&
في اجتماع رؤساء دول وحكومات حلف شمال الاطلنطي بمشاركة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ايطاليا في28 مايو هذا العام صدقوا علي ما كان وزراء خارجية دول الحلف بمشاركة وزير خارجية روسيا قد توصلوا اليه خلال اجتماعهم في15 مايو في ربكيا فيك الي صيغة جديدة للتعاون والتنسيق بين روسيا والحلف وانشاء اليه لهذا التعاون هي مجلس روسيا وشمال الاطلنطي وسوف يوقع رؤساء دول وحكومات الدول الاعضاء هذا الاتفاق خلال القمة التي ستعقد بين الحلف وروسيا في28 مايو2002 الجاري في روما حيث سيعقد ايضا اول اجتماع للمجلس الجديد وهو التطور الذي من شأنه ان ينقل العلاقة بين روسيا والحلف من مرحلة الخصومة والعداء التي سادت خلال العهد السوفييتي والتوترات والخلافات التي نشأت بعد الحرب الباردة الي مرحلة من التعاون والتنسيق والمشاركة حول عدد من القضايا المشتركة الامر الذي وصفه وزير خارجية روسيا بالتطور العميق واعتبره وزير خارجية بريطانيا تشييع للحرب الباردة وتحول تاريخي تخرج فيه روسيا من موقع العدو الي موقع الحليف
والواقع انه علي مدي سنوات الحرب الباردة ظل حلف الاطلنطي يرمز الي تقسيم اوروبا عسكريا خاصة بعد انشاء الاتحاد السوفييتي الحلف الذي عرف باسم حلف وارسو وفي هذه المواجهة اثبت حلف الاطلنطي تماسكه الذي جعل منه انجح تحالف في زمن السلم. واذا كان تصور التهديد السوفييتي ومواجهات الحرب الباردة هو العامل الاساسي في توحيد الحلف فان انهيار الاتحاد السوفييتي وتحالفه قد افقد حلف الاطلنطي ما كان يمثل سبب ومبرر وجوده وتماسكه وكان من المتصور ان ينطبق عليه مقولة ان التحالفات تختفي باختفاء مبرر وجودها غير انه علي عكس هذا شرع الحلف في عملية اعادة احياء وتجديد مهامه في ظل الظروف الدولية والبيئة الامنية الجديدة لما بعد الحرب الباردة والتي تصور معها انه اذا كان التهديد السوفييتي قد انقضي فانه ثمة اخطار وتهديدات اخري جديدة تواجه اعضاء التحالف وهي التصورات التي بلورتها قمة الحلف حين احتفل في واشنطن في ابرايل1999 بمرور خمسين عاما علي انشائه في هذه القمة تحدث الحلف عن مخاطر جديدة عسكرية وغير عسكرية وعن اتجاهات جديدة يصعب توقعها مثل عدم الاستقرار واحتمال نشوء ازمات اقليمية قابلة للتطور السريع في المناطق المحيطة بالحلف حيث يمكن ان تنشأ
مخاطر ذات طابع اكثر عمومية تنجم عن الارهاب والتخريب والجريمة المنظمة وانقطاع وصول الموارد الحيوية.
وخلال عملية احياء وتجديد مهام الحلف ومسئولياته برز من اهمها عملية توسيع الحلف شرقا وذلك بالعمل علي ضم دول اوروبا الشرقية وكذا دول البلطيق وهي الدول التي تمثل جوار روسيا المباشر وحلفائها السابقين الامر الذي اثار اعتراضات شديدة من جانب روسيا واعتبرته مدا لخطوط حلف الاطلنطي ووجوده حتي حدودها وقد اصبحت هذه النقطة اكثر مصادر الخلاف بين الحلف وروسيا وأكبر عقبة امام هدف الحلف في ادماج روسيا في الامن الاوروبي وبناء علاقات تعاون وتكامل معها واعتبر ان هذا هو التصفية الحقيقية لميراث الحرب الباردة ومنعا لامكانيات تطور ظروف عداء جديدة بين روسيا والغرب ومنذ هذا والجهود الاوروبية بشكل خاص تستهدف تخفيض مخاوف روسيا من توسع الحلف شرقا وذلك من خلال خلق علاقات مؤسسية تربط بين الحلف وروسيا وتتضمن علاقات واشكال تعاون وتنسيق واعطاء روسيا دورا ومكانا متساويا داخل الحلف ومداولاته حول عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك. وقد بدا تطوير هذه الصيغ بشكل جدي في عام1997 حيث تم الاتفاق علي انشاء آلية للتعاون سميت المجلس المشترك الدائم تكون بمثابة آلية للتشاور بين الطرفين في اوقات الازمات وحول قضايا مثل ضبط التسلح ومنع نشوب وتسوية النزاعات ومنع انتشار اسلحة الدمار الشامل وتكوين قوات مشتركة لحفظ السلم ومكافحة الارهاب. غير ان هذه الصيغة لم تنجح في تهدئة مخاوف روسيا او التمهيد لعلاقة تنسيق وتعاون حقيقية مع الناتو ذلك ان هذه الصيغة قد بدت وكأن كل ما تفعله هو اخبار روسيا بالمواقف التي يتم اتخاذها فعلا داخل الحلف.
