أنقرة ـ تعلن وزارة الدفاع التركية يوم الخامس عشر من ديسمبر الحالي عن مناقصة دولية لتحديث‏170‏ دبابة من طراز إم ـ‏60‏ أمريكية الصنع‏,‏ وذلك كمرحلة أولي ضمن خطة أوسع نطاقا لتحديث أسطول تركيا من الدبابات بعدما وصلت المفاوضات مع إسرائيل إلي طريق مسدود‏.‏
وقد قررت وزارة الدفاع التركية أمس الأول إلغاء صفقة تحديث الدبابات مع الجانب الإسرائيلي‏,‏ التي كانت قد منحتها له بناء علي تكليف مباشر‏.‏ ووفقا لما ذكرته مصادر عسكرية مطلعة فإن إلغاء هذه الصفقة التركية المهمة مع إسرائيل يمثل صفعة قوية لصناعة السلاح الإسرائيلية‏,‏ وذلك في الوقت الذي تمر فيه هذه الصناعة بأزمة حادة وصلت معها لحافة الإفلاس في بعض الشركات‏.‏
وقالت‏:‏ إن الخلاف بين تركيا وإسرائيل تفجر حول سعر إتمام الصفقة‏,‏ فقد أصرت إسرائيل علي مبلغ‏700‏ مليون دولار‏,‏ وفي المقابل تمسكت أنقرة بألا يزيد الرقم علي سعر يتراوح ما بين‏550‏ و‏600‏ مليون دولار‏.‏ وتقول المصادر العسكرية المطلعة‏:‏ إن ذلك كان السبب الرئيسي المباشر لإلغاء الصفقة‏,‏ وأشارت إلي وجود عوامل أخري حسمت الصفقة في هذا التوقيت‏,‏ أهمها تزايد الضغوط الأمريكية علي تركيا لجعل الصفقة مفتوحة للمنافسة‏,‏ وسوف تزيد هذه الخطوة من فرصة فوز شركة أمريكية بها خاصة الشركة المصنعة للدبابة أصلا وهي شركة جنرال ديناميكس‏.‏
وكشفت المصادر المطلعة عن أن وجود اتفاق بين الولايات المتحدة وإسرائيل بألا تزاحم واشنطن إسرائيل في هذه الصفقة مقابل ألا تزاحهما إسرائيل في صفقة الإنتاج المشترك التركي ـ الأمريكي للدبابات الجديدة‏,‏ إلا أن تراجع تركيا عن مشروع الدبابات الجديدة جعل واشنطن تغير من موقفها‏,‏ وتدعي أنها الأولي بالفوز بصفقة التحديث بعد أن ضاعت ولو مؤقتا صفقة بيع الدبابات الجديدة‏.‏
ومن جانبها قالت صحيفة ميلليت التركية أمس‏:‏ إن السفير الأمريكي في تركيا روبرت بيرسون لم يتردد في إرسال رسالة مؤثرة لكل من وزير الدفاع ورئيس الأركان التركيين لحثهما علي إعادة النظر في الصفقة الإسرائيلية‏,‏ وكانت تركيا قد بدأت المفاوضات مع إسرائيل بشأن هذه الصفقة منذ يونيو من العام الماضي وبنظام التكليف المباشر‏.‏
وأضافت الصحيفة التركية أن هذا الموقف الامريكي قد شجع شركات تصنيع السلاح المحلية التركية علي أن تكثف بدورها ضغوطها علي حكومة بلادها من أجل الغاء الصفقة الإسرائيلية وطرح الموضوع للمنافسة والمناقصات المعتادة حتي يمكن لهذه الشركات المحلية الفوز بالنصيب الاكبر‏.‏
وكان الرأي العام التركي قد طالب بضرورة فتح موضوع صفقة تحديث دبابات إم ـ‏60‏ للمناقصة لتحسين فرص نمو صناعة السلاح التركية خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة الحالية‏,‏ توافق ذلك مع رغبة امريكية‏,‏ حيث إن العديد من صناعات السلاح التركية ترتبط باتفاقيات مع شركات سلاح امريكية‏.‏ ويشير مراقبون سياسيون إلي أنه بإلاضافة إلي عامل الاختلاف حول السعر وعامل الضغوط المحلية والامريكية القوية‏,‏ فضلا عن تغير الظروف نسبيا بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر‏,‏ إلا أن هناك عاملا مهما إضافيا تمثل في ظهور عراقيل جديدة أمام إمكان التنفيذ السريع لمشروع تصدير مياه من نهر منفجات التركي لإسرائيل‏,‏ وذلك بعد أن الغت إسرائيل في الأسبوع الماضي المناقصة التي كانت تهدف لاختيار الشركة التي ستقوم بنقل هذه المياه‏0‏ ويبدو ان تلك القشة كانت كافية لقصم ظهر صفقة التحديث الإسرائيلية‏,‏ خاصة أن المؤسسة العسكرية التركية طالما ظلت تشكو من اختلال التوازن في التعامل مع الجانب الإسرائيلي‏,‏ حيث كانت ولاتزال تسعي لضرورة أن تشتري إسرائيل أشياء من تركيا بما يسهم في تحقيق التوازن خاصة أن إسرائيل قد فازت بالفعل بصفقة تحديث الطائرات من نوع إف ـ‏4‏ التركية‏.(الأهرام المصرية)‏