&
البوشية حسب التعبير الخليجي سبقت ظهور بوش الاب وبوش الابن بزمن طويل، وهي تعني الغطاء الذي تستخدمه النساء استكمالا للعباءة، والعراقيون كما سمعت منهم يقولون عن الشخص الذي يسقط هيبة خصمه، أخذ او نزع بوشيته، تعبيرا عن الاستخفاف.
والعرب كلهم حتى من لا يعرفون البوشية منهم ويرتدون الجينز والتايت عاشوا هذه الفترة الممتدة بين بوش الأب وبوش الابن حياة سياسية كلها "بوش" بالمعنى الشعبي المتداول، فالولايات المتحدة بدأت بسحب البوشية تدريجيا واسرائيل لم تكتف بذلك، بل حاولت شنقهم بها.
اما الخطاب الذي نحاول تقصي اصدائه في رؤوسنا وقلوبنا وذاكرتنا فهو لم يبدأ قبل يومين او عامين او حتى عشرين عاما، انه الخطاب الذي وقعه تومان وايزنهاور وهيج، وكيسنجر، وباقي السلالة، فأنا لا اذكر ان امريكا كانت ذات يوم مع العرب الا من أجل تفتيش جيوبهم وأجسادهم عن آخر خبير روسي، وكلاشنكوف.
كانت مع مصر الناصرية عام 1956 بحثا عن موطىء قدم في المنطقة، عندما كانت تكنس قشور الامبراطورية البريطانية الدرداء من هذه المنطقة.
ومن يفاجأون بأي خطاب سياسي أمريكي ينحاز لاسرائيل على هذا النحو الفاضح هم فريقان الأول لم يقرأ شيئا عن بواكير الاستشراق الامريكي في الشرق الاوسط، ولا يذكر ما سماه المستر طومسون الصبيرة مشيرا الى العقل العربي الذي يتكون من بذور، عندما تتم تنقيتها يكون قد تحول الى شيء لزج يشبه لعاب البعير.
والفريق الثاني، قد يكون مخدوعا، او خادعا لنفسه، بحيث يراهن على عدالة الامبراطور، خصوصا هؤلاء الذين تثقفوا على نعيم النعمان في يومي شقائه وسروره.
والفريقان اشبه بمن لا يدري فحصد المصيبة ومن يدري وكانت مصيبته اعظم!
فالولايات المتحدة جربت العرب الثوريين وغير الثوريين، وعرفتنا في الصيف والشتاء، وفي السراء والضراء، ان كان لنا في هذه التقاربات الرمادية "سراء"..
وانتهت الى ما انتهى اليه المستر هنري قبل ربع قرن، عندما قال امام لجنة الاربعين في الكونغرس ـ ورقم اربعين له دلالة في تراثنا الشعبي ـ ان العرب مستعدون لتقديم كل شيء بكرم حاتمي مقابل لا شيء.
وسرعان ما دونت جولدمائير الموعظة الحادية عشرة في دفترها.
ومنذ تلك اللحظة وذلك الكرم، والعرب يذبحون خيولهم وفرسانهم ايضا لاسترضاء المحتل لا الضيف.
فلماذا نتعب انفسنا ونحن نبحث عن الاذن الاخرى؟
فنحن نحصد ما زرعنا وعلينا انتظار المشمش لعل الملح الامريكي يزهر فيه!(الدستور الأردنية)