والواقع انه علي مدي سنوات الحرب الباردة ظل حلف الاطلنطي يرمز الي تقسيم اوروبا عسكريا خاصة بعد انشاء الاتحاد السوفييتي الحلف الذي عرف باسم حلف وارسو وفي هذه المواجهة اثبت حلف الاطلنطي تماسكه الذي جعل منه انجح تحالف في زمن السلم. واذا كان تصور التهديد السوفييتي ومواجهات الحرب الباردة هو العامل الاساسي في توحيد الحلف فان انهيار الاتحاد السوفييتي وتحالفه قد افقد حلف الاطلنطي ما كان يمثل سبب ومبرر وجوده وتماسكه وكان من المتصور ان ينطبق عليه مقولة ان التحالفات تختفي باختفاء مبرر وجودها غير انه علي عكس هذا شرع الحلف في عملية اعادة احياء وتجديد مهامه في ظل الظروف الدولية والبيئة الامنية الجديدة لما بعد الحرب الباردة والتي تصور معها انه اذا كان التهديد السوفييتي قد انقضي فانه ثمة اخطار وتهديدات اخري جديدة تواجه اعضاء التحالف وهي التصورات التي بلورتها قمة الحلف حين احتفل في واشنطن في ابرايل1999 بمرور خمسين عاما علي انشائه في هذه القمة تحدث الحلف عن مخاطر جديدة عسكرية وغير عسكرية وعن اتجاهات جديدة يصعب توقعها مثل عدم الاستقرار واحتمال نشوء ازمات اقليمية قابلة للتطور السريع في المناطق المحيطة بالحلف حيث يمكن ان تنشأ
مخاطر ذات طابع اكثر عمومية تنجم عن الارهاب والتخريب والجريمة المنظمة وانقطاع وصول الموارد الحيوية.
وخلال عملية احياء وتجديد مهام الحلف ومسئولياته برز من اهمها عملية توسيع الحلف شرقا وذلك بالعمل علي ضم دول اوروبا الشرقية وكذا دول البلطيق وهي الدول التي تمثل جوار روسيا المباشر وحلفائها السابقين الامر الذي اثار اعتراضات شديدة من جانب روسيا واعتبرته مدا لخطوط حلف الاطلنطي ووجوده حتي حدودها وقد اصبحت هذه النقطة اكثر مصادر الخلاف بين الحلف وروسيا وأكبر عقبة امام هدف الحلف في ادماج روسيا في الامن الاوروبي وبناء علاقات تعاون وتكامل معها واعتبر ان هذا هو التصفية الحقيقية لميراث الحرب الباردة ومنعا لامكانيات تطور ظروف عداء جديدة بين روسيا والغرب ومنذ هذا والجهود الاوروبية بشكل خاص تستهدف تخفيض مخاوف روسيا من توسع الحلف شرقا وذلك من خلال خلق علاقات مؤسسية تربط بين الحلف وروسيا وتتضمن علاقات واشكال تعاون وتنسيق واعطاء روسيا دورا ومكانا متساويا داخل الحلف ومداولاته حول عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك. وقد بدا تطوير هذه الصيغ بشكل جدي في عام1997 حيث تم الاتفاق علي انشاء آلية للتعاون سميت المجلس المشترك الدائم تكون بمثابة آلية للتشاور بين الطرفين في اوقات الازمات وحول قضايا مثل ضبط التسلح ومنع نشوب وتسوية النزاعات ومنع انتشار اسلحة الدمار الشامل وتكوين قوات مشتركة لحفظ السلم ومكافحة الارهاب. غير ان هذه الصيغة لم تنجح في تهدئة مخاوف روسيا او التمهيد لعلاقة تنسيق وتعاون حقيقية مع الناتو ذلك ان هذه الصيغة قد بدت وكأن كل ما تفعله هو اخبار روسيا بالمواقف التي يتم اتخاذها فعلا داخل الحلف.
