&
&

بعد أحداث سبتمبر‏,‏ أصبح التعريف الوحيد للإرهاب الذي توافق عليه أميركا هو أنه أي عمل من أعمال العنف المادي أو المعنوي يوجه إلى الولايات المتحدة الأميركية بذاتها أو إلى مصالحها في أي جزء من العالم‏,‏ ولم يكن بد من أن يشمل هذا التعريف إسرائيل بالتبعية‏,‏ فأصبح المعيار الوحيد للإرهاب الدولي هو ما يقع من أعمال عنف‏,‏ أو تعتبره إحدي الدولتين عنفا‏,‏ بغض النظر عن مسئولية أي من الدولتين فيها‏.‏
يجري تطبيق هذا التعريف الآن بطريقة تحكمية‏,‏ سواء فيما يتعلق بالحملة العسكرية التي تشنها أمريكا ضد أفغانستان‏,‏ أو فيما يتعلق بعمليات الإبادة والقتل والتدمير التي تقوم بها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني‏,‏ ويبدو أن العالم قد أصبح علي استعداد لقبول الاحتكار الأمريكي لهذا التعريف الجديد للإرهاب الدولي بعد أن وجدت الحكومات نفسها تحت ضغوط وتهديدات بلغت درجة الابتزاز‏,‏ للسكوت علي المذابح التي تجري في أفغانستان‏,‏ وبدأت أمريكا تستعد للمرحلة الثانية من حملتها بضرب العراق‏.‏
وفي ظل هذا التعريف الدولي الجديد للإرهاب‏,‏ باعتباره خطرا يهدد أمريكا وحدها‏,‏ اتخذت إجراءات تعقب الإرهاب منحني جديدا‏,‏ لم تكتف فيه السلطات الأمريكية بالقبض علي أي مشتبه فيه من العرب والمسلمين المقيمين في أمريكا دون سند قانوني‏,‏ بل أصبح من المعتاد أن يطلب جهاز المخابرات المركزية الأمريكية من أي حكومة عربيةأو غير عربية القاء القبض علي أي من المشتبه فيهم داخل بلده‏,‏ فيتم اعتقاله ووضعه تحت تصرف محققين أمريكيين‏,‏ وطبقا للتقارير الأمريكية‏,‏ فإن سلطات الأمن في‏51‏ دولة اعتقلت حتي الآن‏360‏ مشتبها بناء علي طلب أمريكا‏.‏
وهكذا تحولت الحرب الأمريكية ضد الإرهاب إلي سلاح لكسر إرادة الحكومات والشعوب الخائفة من التدخل الأمريكي السافر‏.‏ ومعظم الدول العربية بادرت من تلقاء نفسها إلي تشديد قبضتها علي العناصر المعارضة لأمريكا‏,‏ وقد طلبت أمريكا صراحة من بعض الحكومات العربية أن تتدخل لدي المراجع الإسلامية لحثها علي تأييد الحملة الأمريكية‏,‏ وتخفيف حدة العداء والنقد لأمريكا في وسائل الإعلام‏.‏
ولهذا لم يكن غريبا أن يكون رد فعل شارون عشية وصول المبعوثين الأمريكيين إلي الشرق الأوسط‏,‏ بمثل هذا التحدي وعدم الاكتراث‏,‏ فما دامت أمريكا قد اعتبرت نفسها وإسرائيل فوق الجميع‏,‏ فإن شارون سيظل مطلق اليد في عملياته الإرهابية‏.‏ وبالتوازي مع أمريكا‏,‏ فإن شارون أصبح بدوره لا يطيق ما تنشره وسائل الإعلام العربية من انتقادات له ولإسرائيل‏,‏ ولذلك فقد طالب الشركات الأمريكية بمقاطعة قناة أبوظبي لإرغامها علي وقف المسلسل التليفزيوني الذي يسخر منه‏.‏
هل يعني ذلك أننا نعيش فعلا في حقبة السلام الأمريكية باكس أمريكانا؟‏!.(الأهرام المصرية)‏
&
&