أخري. واضاف قائلا ساعدت عوامل علي تفكك وانكماش هذه الجماعات في الفترة الاخيرة... ولكن لم يقض علي الفكر لان هذه القضية أكبر كثيرا من أن تواجه باجراءات بوليسية فقط اذ يجب أن تواجه باجراءات شاملة لتصحيح الافكار، وقال طالما الفكر موجود فعندما تزول هذه العوامل سيعيدون تنظيم أنفسهم وترجع موجة أخري من الارهاب.
وقال علام وغيره من الباحثين ان نجاح السلطات الامنية تمثل في توجيه ضربات وقائية ضد المتشددين والقبض علي عدد من قياداتهم وقتل عدد اخر في مواجهات مسلحة وتجفيف مواردهم المالية وتطوير قاعدة معلومات ساعدت في محاربتهم.
وسبق اعلان قرار قادة الجماعة في الخارج ما وصف بأنه انقلاب علي أمير الجماعة المتشدد رفاعي أحمد طه قام به قادة من الجيل الثاني أكثر ميلا الي نبذ العنف. وتقول مصادر داخل الجماعة ان طه لا يزال يتمتع بنفوذ قوي رغم استبعاده من رئاسة مجلس شوري الجماعة.
كما تفجرت خلافات في الوقت نفسه تقريبا داخل تنظيم الجهاد ثاني أكبر الجماعات الراديكالية الذي كان يتزعمه أيمن الظواهري عام 1998 بعد اعلان تحالف بين الجهاد وتنظيم القاعدة بزعامة المنشق السعودي المولد اسامة بن لادن لمقاتلة الامريكيين واليهود. وبعد قليل من اعلان التحالف قتل مئات الاشخاص في تفجير سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا. وألقت واشنطن باللوم علي بن لادن. واحتج المعارضون لتحالف الظواهري مع بن لادن بأن هذا التحالف وضع الجهاد في مواجهة مع الولايات المتحدة وأجهزة مخابراتها العتيدة. وبعد تفجير السفارتين بدأت تقارير تتحدث عن قيام السلطات في دول بشرق أوروبا وجمهوريات روسية سابقة وفي بلدان عربية بالقبض علي العديد من قيادات الجهاد وتسليمهم الي مصر. ويقول خبراء ان دخول الولايات المتحدة في المواجهة مع الجهاد خارج مصر كان له أثر شديد في اضعاف التنظيم.
وقالت مصادر على صلة وثيقة بتنظيم الجهاد وهو الفصيل الاساسي الذي يمثل فكر الجهاد انه توجد مجموعات صغيرة تعتنق هذا الفكر كامنة داخل البلاد ومستعدة لشن هجمات في الوقت المناسب وانها كانت علي خلاف مع الظواهري المقيم في الخارج حاليا بشأن ملاءمة توقيت بدء حملة العنف للاطاحة بالحكومة في أوائل التسعينات. وقال أحد المصادر توجد مجموعات علي خلاف مع الظواهري بشأن ضرورة العمل الان ولكنها تنتظر تحسن الوضع بالنسبة لها لبدء تحركها، وأضاف قائلا ان أعضاء هذه الخلايا أناس عاديون جدا مندمجون في المجتمع بانتظار صدور الاوامر.
وأكد عضو سابق في الجهاد يقيم في الخارج وطلب عدم نشر اسمه ان مسألة التمويل لا تمثل مشكلة لان مثل هذه الهجمات لا تكلف الكثير، وشكك اللواء فؤاد علام في صحة هذه التقديرات قائلا ان الخلايا الموجودة داخل البلاد أصبحت قليلة العدد ومتناثرة وفقدت دعم التنظيم لها في النواحي المالية وفي مجال المعلومات والتنسيق والاتصال. ولكن خبيرا اوروبيا متخصصا في الاسلام السياسي طلب عدم نشر اسمه قال انه رغم نجاح السلطات الامنية في احتواء الجماعات المتشددة ورغم صعوبة الاتصال بين الخلايا المتفرقة في أنحاء البلاد فلا تزال هناك مجموعات صغيرة تؤمن بالفكر الجهادي وان هذه المجموعات الصغيرة تكون عادة أكثر تشددا وتماسكا من المنظمات الكبيرة.. وأكثر عنفا. وأضاف ان اعتبارات مجموعات التيار الجهادي مختلفة عن تلك التي تحكم قادة الجماعة الاسلامية فالاولي ليس لديها قواعد شعبية ولا تهتم ببناء مثل هذه القواعد لانها خلايا سرية تعتمد علي العمل العسكري وعلي تجنيد افراد في القوات المسلحة حيث تري أن القوات المسلحة هي الطرف الوحيد القادر علي احداث تغيير في البلاد. وكانت الجماعة الاسلامية وتنظيم الجهاد قد وحدا صفوفهما في تنظيم واحد اغتال أعضاؤه من الجيش الرئيس أنور السادات أثناء عرض عسكري في السادس من تشرين الاول (اكتوبر)1981.
