&
"الى أين من هنا؟" عبارة قد لا تكون مفهومة للوهلة الاولى، لكنها قد تعبر بغموضها عن واقع تطور الاقتصاد الكويتي في العام 2002 وآفاق نموه في العام 2003. "من هنا" تعني من هذه اللحظة التي اصطلح على ان تكون محطة جردة حساب، والمحطة تقليدية عادة وهي نهاية عام وبداية آخر. "الى اين"؟ تعني اتجاه المسار من هذا المفترق: الى الوراء در، الى الامام سر، او راوح مكانك.
تستعرض "القبس" في حلقات متتالية ما آلت اليه اوضاع بعض ابرز القطاعات الاقتصادية: التجارة، المالية، البورصة، المصارف، التأمين، الخدمات فضلا عن الاتصالات والصناعة وغيرها من القطاعات الرافدة للناتج القومي، الى جانب النفط طبعا وهو المورد الاساس.
الى اين من هنا عبارة قد تكون اسهل فهما من فهم تطور بعض القطاعات الاقتصادية الكويتية التي ظهر من خلال استعراض ابرز نتائجها في عام 2002 وابرز تحدياتها في عام 2003، انها عرفت انتكاسات ثم فورات كما هي الحال في البورصة (!) اخفاقات ونجاحات كما هي الحال في التجارة والمالية، ارباكات وانفراجات وانفجارات كما هي الحال في النفط.
لاشك في ان عام 2002 موسوم بارتفاع اسعار النفط، وبالتالي فان ذلك لابد منعكس على القطاعات الاخرى، كما هو موسوم بارتفاع مؤشر بورصة الكويت بما يزيد على 39%، وباشتداد المنافسة بين المصارف على الخدمات والمنتجات ولاسيما ذات التقنية العالية منها، وبتكسير الاسعار في قطاع الاتصالات والانترنت الذي شهد طرح خدمات ليست ببال، وهناك فورة الاستثمارات الفندقية وازمة المنطقة التجارية الحرة واستراتيجية النفط الجديدة.
اما العام 2003 فسيكون مجبولا بارهاصات الاوضاع في المنطقة وما ستؤول اليه الازمة في العراق فضلا بدء تجربة الاتحاد الجمركي الخليجي.
وان كنا ننسى فلن ننسى: هناك الانتخابات النيابية وما يرافقها من مؤثرات صوت وصورة على كل مجريات الامور.

بريق البنك المركزي يسطع في سماء 2002
انخفاض الفائدة يرفع ضغط المصارف في العام الـجديد

كتب رأفت توما:
كان بنك الكويت المركزي النجم الأبرز في القطاع المصرفي في الكويت خلال 2002، وخصوصاً ان هذا العام شهد وللمرة الأولى ثمانية تخفيضات في أسعار الفائدة، والتوقعات تشير الى ان هناك تخفيضاً اضافياً مقبلاً في بدايات العام المقبل بعد قرار ربط الدينار الكويتي بالدولار الأميركي.
ومن المتوقع ان يتزايد "بريق" البنك المركزي في عام 2003 مع إقرار مجلس الأمة مشروع تعديل القانون رقم 32 لسنة 1968 في شأن النقد وبنك الكويت المركزي وتنظيم المهنة المصرفية، بالاضافة الى السماح بفتح بنوك اسلامية جديدة وفتح وحدات تعمل وفق احكام الشريعة الاسلامية في البنوك التقليدية.
وتتوقع البنوك المحلية حدوث عدد من التطورات عام 2003، التي سيكون لها تأثيرها المباشر على النشاط المصرفي الكويتي ومنها:
> قرار البنك المركزي رفع الضمان عن الودائع لدى البنوك المحلية، حيث كان محافظ البنك المركزي الشيخ سالم عبدالعزيز الصباح قد أعلن ان البنك المركزي سبق ان قرر مرتين خلال 2001 رفع الضمان عن الودائع في البنوك المحلية لكن الظروف والتطورات حالت دون تنفيذه قراره.
> السماح للبنوك المحلية التقليدية بتقديم الخدمات المصرفية الاسلامية، سواء من خلال السماح لها مباشرة بفتح نوافذ أو وحدات اسلامية وليس بنوكاً مستقلة، أو تأسيس مصارف إسلامية مستقلة.
وقد بدأ عدد من المصارف المحلية الاستعدادات التي تمثلت في الاتصال بهيئات شرعية من اجل الرقابة على المنتجات الاسلامية التي تنوي طرحها، بالاضافة الى توفــير دورات تــدريـبية لبـــعض الموظــفين تتــعلق بالعمل المصرفي الاسلامي وغيرها، فيما سعت بنوك أخرى الى اجراء اتصالات مع شركات تعمل وفق أحكام الشريعة الاسلامية من أجل تحالفات جديدة في تقديم الخدمات.
> قانون مكافحة غسل الأموال وهو قانون تستدعي الظروف العالمية بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر الإسراع في إنجازه وإقراره. وكان البنك المركزي والبنوك المحلية قد أعلنت في أكثر من مناسبة انها نظيفة من العمليات المشبوهة وهو ما أثبتته زيارات قامت بها العديد من الجهات الرقابية الأجنبية.

