واشنطن - فرنسيس تيمان: كان يأمل في ان يعاود المشي في ايلول (سبتمبر) 2002، متحديا بإصرار عجزه، ومقتنعا بأن تقدم الطب سيشفيه من اعاقته، لكن الممثل كريستوفر ريف احتفل الاربعاء بعيد ميلاده الخمسين على كرسيه المتحرك بسبب الشلل الرباعي التام الذي يضربه. ثمة "قبل" و"بعد"، في حياة هذا الذي سيبقى تجسيدا "للسوبرمان" على الشاشة الكبيرة: ففي ذاك اليوم 27 ايار/مايو 1995 رفض حصانه "ايسترن اكسبرس" تجاوز المانع الخشبي فطرحه ارضا فتحطمت اثنتان من فقرات عنقه وتمزق نخاعه الشوكي. وفي كتابه الذي يحمل عنوانا مثيرا "لا شيء مستحيلا: تأملات حول حياة جديدة" يتذكر كريستوفر ريف اليوم تلك اللحظات بقوله ان "حظوظي بالخروج حيا من عملية وصل رأسي بعمودي الفقري كانت في افضل الاحوال 50 في المائة".
وبالكاد نجا، لكنه دفع ثمنا باهظا: بات مشلولا بشكل كامل وعاجزا عن التنفس من دون مساعدة. وفي منزله الذي يبعد ساعة عن نيويورك، يتناوب الموظفون ليلا نهارا على سريره لمساعدته على القيام بأبسط الحركات البدائية للحياة. فعلى رغم طوله البالغ 93،1 مترا وفكه المربع ومنكبيه العريضتين وعينيه الزرقاوين، لم يعد كريستوفر ريف سوى ظل عملاق كان. وقد أقنعه حب زوجته الثانية بألا يقدم على الانتحار. واليوم يكتب كريستوفر ريف "بعد سبعة اعوام على الحادث وفي ذكرى عيد ميلادي الخمسين استحضر بكثير من عرفان الجميل الذي اعجز عن وصفه، تلك اللحظات حين جثت دانا على ركبتيها قرب سريري وقالت لي: + أنت ما زلت انت، وانا احبك".
وتوسلت اليه ان ينتظر سنتين قبل ان يتخذ قرار الانتحار. واليوم يقول "حدس دانا كان صحيحا. فبعد سنتين، سرني اني على قيد الحياة، ليس التزاما مني حيال الاخرين، انما لأن الحياة جميلة وتستحق ان نعيشها".
ولأنه لا بد من الاستمرار في الحياة، اختار كريستوفر ريف ان يحول المأساة الى معركة. فبدأت عملية اعادة تأهيل جسدية طويلة ومؤلمة لبث الحياة في جسده الذي لم يعد يستجيب. فهذا الذي كان قبل فترة يطير من ناطحة سحاب الى اخرى، بات مضطرا الى اعادة تعلم الحركات الاكثر بدائية: ازدراد الطعام والجلوس على كرسي متحرك والتحدث عبر جهاز التنفس. ولتجنب الضمور العضلي، يضعه الاطباء ثلاث ساعات يوميا على دراجة للتحفيز الكهربائي-الوظيفي، حيث تحرك ومضة كهربائية "ساقيه على الدواسة" بفضل اشارة كهربائية ترسل الى العضلات.
ويدعم كريستوفر ريف ايضا البحوث الطبية وأنشأ مؤسسة ريف للشلل التي جمعت 26 مليون دولار. وقد بدأ يجني ثمار سنوات من الجهود الخارقة والاصرار. فبفضل التحفيز الكهربائي للعضلات، يبدو ان بعضا من ابرز عناصر جهازه العصبي والحسي الاساسية بدأ يستعيد نشاطه. ففي فيلم وثائقي مؤثر اعده ابنه ماثيو، يمكن مشاهدة كريستوفر ريف يحرك اصابع يده اليسرى وإبهاميه. وبات كريستوفر ريف يمضي اكثر من ساعة يوميا بلا جهاز تنفس، ويبقى 16 ساعة متواصلة في كرسيه المتحرك في مقابل ست ساعات سابقا، ويميز الحار من البارد. وقال "امر رائع فعلا ان تتمكن من الاحساس حتى بأرق اللمسات".
وفي تموز/يوليو 2001، وخلال جلسته الاولى للعلاج المائي في حوض سباحة، تمكن ريف على مهل من دفع ساقه الى الامام. وقال يوم الاثنين للمذيع الاميركي لاري كينغ على شبكة سي.ان.ان "اتذكر اني قلت آمل في معادوة المشي بحلول عيد ميلادي الخمسين الذي يحل يوم الاربعاء، وتقنيا، استطيع ان اقول اني فعلت ذلك. وقد احتجت الى احد عشر شخصا لمساعدتي على الوقوف، لكني نفذت بنود العقد".
ولا يزال كريستوفر ريف الذي ينفق سنويا 400 الف دولار على علاجه، والذي ينتهي مفعول عقوده التأمينية الثلاثة في 2005، يأمل في معادوة المشي في احد الايام. لكنه مستاء من الجمهوريين والرئيس جورج بوش الذين يعرقلون، كما قال، ولأسباب دينية، البحوث المتعلقة بالخلايا الاصلية الجنينية التي تشكل املا لترميم النخاع الشوكي.& واضاف "اشعر بالغضب والاحباط. ما لم اكن اتوقعه هو نفوذ السياسة".