غير انه اذا كان ثمة تطور سيحدث في علاقة روسيا بالحلف فانه سيعود في الارجح الي تولي فلاديمير بوتين الحكم في روسيا وانشغاله باعادة بناء روسيا اقتصاديا وفي نفس الوقت ان يحفظ لروسيا دورا عالميا ويعطيها الاحساس بالمشاركة المتساوية في اية ترتيبات مع الولايات المتحدة والغرب فحتي قبل توليه اعمال الرئاسة رسميا وخلال قيامه بمهام القائم باعمالها تعرض بوتين لتصور علاقة روسيا بالغرب بلهجة تصالحيه تستهدف تجاوز اسباب الخلاف وبناء جسور من التفاهم والتعاون ففي مقابلة صحفية رتبت مع مجموعة من المحررين والكتاب الامريكيين في اوائل مارس2000 اعتبر بوتين ان اهدافه هي بناء دولة روسية قوية الامر الذي يتطلب في نظره التخلي عن سياسات الحرب الباردة في المواجهة وتفادي العزلة عن اوروبا ومن اجل هذا أعرب عن استعداده لتكامل اكثر عمقا مع الناتو حتي لو تطلب هذا الانضمام للتحالف الغربي طالما انه سوف ينظر الي روسيا باعتبارها شريكا متساويا.
وقد كشفت تصريحات بوتين عن رغبة حقيقية لخفض التوترات التي نجمت عن اتجاه الناتو للتوسع شرقا والحملة الغربية ضد يوغسلافيا وان ينفي المفاهيم القديمة حول نوايا روسيا تجاه منطقتها وانها تعتبرها منطقة نفوذ لها وان يوضح ان كل ما تتوقعه روسيا هو ان تأخذ مصالحها الاستراتيجية في الاعتبار وتعامل كشريك محترم وان هذه الاعتبارات اذا روعيت فإن بوتين لم يستبعد انضمام روسيا الي الناتو.
وقد كشفت تصريحات بوتين عن رغبة حقيقية لخفض التوترات التي نجمت عن اتجاه الناتو للتوسع شرقا والحملة الغربية ضد يوغسلافيا وان ينفي المفاهيم القديمة حول نوايا روسيا تجاه منطقتها وانها تعتبرها منطقة نفوذ لها وان يوضح ان كل ما تتوقعه روسيا هو ان تأخذ مصالحها الاستراتيجية في الاعتبار وتعامل كشريك محترم وان هذه الاعتبارات اذا روعيت فإن بوتين لم يستبعد انضمام روسيا الي الناتو.
وفي منتصف نوفمبر2001 طور بوتين هذا التصور خلال زيارته لواشنطن واعتبر ان مسألة توسع حلف الاطلنطي شرقا هي قضية ميتة وأنه اذا ما تغيرت نوعية علاقات روسيا بالحلف فإن الخلاف حول توسعه سوف ينتهي.
وواضح ان هذه الاتجاهات الايجابية من جانب بوتين كانت وراء ما اعلنه روبرت روبرنستون سكرتير عام حلف الاطلنطي في22 نوفمبر2001 عن استعداد الحلف لاعطاء روسيا مكانة متساوية مع اعضاء التحالف التسعة عشر في رسم وتنفيذ بعض السياسات وذلك من خلال الالية الجديدة وهي مجلس روسيا وحلف الاطلنطي.
وواضح ان هذه الاتجاهات الايجابية من جانب بوتين كانت وراء ما اعلنه روبرت روبرنستون سكرتير عام حلف الاطلنطي في22 نوفمبر2001 عن استعداد الحلف لاعطاء روسيا مكانة متساوية مع اعضاء التحالف التسعة عشر في رسم وتنفيذ بعض السياسات وذلك من خلال الالية الجديدة وهي مجلس روسيا وحلف الاطلنطي.
وهي الصيغة التي ستمارس فيها روسيا وضعا متساويا مع الدول التسعة عشر اعضاء الناتو الدائمين ولكن في بعض المناسبات وحول موضوعات محددة مثل منع الانتشار وقوات حفظ السلام وادارة الازمات وضبط التسلح والارهاب الدولي ووفقا لهذه الصيغة لن يكون لروسيا الحق في اعاقة او استخدام الفيتو علي قرارات يتخذها مجلس حلف شمال الاطلنطي وسوف يترتب عليها التزامات كجزء من بناء الاجماع داخل المنظمة. غير ان روبرتسون قد نبه الي ان هذه الصيغة سوف تتطلب اجراء تحولات كبيرة في الاتجاه من جانب روسيا والغرب من حيث انه يمثل تحولا ضخما ومطلقا في الطريقة التي يدير بها الحلف شئونه كذلك نبه عدد من المحللين الي أنه ما سوف يظل موضع شك كبير هو مدي ما يتوقعه الغرب من تحول من جانب روسيا الي أي حد ستستطيع القوي السياسية الروسية ان تهضم هذا التحول.