دعوة للتسريع
وتتطلع البنوك المحلية الى الانتهاء من المشاريع سابقة الذكر بالسرعة الممكنة، مطالبة مجلس الامة بالاسراع في انجاز مشاريع القوانين ذات الشأن الاقتصادي وعدم تأخيرها، خصوصا رفع الضمان عن الودائع في البنوك المحلية، والسماح للبنوك التقليدية بتقديم الخدمات المصرفية الاسلامية، وتؤكد البيانات المالية للبنوك ملاءتها المالية وقدرتها على المنافسة محليا او مع دخول بنوك اجنبية الى السوق المحلي.
وبلغت الاصول المجمعة للبنوك في الكويت في نوفمبر الماضي 892.16 مليار دينار (24.56 مليار دولار).
ومن الانجازات التي قام بها بنك الكويت المركزي على صعيد البنوك تدخله في نهاية نوفمبر الماضـي فيما يتعلق بخطوط الائتمان الخارجية اثر ارتفاع وتيرة احتمال توجيه ضربة عسكرية للعراق وطمأنته البنوك المحلية باستمرار جعل هذه الخطوط بالاسعار العالمية دون زيادة في اسعار الفائدة او علاوة مخاطر الحرب كما اشيع.

خطط البنوك
من جهتها، استعدت البنوك المحلية واعدت خططا تسويقية متنوعة من اجل العام الجديد تستهدف القطاعات الحكومية والخاصة، بالاضافة الى الافراد من اجل طرح عدد من الخدمات المصرفية الجديدة، اهمها:
- تطوير الخدمات المتعلقة بتسهيل عمليات الدفع الالكتروني وما يرتبط بها من خدمات مساندة وطرح اجهزة جديدة مربوطة بالبنوك وتدشين خدمات دفع من خلال بطاقات السحب الآلي او بطاقات الائتمان.
- طرح حسابات جديدة تستهدف شرائح جديدة من العملاء مثل الطلبة.
- تطوير في تسويق الخدمات الجديدة من خلال دورات تدريبية للموظفين حيث بدأ بالفعل عدد من البنوك بالتعاقد من اجل تنظيم دورات تدريبية جديدة.
ومن المواضيع التي شهدها القطاع المصرفي خلال عام 2002 وهو ما لم يتم حسمه حتى الآن، موضوع تحويل اصدار الشيك بدون رصيد الى جنحة بدلا من جناية، اذ ان معظم البنوك غير موافقة على اجراء هذا التغيير في القانون خوفا من فوضى قد تعم القطاع المصرفي في هذه الحالة تفقد الشيك قيمته كأداة وفاء.

مخاوف
وتتخوف البنوك حاليا من اقرار خفض جديد في اسعار الفائدة على الدينار الكويتي، وما يحمله مثل هذا القرار من احتمال حدوث تضخم قد يتحول الى ازمة في المجالين الوحيدين للاستثمار في البلاد، وهما سوق الكويت للاوراق المالية (البورصة) بشكل رئيسي وقطاع العقار بدرجة اقل، بالاضافة الى الصعوبات التي قد تبدأ في الظهور في تحقيق الارباح بسبب الخفض الكبير في اسعار الفائدة حيث ان آثار هذا الخفض ستبدأ في الظهور اعتبارا من ميزانية العام الجديد.

