بيروت- لعب المسجد دورا محوريا في حياة المسلمين على مد العصور اذ باتت المساجد اثرا انسانيا وحضاريا وصروح تجذر المسلمين بوطنهم. ويفهم المسلمون اهمية المسجد من خلال القرار الاول الذي اتخذه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بعد الهجرة النبوية الى المدينة المنورة حيث كان بناء المسجد هو اللبنة او الحجر الاساس لبناء الدولة الاسلامية ذلك كان يتخذ من المسجد كل القرارات التي يريد تبليغها للناس وبالتالي قرارات الشرع الاسلامي الحنيف.
فكانت قرارات الوعظ والارشاد وقرارات الحرب والفصل بين المتخاصمين وكل القرارات الدينية والاجتماعية والسياسية والعسكرية والاقتصادية تصدر في المسجد. والمسجد هو النظام الاجتماعي الوحيد في العالم الذي يتميز به المسلمون من غيرهم من الناس ذلك ان الصلوات الخمس التي يطلب من المسلم ادائها في المسجد على قاعدة قوله الرسول الكريم ان "لا صلاة لجار المسجد الا بالمسجد" اضافة الى خطبة الجمعة التي يلقيها الخطيب بشكل اسبوعي.
وكل ذلك امور تعزز اواصر التواصل والتلاقي بين المسلمين وتوحد رؤيتهم الدينية والسياسية للامور العامة والخاصة التي تتعلق بشؤونهم الدينية وغير الدينية مما يجعل العالم الاسلامي كله في سلسلة متواصلة ومتصلة حلقاتها هي المساجد.ويقول الخطيب في مساجد بيروت الشيخ بلال الملا في لقاء خاص مع وكالة الانباء الكويتية (كونا) ان اهمية شهر رمضان المبارك تكمن في ان المسلمين يتفقدون بعضهم بعضا سواء في الافطارات او في خطب الجمعة". ويضيف "كذلك فان صلاة الجماعة في المسجد لها فضل كبير فهي تفوق صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة والمصلي في المسجد هو في بيت من بيوت الله اكرم الاكرمين وحق على المضيف ان يكرم ضيفه وكذلك مجرد الدخول الى المسجد ياخذ المسلم اجره من الله عز وجل على الاعتكاف طالما هو داخل المسجد".
اما في شهر رمضان المبارك فيقول الشيخ الملا ان "الاجر عظيم حيث المسلم معتكف وهو صائم وضيف على الله عز وجل ويصلي صلاة الجماعة ويقرأ القران الكريم ويتفقد اخوانه من المسلمين والى ما هنالك من امور نفعية تعود على المسلم بالخير في دينه لما يلقاه من الاجر ولدنياه لما يلقاه من المحبة والتعارف والواصل مع اخوانه المصلين".
ويسجل لمفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني انه صاحب عهد بناء وترميم المساجد في لبنان عموما وفي بيروت خصوصا. ونجح المفتي قباني في هذه المهمة النبيلة والشريفة لاعادة صوت المؤءذن يرتفع في الصلاة في مدينة بيروت بعد ان صمتت لفترة طويلة تحت صدى المدافع والرصاص خلال حروب الفتنة.
وركز الشيخ الملا على بناء واعادة اعمار المساجد التاريخية في وسط العاصمة بيروت حيث كانت هذه المنطقة خط تماس بين المتقاتلين وتعرضت المساجد التاريخية والاثرية فيها والتي هي اثر اسلامي وانساني حضاري عالمي لافدح الخسائر في مبانيها.&
وذكر ان المديرية العامة للاوقاف الاسلامية حرصت على بناء هذه المساجد او اعادة ترميمها على اساس الطراز والنمط الاسلامي الجميل لتثبت هوية مدينة بيروت من خلال هذه المساجد الشاهدة على عمق تجذر المسلمين في مدينة بيروت. ومن ابرز المساجد التي اعيد ترميمها في وسط العاصمة هو مسجد المجيدية الذي يعود تاريخه الى عهد العثمانيين والذي تكفل باعادة ترميمه على نفقته الخاصة محسن كويتي.
وتميز بناء مسجد المجيدية بهندسته العمرانية الاسلامية وجهز باحدث الاثاث والتنكنولوجيا الصوتية والتدفئة والتبريد واعمال الزخرفة الحديثة ذات الطابع الاسلامي المشرقي.
ويشكل هذا الانجاز الاحساني المميز الى جانب الانجازات الاخرى في منطقة الوسط الجاري لا سيما مسجد الامير عساف والامير منذر والامير منصور والمسجد العمري الكبير وهو قيد الترميم دعامة حضارة الاسلام في سواحل بلاد الشام وعمق تجذر الوجود الاسلامي والعربي في هذه المنطقة التي كانت موطن رباط المجاهدين من الصحابة والتابعين والفقهاء.
ويقول الشيخ بلال الملا ان هذا الامر اعطى بيروت اهمية مميزة في عيشها المشترك بين المسلمين وغير المسلمين ومدى سماحة الاسلام ورقيه وقبول الاخر وانتفاحه على الناس.
من جهته لاحظ مدير الشؤون الدينية بدار الفتوى الشيخ امين الكردي في تصريح لكونا ان كثيرا من المسلمين يجتهدون في العبادات في شهر رمضان المبارك فيقبلون على ارتياد المساجد لاداء الصلوات ولا سيما صلاة التراويح في صورة بهية الا انهم ينكفئون مع انكفاء رمضان.
وتوجه بالقول لهؤلاء الناس ان "الله موجود في رمضان وفي غير رمضان وفضل الله على الناس كبير في رمضان وفي غير رمضان". واضاف انه "لا يجوز لهولاء ان يعتبروا شهر رمضان موضة عبادة فيصبح الصوم موضة دارجة" محذرا من بدعة "الخيم الشيطانية المسماة ظلما وزورا وبهتانا بالخيم الرمضانية التي تسخف بمعنى عبادة الصوم التي تهذب النفس وتروض الشهوة". وراى الشيخ الكردي ان الخيم الرمضانية هي ابعد ما تكون عن معاني شهر رمضان لما تحويه من لهو ومجون وفسق وخروج عن اللياقات والادب والدين والاخلاق.
من جهة ثانية يقول احد المؤمنين بعد الصلاة في مسجد المجيدية لكونا ان الدعاء والصلاة في المسجد تنقل المؤمن الى اعلى درجات الروحانية". ويضيف ان "المسجد هو المكان الوحيد الذي يلتقي فيه المؤمنون وفي نيتهم فقط فعل الخير فهم يتبادلون الاحاديث ويتعارفون على بعضهم فيقدم المقتدرون المساعدة للمحتاجين وتزداد الروابط الاجتماعية متانة وثقة" مشددا على اهمية دور امام المسجد في توجيه هذه العلاقات وفق الشريعة الاسلامية الصافية بما يعمم مفاهيم المفاهيم والثقافة الاسلامية.
التعليقات