غير أنه يبدو ان كلا الجانبين يندفعان الي مستوي من المشاركة بنفس القوة التي اندفعت بها العلاقات الامريكية الروسية بعد11 سبتمبر وهو الاندفاع الذي جعل المحللون يعتبرون ان ما تغير بشكل جذري بعد11 سبتمبر هو الاختفاء التام لرؤية روسيا كتهديد للغرب بل ان من يكرهون روسيا تقليديا اصبحوا يقرون أنه اصبح من دواعي الامان والاستقرار الدائم ربط روسيا بالتحالف الغربي وأن النظرة الاستراتيجية الاوسع لهذا التحول الغربي فهي ادراك ان افتقاد روسيا لمصلحة في الناتو انما يهدد ببقائها في حالة شك دائم في النوايا الغربية واقل استعدادا للانضمام والتعاون في قضايا مشتركة مثل الحرب ضد الارهاب وحيث يعتبر التعاون الروسي فيه امرا حاسما. علي الرغم من هذا فإن تصريحات المسئولين الروس التي اشرنا اليها قبل وخلال الاعداد للاتفاق قد اوحت بأن معارضة روسيا للحلف قد تراجعت الا ان تصريحات وزارة الخارجية الروسية والنخب السياسية الروسية عقب اجتماع قمة روما توحي ان توسع الحلف شرقا سوف يظل من القضايا الخلافية بين روسيا والحلف خاصة بعد تأكيدات بوش عقب الاجتماع ان الناتو يتجه الي تحرك حاسم لدعوة كل الديمقراطيات الغربية المستعدة للمشاركة في مسئوليات الناتو وعلي هذا فإن سبعة دول من دول وسط وشرق اوروبا سوف يتلقون دعوة لاجتماع قمة الحلفاء في برج في المؤتمر المقبل. كذلك عبر بوتين عقب القمة عن رؤية مختلفة لدور الحلف حيث اعتبر انه ليس السلطة الدولية العليا لاتخاذ القرارات الكبري مؤكدا علي دور القانون الدولي ومجلس الامن الذي تتمتع فيه روسيا بحق الفيتو.ويستخدم بعض المراقبون استمرار الخلاف حول توسع الحلف شرقا وقضايا اخري لكي يدللوا علي استيعاب روسيا عسكريا وسياسيا في الحلف لن يكون من الامور السهلة. وان الجانبان لديهما من المصالح المتنافسة اكثر من الاهداف المشتركة.(الأهرام المصرية)
غير أنه يبدو ان كلا الجانبين يندفعان الي مستوي من المشاركة بنفس القوة التي اندفعت بها العلاقات الامريكية الروسية بعد11 سبتمبر وهو الاندفاع الذي جعل المحللون يعتبرون ان ما تغير بشكل جذري بعد11 سبتمبر هو الاختفاء التام لرؤية روسيا كتهديد للغرب بل ان من يكرهون روسيا تقليديا اصبحوا يقرون أنه اصبح من دواعي الامان والاستقرار الدائم ربط روسيا بالتحالف الغربي وأن النظرة الاستراتيجية الاوسع لهذا التحول الغربي فهي ادراك ان افتقاد روسيا لمصلحة في الناتو انما يهدد ببقائها في حالة شك دائم في النوايا الغربية واقل استعدادا للانضمام والتعاون في قضايا مشتركة مثل الحرب ضد الارهاب وحيث يعتبر التعاون الروسي فيه امرا حاسما. علي الرغم من هذا فإن تصريحات المسئولين الروس التي اشرنا اليها قبل وخلال الاعداد للاتفاق قد اوحت بأن معارضة روسيا للحلف قد تراجعت الا ان تصريحات وزارة الخارجية الروسية والنخب السياسية الروسية عقب اجتماع قمة روما توحي ان توسع الحلف شرقا سوف يظل من القضايا الخلافية بين روسيا والحلف خاصة بعد تأكيدات بوش عقب الاجتماع ان الناتو يتجه الي تحرك حاسم لدعوة كل الديمقراطيات الغربية المستعدة للمشاركة في مسئوليات الناتو وعلي هذا فإن سبعة دول من دول وسط وشرق اوروبا سوف يتلقون دعوة لاجتماع قمة الحلفاء في برج في المؤتمر المقبل. كذلك عبر بوتين عقب القمة عن رؤية مختلفة لدور الحلف حيث اعتبر انه ليس السلطة الدولية العليا لاتخاذ القرارات الكبري مؤكدا علي دور القانون الدولي ومجلس الامن الذي تتمتع فيه روسيا بحق الفيتو.ويستخدم بعض المراقبون استمرار الخلاف حول توسع الحلف شرقا وقضايا اخري لكي يدللوا علي استيعاب روسيا عسكريا وسياسيا في الحلف لن يكون من الامور السهلة. وان الجانبان لديهما من المصالح المتنافسة اكثر من الاهداف المشتركة.(الأهرام المصرية)
التعليقات