خدمات جديدة
من جهتها طرحت البنوك المحلية عدداً من الخدمات المصرفية الجديدة خلال عام 2002 ومن اهمها:
> ادارة عمليات اصدار سندات لصالح شركات كويتية مستفيدة من انخفاض اسعار الفوائد على الودائع.
> التداول في الاسواق المالية العالمية عبر شبكة الانترنت.
> الخدمات الخاصة ببطاقات الدفع المسبق.
> طرح حسابات جديدة سواء للأطفال او الطلبة او فئات اخرى في المجتمع.
> طرح الاكتتاب في صناديق استثمارية موجهة للاستثمار في سوق الكويت للاوراق المالية.
> إقامة مهرجانات مصاحبة بخصومات مع محلات التجزئة الرئيسية.
> المشاركة في المؤتمرات الاقتصادية.
> طرح اشكال جديدة من القروض والتوسع في هذه الخدمة.
> الاستمرار في الحسابات التي تم فيها اجراء سحوبات نقدية.
> تشجيع العملاء على استخدام البطاقات الائتمانية وبطاقات السحب الالكتروني بدلاً من السيولة.

صراع "الأوسط"

من ابرز ما شهده القطاع المصرفي خلال عام 2002 هو قيام الهيئة العامة للاستثمار بطرح 300 مليون سهم من ملكيتها في بنك الكويت والشرق الاوسط للاكتتاب العام بسعر 311 فلساً للسهم الواحد وما تبعه من صراع بين تحالفين رئىسيين هما مجموعة "الاهلي المتحد" ومجموعة "المشاريع"، حيث برز هذا الصراع بدرجة رئيسية في اجتماع الجمعية العمومية للبنك وما تلاه من عرض تقدمت به "المشاريع" بشراء حصة الطرف الثاني، حيث تمت مفاوضات بين الجانبين اعلن عن فشلها مؤخراً.

تعديل القانون لتحرير السوق أبرز تحـديات عـام 2003

كان مجلس الامة قد ناقش مشروع القانون الوارد من الحكومة بشأن تعديل بعض احكام قانون البنك المركزي والتي يهدف تعديلها الى:
> تعزيز قدرة البنك المركزي في مجال الرقابة المجمعة على الفروع والشركات الخارجية التابعة للبنوك الكويتية.
> مواكبة مرحلة تحرير الخدمات المالية والتمشي مع التزامات اتفاقية "الغات" وما يتطلبه ذلك من الغاء القيود التشريعية على دخول البنوك الاجنبية الى السوق المحلي وبما يسمح في الوقت نفسه للبنوك الوطنية الخليجية بفتح فروع لها في دول الخليج.
> توسيع مجال عمل ومسؤولية مراقبي الحسابات في البنوك من اجل دعم الدور الرقابي للبنك المركزي على البنوك.
> ايجاد سند تشريعي لحماية سرية المهنة المصرفية في الكويت.
وقد وافقت اللجنة المالية والاقتصادية في مجلس الامة على المشروع مع اجراء تعديلات عليه.

