ايلاف- طارق السعدي: هاهو المغرب اليوم يخرج مرة أخرى عن صمته لتعلن وزارة خارجيته ان الرباط "تطالب بانسحاب فوري وغير مشروط للقوات الاسبانية من جزيرة ليلى". ليس هذا فحسب بل دعت مجلس الامن الى التدخل لوضع حد "للعدوان" الاسباني على هذه الجزيرة. واوضحت وزارة الخارجية المغربية في بيان نقلته وكالة الانباء المغربية ان المغرب دعا ايضا الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي.
ليس من عادة المغرب الرسمي التلفظ بعبارات عنيفة في ممارسة الشأن الدبلوماسي، لكن هذه المرة اتضح أن المغرب يريد تغيير المعطيات التي تحكم العلاقات بين البلدين.
المغرب واسبانيا علاقات جوار مترددة ومتوترة أحيانا لدرجة أن التوتر صار يحكم طبيعة العلاقات بين البلدين ولم يعد من داع للاستغراب أو الدهشة.
ويبقى الجديد اليوم في مسار العلاقات المكهربة بين البلدين بقعة أرضية ارخبيلية لم يسبق للكثير من المغاربة والاسبان أنفسهم أن عرفوا عنها أشياء كثيرة.
جزيرة "ليلى" (برخيل) لم يسمع بها من قبل الشارع المغربي على الأقل، وان كان تاريخها يعود الى عام 1415 تاريخ غزو البرتغال للجزيرة غير المأهولة والتي تقع على بعد عشرة كيلومترات قبالة ساحل المدينة، لتخضع فيما بعد مدينة سبتة المغربية لاسبانيا في عام 1581 أي بعد سنة واحدة من انهيار البرتغال لصالح بروز النجم الاستعماري الاسباني وبالتالي اعتبرت جزيرة "ليلى" جزءا من منطقة سبتة التي احتلتها أصلا.
عام 1668 أبرمت&اسبانيا "معاهدة" مع البرتغال تقضي بتنازل البرتغاليين عن "ملكية" مدينة سبتة وجزيرة "ليلى" لصالح اسبانيا طبعا.
ولم يتسن للقوات الاسبانية دخول الجزيرة-الضحية للمرة الاولى حتى عام 1797 لتستفيد فيما بعد المنطقة (منطقة جبل طارق) خلال احتلال القوات الفرنسية لاسبانيا من الحماية البريطانية.
وبعد انتهاء دواعي المهة البريطانية طالبتها السلطات الاسبانية بالجلاء عن المناطق القريبة من ترابها ليكون لها ذلك عام 1813 بل ان القوات الاسبانية نفسها غادرت المنطقة بعد نهاية حروب نابوليون.
ومخافة من فراغ استراتيجي جديد أبرمت&الدولتان الاستعماريتان فرنسا واسبانيا (1912) ميثاقا آخر لانشاء "محمية"& اسبانية في شمال المغرب ولابد من التوضيح هنا بأن الاتفاقية هذه لم يرد فيها اطلاقا ذكر جزيرة "ليلى".
مرت الأيام وحصل المغرب على استقلاله (1956) وكان من الطبيعي اعلانه لممارسته السيادة على كل أقاليمه المستقلة بما فيها الجزيرة موضوع الأزمة الحالية&التي لا تبعد عن الساحل المغربي سوى بمائتي متر وتقع في نطاق المياه الاقليمية المغربية.
واليوم حل دور توتر جديد قد تعيد طريقة التعامل معه اعادة صياغة العلاقات بين البلدين والتي أبلى الجانب الاسباني في التنقيص من سيادة جاره ومخاطبته بلغة خشبية تصل أحيانا لدرجة القدح.
تبقى الاشارة الى أن&الكاتب المغربي الطاهر بنجلون شبه العلاقات المغربية الإسبانية في مقال له بجريدة الباييس بعلاقة زوجية مضطربة. لكن محمد اليازغي العضو&البارز في اليسار المغربي والوزير بالحكومة الاشتراكية الحالية أضاف لمقولة الطاهر بنجلون بأن زواج المغرب-اسبانيا مضطرب "لا ينتهي أبدا إلي الطلاق ولله الحمد".
آمين...