&
لا أتوقع أن يكون البيان الأمريكي المرتقب بشأن الشرق الأوسط متوازنا أو عادلا كما نأمل‏!‏
فكل المؤشرات القادمة من واشنطن‏,‏ تؤكد أن الإدارة الأمريكية تتفق والرؤية الإسرائيلية في كل شيء‏,‏ وتنسجم معها في الأفكار المعلنة والخفية‏.‏
والمعني الذي يريدون إيصاله إلينا‏,‏ هو باختصار‏..‏ أن نستسلم‏!‏
وهذا ما نرفضه‏,‏ ويرفضه أيضا الشعب الفلسطيني‏,‏ الذي يملك سلاحا سريا فريدا من نوعه اسمه‏:‏ الاستشهاد‏!‏
هذا السلاح ليس له سلاح مضاد‏,‏ ولم يتم تدريسه في الأكاديميات والكليات العسكرية‏,‏ وليس له وجود في الكتب والمراجع العسكرية‏,‏ ولم يظهر فجأة أو عشوائيا‏,‏ وإنما جاء نتيجة طبيعية وحتمية‏,‏ دفاعا عن الأرض المغتصبة‏,‏ وانتقاما من كل الانتهاكات والجرائم التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين من الشباب‏,‏ والأطفال‏,‏ والنساء‏,‏ والشيوخ‏.‏
وهذا السلاح هو الذي أصاب الإسرائيليين وشارون في مقدمتهم بالذهول‏,‏ والخوف‏,‏ والهلع‏,‏ والارتباك‏.‏
قال عنه بنيامين بن اليعازر وزير الدفاع الإسرائيلي عقب لقائه مع اثنين من الفدائيين الفلسطينيين في أحد المعتقلات الإسرائيلية‏:‏ كم هو شيطاني هذا العمل‏,‏ إنه الذكاء الشيطاني‏,‏ ولاشك أن الانتحاريين هم السلاح الأكثر فتكا الذي يمارسونه ضدنا‏,‏ إنه سلاح رخيص لايمكن الانتصار عليه‏.‏
ويقول بعض المراقبين إن الإسرائيليين يخشون من الوجود في الأماكن العامة‏,‏ وهم لا يثقون في احتمال عودتهم الي بيوتهم في كل مرة يخرجون فيها لارتياد أحد أماكن اللهو أو التسوق‏.‏
واذا كان البعض يطالب بوقف هذه العمليات باعتبارها سلاحا غير متحضر‏,‏ وتسيء الي صورتنا نحن العرب أمام العالم المتمدين‏,‏ لأنها تضعنا في صفوف الإرهابيين‏,‏ فإن الحقيقة أن هذا العالم المتمدين يكرت الموت للإسرائيليين‏,‏ ولا يعبأ بموت الفلسطينيين‏,‏ ولم يوجه إدانة أو استنكارا للمذابح غير الأخلاقية وغير المبررة التي ترتكبها قوات الاحتلال‏.‏
وهذا العالم المتحضر يملأ الدنيا صراخا وضجيجا عندما يموت إسرائيلي واحد‏,‏ ولكنه يصمت صمت القبور عندما تحصد الدبابات والمدرعات الإسرائيلية العشرات من الفلسطينيين كل يوم‏,‏ بل وكل ساعة‏.‏
لقد اختار الفلسطينيون بإرادتهم سلاح الاستشهاد وهو خيارهم الأخير‏,‏ بعد أن خيم الظلم والظلام علي مستقبلهم‏,‏ فلم تبق سوي أرواحهم يبذلونها رخيصة بديلا عن حياة الذل‏,‏ والهوان‏,‏ والضياع‏.‏(الأهرام المصرية)