==
صندوق المقاصة والدعوة لتحديد مصادر الارباح ابرز انجازات 2002
البورصة تتشابك
مع الـجهات الـحكومية وتصطدم بأداء
شركات الوساطة
استطاعت سوق الكويت للأوراق المالية (البورصة) تحقيق العديد من المطالبات التي كان المتعاملون في البورصة يطلبون إقرارها وتنفيذها خلال عام 2002، بما يحقق المزيد من الشفافية بما لا يضر بمصالح الآخرين، فيما لا يزال هناك الكثير ما زال مطلوبا من إدارة البورصة من اجل زيادة قاعدة المتعاملين والشركات المدرجة.
ومن المطالبات التي تجاوبت معها إدارة السوق، إجراء تعديلات على مؤشر البورصة بحيث لا يتأثر بالتوزيعات النقدية فأقرت المؤشر الوزني إلى جانب المؤشر السعري، كما تم البدء بإجراء عمليات تطوير لنظام الحاسب الآلي بهدف مواكبة احدث التقنيات ونظم وبرامج التداول، حيث شكلت لجنة لدراسة متطلبات السوق الحالية والمستقبلية كما قامت بإيفاد موظفين متخصصين إلى عدد من البورصات للاطلاع على احدث الأنظمة وبرامج التداول المستخدمة.
وكانت لجنة سوق الكويت للأوراق المالية أقرت عدداً من المواضيع المهمة، منها:
> تأسيس صندوق ضمان عمليات المقاصة ونظام الإقراض التابع له.
> تشكيل عدد من اللجان الفرعية مثل لجنة التحكيم ولجنة التأديب الاستثنائي ولجنة الميزانية ولجنة الشركات.
> مطالبة الشركات المدرجة في البورصة بالإعلان عن مصادر أرباحها وتوزيعاتها السنوية.
ومن المواضيع ذات العلاقة بالبورصة والاستثمار فان ابرز ما تميزت به بورصة الكويت دخول عدد من الصناديق الاستثمارية إلى السوق، وهو الأمر الذي حفظ السوق من استمرار التراجع في مؤشره وحقق جانبا من التوازن المطلوب وكانت الصناديق الاستثمارية ثمرة التعاون بين كل من بورصة الكويت وبنك الكويت المركزي ووزارة التجارة والصناعة. وتقدر أوساط مالية أن رؤوس أموال الصناديق التي دخلت إلى البورصة في 2002 تزيد على 500 مليون دينار.
من جهة ثانية تواجه إدارة سوق الكويت للأوراق المالية مجموعة من التحديات أهمها:
> استمرار إيقاف اسهم عدد من الشركات عن التداول، خصوصا أن بعضها موقوف منذ سنوات.
> تجاهل وزارة التجارة والصناعة دور ومسؤوليات إدارة البورصة في العديد من الموضوعات وآخرها ما تعلق بتحديد موعد لشركة المستثمر الدولي بعقد جمعية عمومية قبل أن توافق إدارة السوق على البيانات المالية للشركة.
> مزيد من الرقابة على أداء الصناديق الاستثمارية في البورصة، خصوصا بعد أن حامت حول بعضها شبهات تعاملات تنفيعية.
> فك التشابك بين البورصة وعدد من الجهات المرتبطة بها ومنها وزارة التجارة والصناعة.
> الانتهاء من إقرار بعض القوانين مثل تعديل قانون الشركات، وهو ما يتطلب من البورصة الالتفات إلى بعض الأمور المرتبطة ومنها السماح للشركات المساهمة بتوزيع الأرباح اكثر من مرة سنويا وشروط مثل هذه التوزيعات وتجزئة الأسهم خصوصا عند صعودها اكثر من دينار واحد.
> إعادة النظر في أداء شركات الوساطة وتطويرها نحو الأفضل بإضافة اختصاصات جديدة لها.
> إدخال أدوات استثمارية جديدة إلى السوق خصوصا أن هناك شركات قدمت طلبات بهذا الخصوص إلى إدارة السوق.
> تسويق سوق الكويت للأوراق المالية بحيث يتم استقطاب المزيد من الاستثمار الأجنبي، إذ أن عدد المستثمرين الأجانب في البورصة لا يزال قليلا إذا ما قورن بعوائده المجزية مقارنة بالأسواق المجاورة.
ويساهم تعديل قانون الشركات بالذات في ترشيد واستقرار السوق ويحدد العلاقة بين المساهمين والشركاء في الشركات المساهمة ودور الجمعيات العمومية والرقابة الحكومية عليها.
وبالنسبة لصندوق ضمان عمليات المقاصة ونظام الإقراض التابع له، فان هذا الصندوق يساهم في معالجة عمليات الاخفاقات التي تتم خلال التداول حيث يتحمل الصندوق الفروقات التي تحدث في بعض الأحيان نتيجة أخطاء غير مقصودة من الوسيط أو العميل سواء كانت أخطاء نقدية أو اسهما وهذا يخفف من الأعباء على شركات الوساطة التي تتحمل حاليا مثل هذه الفروقات.
وعلى صعيد المشاكل بين عدد من الشركات أو المساهمين والتي ظهرت مؤخرا فإنها تستدعي أهمية التدخل السريع والتعاون المشترك بين مجلس الأمة والحكومة للبت في كثير من القوانين والقرارات التي ما زالت معلقة مثل تعديل قانون الشركات التجارية ورفع الضمان الحكومي عن الودائع في البنوك المحلية وقانون الخصخصة وقانون الضريبة لما لاقرار مثل هذه القوانين والقرارات من آثار إيجابية بعيدة المدى على الاقتصاد الوطني.