&
ما هو الحلّ الذي يملك ارييل شارون مفتاحه، والذي يبدو ان واشنطن واثقة من صلاحه وجدواه؟
علي صعوبة ذلك، نضع جانباً الكلفة الانسانية الفلسطينية والاسرائيلية علي السواء. نضع جانباً الانتهاكات للقوانين والأعراف التي يتصف بها سلوك الجيش الاسرائيلي. نتخيّل ان شارون نجح في التخلص من الشق الصناعي في العمليات الانتحارية (أي: التعبئة والتدريب والتسليح وتصوير أفلام الفيديو)... لكن ماذا بعد؟
أولاً، استحالة ابقاء الاحتلال ضداً علي الطبيعة. فكيف وقد أضيف الي الاحتلال وأحقاده كل هذا القدر من الكراهية والعداء الذي تأسس في الفترة الأخيرة؟ وكيف وقد ترافق كل هذا القمع مع التغييب الكامل للسياسة: لتعهد الانسحاب. للتفاوض حول الدولة الفلسطينية...؟
ثانياً، صعوبة العثور لاحقاً، أي بعد شارون، علي قوي فلسطينية للسلام: من أين ستأتي هذه القوي؟
أغلب الظن ان الذي سيتقدم الي الحلبة لن يكون اشد اعتدالا من عرفات، بل اكثر تطرفاً من حماس.
ثالثاً، انبعاث العنف عاجلاً أو آجلا، ولو دُمرت بنيته التحتية الحالية. ففي ظل استمرار الوضع الاحتلالي، لن يمكن إنهاء العنف بأقل من تهجير الشعب الفلسطيني من فلسطين (في بيروت 1982 اقتصر الأمر علي ترحيل مسلحين. هنا: شعب).
رابعاً، توتير المنطقة حيث هناك حزب الله علي الحدود المباشرة، وهناك بغداد التي لا يزال الأميركان يزعمون امتلاكها أسلحة بيولوجية وكيماوية فتاكة. وما دامت اسرائيل تمتلك قنبلة نووية، فستكون المنطقة كلها في أسعد حال! (لو قال أحدنا، قبل ساعات علي 11 أيلول/ سبتمبر ان ما حدث سيحدث، لقيل انه مجنون. انه زمن انتشار اسلحة الفتك، او علي الأقل سهولة انتشارها).
خامساً، صعوبة إدامة الاستقرار في أي من البلدان العربية، وهذا ما سينعكس حكماً، بشكل أو بآخر، علي اسرائيل. لنفكر، مثلاً، في بلد كالأردن معظمه من ذوي الأصل الفلسطيني. لننظر الي التظاهرات الأخيرة في بلد يربطه السلام باسرائيل: مصر.
سادساً، تصاعد المشاعر اللاسامية ليس في المنطقة وحدها، بل ايضاً في خارجها. لننظر الي فرنسا والعلاقات الاسلامية - اليهودية هناك.
سابعاً، انتشار ثقافة الموت والانتحار بين الفلسطينيين وفي البلدان المحيطة. هناك الآن من بدأ يتحدث عنها بوصفها منظومة استراتيجية. وهناك من بدأ يتحدث عنها بوصفها قيماً اكتشفناها علي حين غرة وبها سنستقبل القرن 12! هذه ثقافة قابلة لأن تسمّم المنطقة كلها. لأن تجعل التبادل الشمشوني السلعة الوحيدة في السوق.
ثامناً، يكفي الانتباه الي ان صور الرئيس العراقي عادت ترتفع في المظاهرات المضادة لاسرائيل. لم يعد ثمة حرج في تجديد العمل بهتاف: يا صدام يا حبيب/ اضرب اضرب تل أبيب . إيران التي صنّفتها واشنطن ضلعاً في محور الشر ، ليست بعيدة. أسامة بن لادن سيجد طريقه أيضاً.
لهذا، ولغيره، ينبغي علي الرأي العام الاسرائيلي ان يتحرك. ان يُسقط شارون. بقدر ما ينبغي علي واشنطن ان تتنبه الي ان غيابها عن الساحة - ما خلا التأييد لعمليات الجيش الاسرائيلي - تأسيس لنار قد تلتهم كل شيء.(الحياة اللندنية)