&
مارييل اود: ترافق تفكك الاتحاد السوفيتي مع انهيار كبير في الاقتصاد الروسي الذي لا يزال أمامه القيام بورشة ضخمة بعد عشرة أعوام من الإصلاحات المعلنة حتى ولو بدا أخيرا انه على طريق التعافي.
وقد انتهى وجود الاتحاد السوفيتي في الثامن من كانون الأول (ديسمبر) العام 1991. وبعد عقد من الزمن، بدأ الكلام على الرأسمال الذي كان محرما في الأزمنة الغابرة يتحول إلى حديث عادي، وبدا ان طوابير الانتظار الطويلة أمام المتاجر باتت من عصور ما قبل التاريخ، واصبح بإمكان الشباب ان يقوموا برحلات سياحية إلى الخارج.. لتمضية عطلاتهم.
ومنذ بعض الوقت، لا يتوقف رجال سياسة واقتصاد، من جهة أخرى، عن التعبير عن ذهولهم وافتنانهم بما تم إنجازه: فالنمو الاقتصادي الروسي بات بين الأكثر ثباتا في العالم ويتم تسديد الديون قبل أوان استحقاقها وتمضي حركة الاستهلاك قدما ويستثمر بارونات الصناعة في قطاع الإنتاج أخيرا.
ويعتبر هذا التحول افضل بكثير مقارنة بالماضي. ولكنه يبقى، بالاستناد إلى الأرقام، بعيدا عن الاداءات المسجلة في ألامس القريب.
فقد أكد الاقتصادي في أكاديمية العلوم اوليغ بوغومولوف ان "النتائج الحالية تعطي انطباعا جيدا. ولكننا متراجعون عشرة أو عشرين سنة مقارنة بالعام 1991".
فإجمالي الناتج الداخلي في العام 2001 تراجع قرابة 30% مقارنة بما كان عليه في العام 1992 (وهو يعادل إجمالي الناتج الداخلي في بلجيكا)، كما انخفض حجم الإنتاج الصناعي بنسبة 35% وتدهورت الاستثمارات هي الأخرى بنسبة 70% ويعيش روسي من اصل ثلاثة (30%) بأقل من الحد الأدنى المطلوب.
وإذا كانت المناطق الغنية بالنفط أو الغاز أو المعادن تخرج من الوضع المتأزم، فان المناطق الأكثر فقرا لا تزال تزداد عوزا.
وقال بوغومولوف ان "الفارق بين الأكثر غنى (10%) والأكثر فقرا (10%) هو أحد اكبر الفوارق في العالم وقد يتسبب يوما بانفجار اجتماعي".
وتبدو حياة البعض اقل تعرضا للخطر بشكل واضح. ويشير الاقتصادي فلاديمير ماو إلى ان "الأساسي ليس في الأرقام". وقال ان "روسيا السوفيتية كانت تنتج، ولا شك، اكثر من روسيا الحديثة، ولكنها كانت تعاني كثيرا في مجال بيع منتجاتها السيئة الجودة في غالب الأحيان".
واضاف ان مهمة تاريخية قد تم إنجازها. وقال ان "آثار الشيوعية اختفت" و"وجدت الصعوبات الرئيسية حلا لها" استقرار على صعيد القطاعات الاقتصادية الشاملة وتخصيص وتحرير السوق.
واعلن الاقتصادي فلاديمير بوبوف ان مدى الانكماش المسجل يبقى "حالة استثنائية في تاريخ الاقتصاد العالمي كله".
ومع تفكك الاتحاد السوفيتي انهارت مؤسسات الدولة التي لا بد منها لادارة مرحلة الانتقال إلى اقتصاد السوق وتطبيق القانون.
لذلك جرى انتقال عشوائي وتكدس الرأسمال في أيدي بعض رجال الأعمال الذين لا يحرصون كثيرا على طبيعة الوسائل المستخدمة.
ولا يزال تحديث النظام الروسي حتى اليوم أيضا في بداياته.
وقد تم للتو اعتماد إصلاح قضائي وتجري حاليا عملية إعادة تنظيم العلاقات بين السلطة المركزية وسلطة أصحاب النفوذ الإقليميين. ولكن يبقى هناك عمل جبار ينبغي إنجازه.
وحذرت صحيفة "اكسبرت" الاقتصادية الأسبوعية من ان "المستوى الذي بلغته الطبقة الوسطى الروسية الجديدة شبيه بمستوى الطبقة الوسطى الأميركية في مطلع الستينات. وستبقى جامدة على هذه الحال في غياب استثمارات كثيفة في السوق الداخلية الروسية".
ولا يزال الأجانب يترددون في المجيء إلى روسيا للاستثمار، ويبقى هروب الرساميل الروسية ضخما (حوالي 15 مليار دولار سنويا) وبدأ التلف الذي يصيب التجهيزات الصناعية بالظهور اكثر فاكثر.
ولا تزال البيروقراطية والفساد تنخر النظام الأمر الذي يؤدي إلى القضاء جزئيا على النتائج الإيجابية للإصلاحات الاقتصادية الكبرى التي انطلقت قبل عامين.