&
&
ما العمل بآلاف من العرب الذين تعتبرهم حكوماتهم مارقين عليها وعملوا في جهاز تنظيم محظور، وتورط التنظيم في قضايا اعظمها اصاب دولة طويلة اليد؟ الاقتراح المطروح الآن ان تستضيفهم حكوماتهم ليصبحوا في رعايتها، اي ان يعود المصريون الى مصر، والسعوديون الى السعودية، والاردنيون الى الاردن... وهكذا. وهذا قول فيه غموض "ايجابي" كما يصفه السياسيون، اي عبارات تتجنب الشرح السلبي. فالضيافة والرعاية هنا يعنى بهما السجون.
ولأنه لا احد يعرف عدد المطلوب رعايتهم، وقبل ذلك لم يعرف احد عدد العرب الذين عاشوا واقاموا في افغانستان، فقد قيل انهم اربعة آلاف، وبعضهم ادعى انهم اربعون الفا، ولا بد ان الرقم الصحيح بينهما، ولا ننسى اننا في السابق كنا نكذب من يقدر عددهم بأكثر من اربعمائة بسبب طبيعة نشاطات هذه الحركات وسريتها وضعف قدرة الحكومات على اصدار احصائيات بعدد مواطنيها الخارجين الذين لا يعودون.
لكن العرب المعتقلين معركتهم لم تنته بعد، حيث يؤمل ان تقبل اطراف الحرب باعادتهم الى بلدانهم. فقوات التحالف الافغانية تقول صراحة انهم مرتزقة حاربوا مع طالبان ضدها كل هذه السنوات، وهي تعتزم قتل كل اسير منهم تقبض عليه. وقوات التحالف الغربية تقول انها ترى ضرورة التحقيق معهم وحبسهم في جزيرة غوام البعيدة عن القاعدة وطالبان وتلال حدود باكستان.
وليست كل الحكومات العربية المعنية تريد افغانها ان يعودوا، ولا تبالي سواء جلسوا في ضيافة التحالف الشمالي او بقوا في عهدة الاميركان في غوام، على امل انها بذلك ستسدل ستارا على فصل تريد الخلاص منه بالخلاص من ابطاله. وأذكر ان احدهم قال: إن اجلسناهم في السجون افسدوا المساجين فصار اللص يكسر اقفال خزائن الذهب لهم، ومحترف استخدام السلاح صار يعمل عسكريا في تنظيمهم، بل تسللوا الى عقول السجانين فصاروا سجانين، فلماذا نستعيدهم اذا كانوا كذلك؟!
الاجابة عن ذلك السؤال ان البحث في ذات هؤلاء ومحاولة فهمهم مثل البحث عن علاج ليس للمريض الذي يستسلم للتجارب السريرية، بل الهدف علاج الغالبية التي هي في الطريق. فهذه الجزائر رغم العدد الهائل من الذين قبضوا عليهم واضطرار الحكومة الى ان تبني معسكرات ضخمة لسجنهم، حيث لا تتسع لهم السجون، وعلى الرغم من العدد الضخم الذين قتلوا، فانهم يتجددون. الحل لم يكن قط في السلاح والسجن، بل هو حل ثقافي يتطلب وقتا طويلا للتواصل مع هؤلاء ومواجهة طروحاتهم، ولا اعرف حلا آخر غير ذلك بدليل فشل المواجهات الامنية الصارمة.
عودة عرب بن لادن والظواهري وغيرهم يفترض ألا تفزع احدا، فهم يعودون من رحلة استكشافية شاقة ويتطلب الامر علاجهم علاج الإخوة وتضميد جراحهم والتعامل معهم باحترام.(الشرق الأوسط اللندنية)
&