تطرح الدولة الآن وبشدة قضية التصدير باعتبارها أهم علاج لمواجهة الأزمات التي يمر بها الاقتصاد المصري‏.‏ وتدور مناقشات عديدة بين الخبراء والمتخصصين وأعضاء الغرف التجارية‏,‏ لتحويل الشعار الذي أطلقه الرئيس مبارك بأن التصدير قضية حياة أو موت الي واقع عملي‏..‏ تتجه كل الجهود من جانب الدولة ومن جانب المستثمرين الي ترجمته‏,‏ وازالة العوائق عن طريقه‏,‏ وايجاد جيل من الشباب الذي يتقن أساليب التسويق الحديثة‏,‏ وينجح في فتح أسواق خارجية جديدة أمام صادرات مصرية قادرة علي التنافس‏.‏
ولست أدري علي وجه التحديد ماهي الاجراءات التي اتخذتها الدولة‏,‏ أو تسابق اليها المستثمرون ورجال الأعمال لتحقيق هذا الهدف‏,‏ بما يسد العجز الكبير في موازنة التجارة المصرية‏,‏ فيما عدا مايطالعنا به المسئولون في الصحف من تصريحات‏..‏ بينما لم تزل الواردات الصينية والآسيوية تغرق أسواقنا المحلية‏,‏ ويجري كل يوم ضبط شحنات ضخمة مهربة منها‏,‏ لا يعرف أحد كيف تتسرب من بين أيدي أجهزة الضبط المنتشرة في كل مكان‏.‏
غير انني تلقيت رسالة من أحد المصدرين‏,‏ تكشف عن جانب مهم من جوانب الخلل الذي يصيب العاملين في هذا المجال بالإحباط‏,‏ ثم الإفلاس‏,‏ بسبب عدم تنفيذ الأحكام القضائية النهائية التي تصدر من المحاكم المصرية في منازعات تتعلق بعدم سداد مستحقات مالية للمصدرين‏,‏ الأمر الذي يؤدي الي ضرب النشاط التصديري وإغلاق أبوابه‏.‏
صاحب الرسالة‏(‏ عندي بياناته لمن يهمه الأمر‏)‏ مصري مهاجر إلي الدانمارك حول جانبا من مدخراته الي مصر لتأسيس شركة للتصدير والاستيراد عام‏98..‏ وبعد فترة وجيزة لم يجد بدا من إيقاف نشاط الشركة‏,‏ بسبب حصوله علي شيكات بنكية بدون رصيد‏..‏ وعندما حكم القضاء لمصلحته في أربع قضايا متتالية‏,‏ تجاهلت الجهات الأمنية تنفيذ أحكام القضاء‏.‏ وضاعت علي المستثمر أموال ولم تفد الجهود التي بذلها لدي الجهات المسئولة عن تنفيذ الأحكام للقيام بواجبها وضبط المحكوم عليه وارغامه علي سداد المبالغ المستحقة أو تنفيذ عقوبة الحبس‏.‏
ويبدو أن مشكلة إصدار الشيكات بدون رصيد من أكثر المشاكل التي تعترض طريق التصدير‏..‏ وهناك آلاف الأحكام التي صدرت ولا تجد من ينفذها بسبب هروب المحكوم عليهم من تنفيذها عن طريق التواطؤ مع جهات التنفيذ وهو مايجعل من هذه الأحكام القضائية مجرد حبر علي ورق‏,‏ ويهدر أحكام القضاء ويعطل العدالة‏,‏ ويضع هؤلاء المصدرين تحت رحمة عناصر منحرفة تعمل في السوق بأساليب غير شريفة دون رادع‏,‏ تجعل التصدير مخاطرة غير مأمونة‏,,‏ في غياب الضمانات التي تكفل الحقوق لأصحابها‏,‏ إن الاستقرار السياسي وحده لا يكفي بدون استقرار قضائي تحترم أحكامه‏.‏(الأهرام المصرية)