باريس ـ من سامي نزيه: رغم كل ما يجري التأكيد عليه من بعض الدول العربية والغربية حول استحالة توسيع دائرة حرب افغانستان، لتشمل العراق او الصومال او دولا اخرى، الا ان اوساطا اوروبية لها علاقة مباشرة بهذه الملفات تشير الى ان خطر ضرب النظام العراقي قائم وكذلك الامر بالنسبة الى تنظيمات صومالية، الاول اذا ما قرر رفض اعادة المفتشين، والثانية لو تبين ان لها علاقة فعلية مع تنظيم "القاعدة" واسامة بن لادن,
وتفيد هذه الاوساط بأن المتشددين في الادارة الاميركية، وفي مقدمهم مستشارة الامن القومي غونداليزا رايس، عادوا الى طرح فكرة ضرب العراق، وانهم سيرفعون من لهجتهم كلما شارفت المهلة التي حددها مجلس الامن لبغداد على نهايتها في شأن اعادة المفتشين، ذلك ان لا واشنطن ولا الدول الغربية الاخرى ستقبل بان يبقى العراق من دون مراقبة، حيث ان خطر استئنافه لاسلحة الدمار الشامل، قائم,
وتقول الاوساط نفسها، ان المشاورات الجارية الحالية بين اعضاء مجلس الامن بهذا الشأن تتمحور حول شرعية او عدم شرعية اي عمل عسكري ضد النظام العراقي، ذلك ان العديد من الدول المعنية بهذا الملف تريد ان يصار الى تبني قرار جديد في المجلس لو تم اعتماد خطة لالزام العراق بقبول المفتشين,
وتضيف ان هذا الامر شهد تغييرات مهمة، إذ ان الدول الاعضاء الدائمة العضوية في مجلس الامن وضعت هذه المرة مصادقيتها على المحك، بحيث ان تلك التي كانت مثلا ترفض اي تفكير بضرب العراق (روسيا ـ فرنسا,,,) لن تكون قادرة في المستقبل على رفض تبني قرار في المجلس يقضي باتخاذ خطوات عسكرية لالزام النظام العراقي بقبول المفتشين, وبالتالي فان الكرة باتت الان في الملعب العراقي، وان احتمال ضرب العراق يبقى قائما وربما اكثر من اي وقت مضى، رغم كل التطمينات التي سيقت في خلال الحرب في افغانستان,
وقد باشرت اجهزة الامم المتحدة وبعض الاوساط الدولية ذات الصلة بالعراق، سلسلة من المشاورات مع الجانب العراقي لاقناعه بان المسألة جدية هذه المرة وربما اكثر مما يعتقد وان لا مجال للتفلت من اعادة المفتشين، فهذا خط احمر لا يمكن تجازوه,
اما في شأن البيان الذي اصدره الاتحاد الاوروبي قبل يومين، واتهم فيه للمرة الاولى حركتي "حماس" و"الجهاد الاسلامي" بالارهاب، فانه شهد تباينات عديدة بين الدول الاوروبية، بحيث ان بريطانيا والمانيا شددتا على ضرورة توجيه رسالة قاسية ومباشرة لرئيس السلطة الوطنية الفلسطينية ياسر عرفات، بينما فرنسا ارادت ان يكون البيان متوازنا وموازنا بين السياسة والامن بحيث يقدم لعرفات افاقا سياسية كمثل اقامة الدولة الفلسطينية مقابل الطلب اليه بالتشدد واعتقال ومحاكمة ناشطي الحركتين,
وكانت فكرة البيان وردت اولا من الرئاسة البلجيكية للاتحاد الاوروبي وسارعت فرنسا الى تبني الامر بحيث اعلن الرئيس جاك شيراك عزمه على حض اوروبا على القيام بمبادرة,
لكن وخلافا للتسريبات التي تفيد بان الاميركيين (وتحديدا انتوني زيني) قد يتخلون عن مساعيهم الراهنة في حال لم يقتنع الطرفان الفلسطيني والاسرائيلي بالعودة الى الحكمة والتعقل، فان الاوساط المقربة من وزير الخارجية الاميركي كولن باول تشير الى رغبة اميركية في الالتزام اكثر خصوصا منذ العمليات الثلاث التي هزت اسرائيل في يوم واحد, وهذا ما عبر عنه باول بوضوح لنظيره الفرنسي هوبير فيدرين في خلال لقائهما في باريس,
واذا كانت هذه العمليات جعلت واشنطن اكثر صلابة ضد عرفات، الا ان الاميركيين يعربون عن قناعة بضرورة وضع حد سريع للعنف والبدء بمفاوضات سياسية، لكنهم يريدون من السلطة اتخاذ مواقف جدية ضد "حماس" و"الجهاد" اللتين باتت اوروبا تعتبرهما ارهابيتين خصوصا منذ العمليات الاخيرة التي استهدفت "ابرياء", ومن هنا كان التشديد في البيان على ضرورة وقف الانتفاضة المسلحة (وليس المدنية) .
اما في شأن لبنان، فيبدو ان الوساطة الفرنسية نجحت في اقناع بريطانيا بسحب تحفظها عن اتفاقية الشراكة الاوروبية ـ اللبنانية، فتخلت عن ادراج مسألة محاربة الارهاب في الاتفاق مقابل ان يبعث لبنان رسالة من طرف واحد يلتزم فيها محاربة الارهاب, وبالتالي فان الاتفاق بات جاهزا للتوقيع، حتى ولو ان هولندا كانت لا تزال متمسكة بتحفظها في هذا الشأن.(الرأي العام الكويتية)