وقال الخبير الاوروبي أن مجموعات الفكر الجهادي لم يكن لديها برنامج لنشاط الدعوة وليس من المحتمل أن تتبني مثل هذه البرامج وبالتالي فان حريتها محدودة في القيام بأي أنشطة خلاف نشاطها السياسي. وقال الخبير الامني علام ان الجماعة الاسلامية نفسها لم تنبذ العنف مطلقا وانما عملت علي تعديل بعض طروحاتها بالتوقف عن مهاجمة السياح والمنشات الاقتصادية. وأضاف هذه أقاويل عن الهدنة يروج لها البعض لأغراض خاصة.
وكانت هجمات المتشددين علي السياح التي بلغت ذروتها بمذبحة الاقصر قد أضرت بشدة بصناعة السياحة في مصر والتي تشكل أحد المصادر الاساسية للنقد الاجنبي. وبدأ قطاع السياحة يستعيد عافيته.
ولكن معظم الخبراء يرون أن الجماعة الاسلامية بحكم نشأتها كجماعة للدعوة قد تحولت بالفعل الي مجال الدعوة تفرغ فيه طاقتها وان كان الامر يعتمد علي ما اذا كانت السلطات الامنية ستسمح لها بممارسة هذا النشاط.
وقال الباحثون ان المؤيدين لمبادرة وقف العنف كانوا يأملون في تجاوب الحكومة المصرية معها بالافراج عن زملائهم من السجون والسماح للمقيمين في الخارج بالعودة وفتح الباب امامهم للقيام بالانشطة الدعوية. وهو ما لم يحدث فيما يبدو. ويرى المراقبون أن الحكومة لم تحرز أي تقدم في استيعاب أعضاء الجماعات الذين تخلوا عن العنف مستشهدا بمحاولة بعضهم تأسيس أحزاب سياسية رفضتها لجنة الاحزاب وهي لجنة حكومية مسؤولة عن السماح بقيام الاحزاب السياسية أو رفضها. وأضاف مشكلة افساح المجال للقيام بدور سياسي هي المشكلة الاساسية الان لأنه يوجد تيار كبير ترك العنف ولم يجد له دورا في السياسة.
وكان أعضاء سابقون في الجهاد قد تقدموا بطلب تأسيس حزبي الشريعة والاصلاح عام 1999. ورفضت لجنة الاحزاب الطلبين.
وقال الخبير الاوروبي ان علي الحكومة المصرية ان تدرك ان الاستراتيجية التي استخدمتها في التعامل مع الجماعات المتشددة والتي لا تتضمن استيعابهم في المجتمع غير قابلة للتطبيق علي المدي البعيد ضد الحركة الاسلامية لانها تتعارض مع قدرة البلاد علي تنمية الليبرالية السياسية والديمقراطية. وأضاف قائلا لا يمكن استمرار مثل هذا النهج علي المدي البعيد دون عزل النظام علي المستوي الدولي. علي الحكومة ان تعيد تشكيلها (الحركة الاسلامية) لتصبح مفيدة في اطار جهود الحكومة لمحاربة الفساد والامية والمخدرات.
ويقول المحللون ان سنوات الهدوء الاخيرة لا تزال تخفي احساسا بالتوتر فمن الممكن ان يثير اي حادث عادي مشاعر القلق والخوف من تجدد اعمال العنف. فعندما طعن مصري سائحة يابانية عند الاهرام العام الماضي ظهر هذا التوتر الي السطح اعقبه شعور بالارتياح لان الرجل لم يكن الا لصا. وتكرر السيناريو نفسه عندما اختطف مصري اربعة سياح المان قرب الاقصر قبل ان يظهر انه كان يحاول استخدامهم ورقة ضغط في نزاع قضائي مع زوجته الالمانية علي حضانة اطفاله. ولكن ما دامت قضية التطرف الديني قائمة بدون حل في مصر سيثير كل حادث سطو مسلح او سرقة او اي عمل آخر من أعمال العنف ضد السياح علامة استفهام هل هذه هي بداية العاصفة.
التعليقات